الخميس ٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم سعيد مقدم أبو شروق

​أم غائب

ضافتنا ضحى، استقبلناها بحفاوة: أهلا وسهلا، أهلا ومرحبا، كل الترحيب.

وقدمنا لها إفطار الضحى: بيض مقلي، بصل، خبز حار، وشاي مخدر على جمر (كما طلبت هي).

تعيش وحيدة، زوجها توفي منذ خمس سنوات؛ ولم تثمر حياتهما المشتركة طيلة ستين سنة ولدا أم بنتا.

تزوج عليها بعد ثلاث سنين من زواجهما ظانا أنه سوف يُخلّف؛ ...ولم يخلف! وتبين أن التقصير منه.

ولشدة بخله طلبت امرأته الثانية الطلاق وفرت من سجنه الضنك.

وتحملته الأولى بحلاوته ومرارته – وأغلبها مرارة – أكثر من ستين سنة.

صبت لها أم شروق فنجانا من الشاي؛ فرغته في صحن الفنجان ثم نفخته مرتين وبدأت ترتشفه ببطء.

وضعت الفنجان في الصحن ودفعته نحو أم شروق وهي تهمس بكلمات شكر وامتنان.

ثم نظرت نحو السماء وتأوهت قائلة:

الله يرحمه؛ كنت إذا أكثرت الشاي نهرني بلسانه الجارح:

(أم غائب ما تشبع شاي)!

أي إنها شرّابة شاي، لا يرويها قليله؛ ولهذا تكثر منه.

ثم ابتسمت ومسحت خديها وتابعت:

وإذا قللته نهرني ثانية:

(أم غائب تقلل الشاي عمدا حتى يتفطر القوري1 من حرارة الجمر).

ولكني كنت أتحمله ...

ثم دمعت عيناها وهزت رأسها وتابعت بمرارة:

ليته حيّ؛ الوحدة صعبة ...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى