الاثنين ٢٣ آذار (مارس) ٢٠١٥
بين مخيمات الشتات وغزة:

تباعدت المسافات و«قوارب الموت» واحدة!

هبة الجنداوي

معاناةٌ، موتٌ، فقر، لجوء، إبعاد، قهر.. جميعها كلماتٌ كُتبَت باللون القاتم في قاموس الشعب الفلسطيني منذ النكبة وحتى الآن. شعبٌ ذاق من المرّ علقمه، ومن الأيام أقساها، ليتحوّل الحاضر إلى ماضٍ عنوانه النكبة، والمستقبل يراه حاضراً لا يتغيّر بتفاصيله القاسية التي وُلدت معه ولم تفارقه! لكن الأيام استطاعت أن تضيف إلى ذلك القاموس كلمات ومفردات جديدة مستوحاةً من واقعه الإنساني الغارق في محيطات البؤس والمعاناة.

واقع يتشارك الألم

واقع مأساوي أغرق الفلسطينيّ ليس فقط في خضم البؤس والمعاناة، بل كان أيضاً سبباً في أن ابتلعتهم البحار في أعماقها. فمأساة غرق مئات المهاجرين الفلسطينيين في قوارب الموت تتكرّر باستمرار من غزة إلى مخيمات اللاجئين في لبنان وسورية.

فبعد أن غرق لاجِئيْن فلسطينيّين في قاربٍ كان يحمل عدداً من اللاجئين الأسبوع الماضي قرب السواحل الإيطالية، ها هي المأساة ذاتها تتكرّر اليوم لتودي بحياة 15 غزياً بينهم أطفال، كانوا على متن قارب انطلق من الشواطئ الليبية نحو أوروبا، وكان على متن القارب 65 فلسطينياً من غزة. حوادثٌ تتشابه في طريقة الموت من خلال قارب حمل اسم هذا الأخير، وتتشابه في الدوافع التي حملت ذلك الفلسطينيّ على خلع رداء الخوف، والخوض في مغامرة مرعبة مميتة..
ففقدان الحياة في مخيمات اللجوء، والفاقة إلى الحياة الكريمة، البطالة، حصار غزة الخانق، ثلاث حروب، تشرّد مئات العائلات، الدمار، إغلاق المعابر، الحاجة إلى الاستقرار... كل ذلك كان كفيلاً بأن يدفع الفلسطينيّ إلى اتخاذ قرارٍ مصيريّ في أن يتحدّى نفسه والبحار، ويجوبها عبر قارب صغيرٍ يتمايل من حجم راكبيه وهمومهم، ليصل به إلى شطّ الحياة حيث الإستقرار والأمان!

أرقام تتحدث عن نفسها

على الرغم من غرق العديد من القوارب على تلك الشواطئ نفسها، إلّا أنّ هذه الطريقة في الهجرة ما زالت هي الحل عند الكثير من الفلسطينيين، كما أنّ الوضع الإنساني والأمني المتفاقم لم يستطِع إلاّ أن يُغذّي فكرة البحث عن حياة أفضل.. فقد ارتفعت معدّلات البطالة في غزة إلى نحو 65% لتقع آلاف العائلات الفلسطينية فريسةً للفقر والعوز.

كذلك الأمر بالنسبة لواقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. حيث بلغت نسبة البطالة بين الشباب نحو 56%، كما أنّ 66.7% يعانون من الفقر و7.9% يعانون من الفقر المدقع. وما يزيد من مرارة الوضع هو عدم الإستقرار الأمني في المخيّمات، والإكتظاظ السكّاني الكبير بسبب النزوح السوري إلى المخيمات.

سيظل أولئك الشباب، الذين تآمرت عليهم المعاناة وأمواج البحر العاتية، شاهداً على سوء الأحوال التي يعيشها الفلسطينيّ في كلّ مكان. كذلك ستبقى عائلة الخضير التي غرق 7 من أفرادها شاهداً آخر على "البؤس والحصار وعدم الاستقرار".

هبة الجنداوي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى