الخميس ٢٦ آذار (مارس) ٢٠١٥
بقلم عبد الجبار الحمدي

من يحتضن عمري...

قصاصة كتبتها ثم ألقت بها على طاولة اللقاء... لم أعلم ماذا كانت تقصد بعبارتها تلك!؟ لقد كانت علاقتي بها طبيعية جدا، خالية من مشاعر الحب جمعتنا الصداقة لا أكثر ولا أقل، رغم ان الكثير يقول لا توجد صداقة خالية من إن بين رجل وإمرأة، لكن هذا بالضبط ما بيني وبينها ، كثيرا ما سحبتنا المشاعر الى بحور امنيات النصف الآخر كل كما يحب ان يكون او يتمنى، ساعات كثيرة لاشك بل طوال امتصنا الوقت فيها حتى جفت ونضبت الجمل من تحريكها أو جرها الى حديث جديد ... هكذا كنا نجلس نشرب الشاي او العصير، نبحث بالبعيد الذي يقطن امامنا بآفاق سرمده اللامتناهي وهو يحتضن شمس الغروب دون مقاييس او مشاعر غير أنه يعكسها دافئة تلفح بوهج حنوه ضربا على اوتار تهتز ولها وآه طويلة لروعة المنظر... كأن من يراها يطير مع الطيور البعيدة تلك التي تحوم نحو الأفق منجذبة نحو الحياة وهي تتهادى بتؤدة مرفرفة بجناحيها لوحة الوداع للناظر من بعيد....

يا الله!!! ربما في تلك المرة حين غرقت في بطن عالم كنت اشعر اني اتلمسه يدخل الى شغاف قلبي خلسة ...ودون شعور مددت يدي لأجدني امسك يدها بقوة ولولا رعشة تيار كهربائي سرى في جسدي وجسدها ما فككت يدي ... اتذكر اني ضحكت على ما حدث وكذلك هي... لكني شعرت بهزة عميقة تجرف كل ما كان لتضع نبتة لم اعلم ما هي؟؟؟ غريب أحساسها بعض الشيء لكني ألفتها مفردات جميلة وهي تكبر بوريقات تورد ساعة إلقاء بيوت شعر هنا وهناك... جياشة مع الوجع، غير اني تعودت على ذلك فقد برمجت حياتي وأظن حياتها على ترك كل المشاعر بعيدا تلك التي تجرح وتدمي وغالبا ما تسقم الروح...

حاولت تجاهل الأمر في داخلي حين ألتقيها ولا أعرج على ما يجول بداخلي إزاءها، لا يمكنني ان اصيغ عبارات جديدة وقد كشفت معاجم قواميسي كلها وما حفظت شعرا سواء التي قرأت او تلك التي اكتب... بتنا لبعضنا البعض وريقات بسطور مكشوفة ما ان ألتقي عيناها حتى أقرأ ما فيها ... وهي كذلك، لكن بعد تلك الحادثة وجدت أنها تحذر من الخوض بأي حديث يشجي او يمس المشاعر ، احترمت رغبتها مرات ومرات، لكن نفسي أخذت تهمس لي بقوافي عشق بمفردات جديدة أجدني أتلذذ بقولها ولكن لها وحدها.... حتى هذه اللحظات شعرت أنها تتحاشاها من خلال تغيبها عن اللقاء بي والتعذر بحجج اعلم أنها غير حقيقية... فسلمت أمري لما تريده واقعا ونسيت ذلك البُرعم الذي حاول ان ينمو بداخل قلبي فأقتلعته... هكذا ظننت
كان ذلك منذ عدة أشهر بل أكثر من أشهر معدودات ... تغير الكثير من الامور بيني وبينها فما عدت ألتقيها كما السابق، وغالبا ايضا ما كنت أقضي وقتي بالجلوس وحيدا ... وحيدا ...وحيد

وحتى في بعض من المرات كنت أجدها قبلي تقرأ او تكتب وقد غلب عليها عالم من الغروب يحويه دفىء أشعر به ونسيم يرمي بنسائم تحمل عبق وعطر انفاسها ورائحة المشاعر التي تكتب ... عالم متكور حولها يحتويها وتحتويه... ، اطرق باب التحية، حتى يتلاشى كل الوهج ... أراها مرتبكة لا تستطيع السيطرة على الوهج الذي يخرج من وجهها كألوان قوس قزح... فأجدها ما ان تعرج علي بجملة او أثنتين حتى تنظر الى ساعة يدها قائلة: لقد تأخرت فاسمح لي يا صديقي.... باهتا أجدني حتى في الرد عليها، لكنها المرة الأولى التي استمتع بسماع كلمة يا صديقي وهي تخرج من فمها كسمفونية بحيرة البجع وتلك البجعات وهي تتراقص بأفق الغروب الممتد الى حيث ألتقيها هناك...

كانت يدي قد وطأت فوق قلبي وهي تؤشر دون شعور... متسائلا لحظتها ؟؟ هل يمكن ان تحبني؟؟؟ ام أن ذلك مستحيل؟ تساؤلات كثيرة ماجت في نفسي حولها، لكني اتذكر دائما اننا اصدقاء فقط... يا لها من فقط قبيحة جعلتني اقف جامدا في مربع لا يمكنني ان احيد عن اضلاعه المتساوية ولو كان غير ذلك لربما خرجت...
نسيت نفسي ، غزلت من خيوط وهج الشمس احجيات ، جلست وحيدا اعيد فك طلاسم تركيب مفرداتها، حلا لللغز الذي بات يلتفني كخيوط العنكبوت، تارة ادفع به فيتمزق وتارة اعجز عن ذلك.... غير أني كنت قررت البوح لها بمشاعري التي لا يمكن ان اخبأها اكثر من ذلك او أخفيها، خاصة بعد ان فضحتني بعيون من يراني حين تكون بقربي او تعرج علي بحكم الصداقة...

طلبت منها أن ألتقيها... كانت في باديء الامر تلقي بحجج واهية، لكني اخبرتها بأني اريد أخذ رأيها بموضوع مهم بعد ان التقيت إمرأة ربما اسعى لمشاركتها ايام عمري... وجدتها تقفز وهي تقول: سأكون في الموعد انتظرك، وبالفعل كانت بعد ان لا حظت عليها القلق وهي تتلفت ذات اليمين واليسار تبحث عني... سخرت بلذة من منظرها وتعمدت ان اتأخر بضعة ثوان، كان قلقها لا يوصف كأني أراها ستجن...

جلست قبالتها وقد تفتقت اوداجها احمرارا بحنق وغيرة.... وسرعان ما ألقت علي السؤال : من هي تلك المرأة التي جذبت انتباهك وحركت مشاعرك وعزمت الارتباط بها؟ ولماذا لم تخبرني وكنت قريبة منك .... متلعثمة كصديقة مقربة؟ أم تراك نسيت!!؟

لا ابدا لكني وجدتك قد ابتعدت او هكذا بدت لي تصرفاتك وقد دلت على ذلك، فما ان التقيك وأجلس الى قربك حتى تتحججين بعذر يدعوك للمغادرة... تكرر ذلك منك لأكثر من مرة، فشعرت بأني بت عبئا عليك وقلت ربما تريد الخلوة بنفسها أو أن هناك من دخل حياتها ولا تريد البوح لي عنه... فابتعدت واحتضنت برعم ولج قلبي فجأة وشعرت أن عمري أخذ يكسوه رونق المشاعر التي اورقت بألوان وعطر لم اشم مثل عبقه من قبل... فرميت بنفسي إليه... حاولت استمالتك للإحساس به او على الأقل مشاركتي لكنك ... ابتعدت

لذا جهدت ان أرعاه بحنو ما أملك من تأوهات، أهدهده بها ليهجع وينام ليستقر قلبي، صدقيني حاولت ان أتلافى السهر او السهد لكن محاولاتي باءت بالفشل، لذا قررت ان ابوح لها بمشاعري ومصارحتها بحبي وجنوني بها، لذا طلبت منك ان تساعديني في ايجاد وسيلة تمكنني من البوح إليها كونك إمرأة ... ارجوك اخبريني كيف ابوح لها بأن تحتضن ما بقي من أيام عمري...

كانت هي تلاحق المفردات وهي تخرج من فمه تتلقفها عذوبة وشغفا، لم يسعفها لهاثها وقد تهالكت اعصابها ووهنت، رغم ان أصابع يدها تمسك بالقلم على الورق كأنها تريد ان تقدم على وسيلة للقضاء على تلك التي يحب.... متناسيا فورة مشاعرها التي أثارت براكين مسامات جسدها بعد ان استوقفتها عبارة قالها(كيف ابوح لها بأن تحتضن ما بقي من أيام عمري) بعد ان كتبتها بعصبية وجرت تحتها عدة خطوط ثم كتبت له ...

وأنا من يحتضن عمري.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى