الأربعاء ٢٢ نيسان (أبريل) ٢٠١٥

قراءة في قصة المطربش الجديد شارلي

محمد المياحي

حُبلى هي ايامه، فمنذ سنين تاه العد فيها اخصيت حياته بغير شرعية او رضا، لم يعتد الخروج منذ زمن بعيد، فما كان منه إلا ان لبس خمارا غطى به سوءته التي وصمت عارا عليه، كونه يحمل فكرا تحرريا، أمسك كل مقتطفات اقاويل الهجاء والذم رفات، طرز بها كفنه الذي حمله على كفيه، عارضا ذاك الابن المحرم دية لمسوغات براءة، أشتدت به النوائب عصابة رأس، لفها بقوة خوف اخراج اسباب لعنته تلك، فما زالت تلوط الألسن النازحة بأبكار الحياة شراسة، دون النظر اليها، هكذا بررت بِمُسوِغات المتغيرات، فما كان منه إلا ان لبس عباءة الماضي غطاءً لعيوب حديثة، سكن في أسطح منسية، لثمت الرطوبة كل جدران مسكنه قبل حياته، إلا ما أحتفط به رمزا لزمن ولى... الطربوش؟؟ ذاك الذي احتل المساحة الاكبر من رأسه وحياته، فتراه لا ينفك يزدان زهوا متى ما أراد ن يلبسه لكأنه تاج لأبن حرام. وفي ذات يوم ودون تردد او تخطيط مسبق، لبس سترته بعد ان خاط فتقها من تحت الابطين لأكثر من مرة، وما أن عمد الى لبسها حتى استقام ظهره رغما عنه، كأنها قولبته ليكون بتلك الهيئة، شعر بضيقها، لكن ما باليد من حيلة فهي كل ما يملكه، أما القميص فقد ترنح سكرا من التصاقه بجسد ذو شعر كثيف عميت مساماته منذ فترة عن رؤية ماء لغسلها، لم يأبه لذلك كثيرا، ولا لرائحة ابطيه التي اعتاد فركها ببعض ورود القرنفل الذي يأخذه خلسة من باعة الورد العجوز، تلك التي رَكنت نفسها عند باب مدخل العمارة التي يقطن فيها، لا يرى شكله حين يلبس في المرآة، بل لا يلبس الطربوش إلا حين ينسل نازلا الى محل الحلاق الذي ينزوي في نفس الزقاق، كعادته يمسك السلم بحذر فقد تهرئت درجاته كأسنان شيخ هرم، لا يعلم متى تسقط، اما الجدران فقد اصابها التهاب مزمن من رطوبة فاحت رائحة الموت منها، كان يُمني نفسه أنه شارلي جابلن زمانه، فهو لا يختلف عن تلك الشخصية التي غرزت الانتقاد على كل الفوارق سهاما، غالبا ما ترتد على صاحبها فتقتله لوما او تقريعا، نزل بعد ان علق عصا يده بواحدة واتكأ على الحائط بالاخرى حتى تنشق هواء الزقاق الذي لا يفرق عن رائحة جسده، كأن العالم العلوي يلقي زفيره المنتن إلى ذلك الزقاق، تاركا كل روائح الفساد الادمي تهاجر من عوالمها لتسكن مقبرة الاحياء الفقيرة، توجه الى دكان الحلاق، دخل دون ان يعير لصاحبه اي اهتمام، بالمثل عامله الحلاق، فهو معتاد على من هم بوصفه ذلك منذ ان حلق له ذقنه، لا يعلم منذ متى؟ أمسك بالطربوش نفخ عليه وتذكر رائحة اسنانه، سارع الى فركه بكم سترته مداعبا كركوشته السوداء، والتي احزنته ساعة تساؤل!! لما هي سوداء وليست حمراء مثل لون الطربوش... لا يدري!!؟ لم يكلف نفسه قط.. السؤال، مخافة نعته بالجهل بما يلبس، وضعه على رأسه بحذر كأنه يوزنه بميلان وزاوية هو يراها تعكس شخصيته، وما أن يضعه حتى يتقمص الحياة .. كل الحياة بوابة داعرة لا يدخلها إلا من لبس الزيف وجها كطربوشه، بلل سبابته من لسان لحس الأزمات شواذا عامة، سرح بها شاربه وحاجبيه، زرر سترته بذلك الزر الوحيد المتبرم من عروة ضيقة تخنق مجرى تنفسه، خرج ممسكا بعصاه التي أصابه السل عمرا كئيبا فأمست كقلم رصاص أجوف بالكاد يكتب حروف ذات معنى، شرع بالسير إلى عالم الانفتاح الجديد وهو يلبس عنوانا قديم، فكان كمن يسمع أسطوانة مشروخة، لا تفهم معاني المفردات التي تغنى بصوت تحشرجت صعودا ونزولا من ابرة في ذراع معوجة، وما أن شعر بتسارع الذباب يتجمع عليه، حتى اخرج مقشته ضاربا تجمعها، مفرقا من شمت روائح أَلِفتها خلال تنقلها على بقايا نفايات، أطل العالم الجديد الصاخب بكل معنى الكلمة، فراح لا يميز أي متاهة دخل فيها، فكل ما يراه يلبس طرابيش متغيرات العالم الحديث، حتى القديم جدد وأصبح عالما من الموضة، يا الله ما الذي أراه؟؟ كيف سمحت لنفسي ان اعيش في محيط لا يتعدى حواسي الخمس، إن هذا العالم لكبير، كيف لي ان أدخل مسالكه؟ لابد أني سأتيه في صخبه ودوي انفاسه، تطلع نحو السماء فوجدها غير تلك التي يراها من نافذه مسكنه، فبالكاد كانت تُهمش على انتقادته متى ما أرقه شيطان اللغو، كان لهيئته أثرا بارزا سرعان ما أنعكس على تعليقات سارع بها من يراه مستهزءا بشكله، سار ببط مبتعدا عن الارتطام بأحدهم، خوفا من اسقاط طربوشه، سار حتى وصل الى ركن في تقاطع شوارع، لفتت انتباهه تلك الأعلانات التي تسوق دلالات مستحضرات تجميل، وقبعات ملونة تلبس فوق وجوه مستعارة، والاخرى تُرَغِبك في اقتناء رفاهية مع قلة جهد في عمل، والكثير منها تمجيد لاشخاص رغبوا ان يكونوا اصحاب مناصب، أخذ يدور في مكانه لعدة مرات، فقط ليتسنى له ان يلم بما يراه من عناوين وشعارات، لكن قدميه خارت ارتعاشا من العالم المفتوح على مصراعيه دون قيود، أراد الركون الى مكان يريح هلع عقله وجسده، إلا ان حالة غثيان مفاجأة جعلته يترنح، كاد الطربوش أن يسقط ولكن... رغم ترنحه سارع الى المسك به، مُجبرا على فتق سترته وهرب الزر الوحيد من بيت عروته الى عالم جديد لا يدري اي مصير ينتظره، هرع بعض من المارة على الامساك به ولملمة شعث هيئته، إلا انهم سرعان ما أدركوا انه رجل فقد الزمن ذاكرته، حين تكالبت عليه الاحداث فرمى بالكثير من هم على شاكلته في دهليز يسمى النسيان، حاول استعادة نفسه والتقاط ما أراد نبذه خجلا، بعد ان حبل به هماً، فوجد ان كل شيء تغير إلا الافكار، فهي لا زالت تتلون وتلبس الحرية عناوين محسوبة، إلا ان مروجيها لا زالوا يلوطون بأبكار الايام، وخلفهم علقت مقاصل لقطع من يحملها فكر تحرريا، امسك بطربوشه بقوة، جرى مسرعا نحو زقاقه الأزلي ليعود الى مصفوفته التي تأقلم معها، وما ان وصل حتى التفت الى ذلك العالم، ليبصق على أرضه التي حبلت بلقطاء جدد، اخصوا من يمكن له ان يورث قيم الحياة الحقيقية الى عالم الانسان الكبير.

((الجزء الاول)). أولا : العنونة : مِنْ منطلق أن العنوان هو شبكة من الدلالات يُفتح بوساطتها النص, وانه نقطة الانطلاق فيه – على حد رؤية بارت و شعيب حليفي -, أو هو ( مفتاح تقني يجس به السيميولوجي (العلامة) نبض النص وتجاعيده...) كما يقول الدكتور (جميل حمداوي ), فأننا سنرصد ديناميكية العنوان في قصة (المطربش الجديد شارلي) للقاص عبد الجبار الحمدي, ومن ثم سنقوم بالحفر والتأويل عن الدور المُناط به – اي العنوان , ومما لاشك فيه سيواجهنا سؤال لافت, هل ان (الحمدي)جعل من العنوان (عتبة ) للنص بمعنى إناطته بالوظيفة الاستهلالية؟ أم الوظيفة الملقاة على عاتق العنوان وظيفة ( موازاة) بنية نصية توازي معمارية القص؟

وللإجابة على هذا التساؤل يجب علينا الوقوف على مفردات العنوان كل على حدة , فلو تأملنا لفظة ( المطربش ), التي تعني صاحب الطربوش , فلابد من الاشارة الى ( النكتة اللغوية ) في الكلمة, إذ أنّ دلالة الكلمة توحي بأن لبس ( الطربوش) ورد بحافز خارجي آملا على الشخصية البطلة (تطربشها), وقطعاً لم يُشعرنا البناء السردي بوجود شخصية أُخرى كانت المدعاة لهذا الفعل, لكننا نلمح الدافع الاساس من خلال تتبع السرد وهو ( المتغيرات للواقع المعيشي) المفروض على الشخصية, يقول الراوي المراقب (( فما زالت تلوط الألسن النازحة بأبكار الحياة شراسة) ( سكن في أسطح منسية لثمت الرطوبة كل جدران مسكنه قبل حياته إلا ما أحتفظ به رمزاً لزمن ولى ... الطربوش ؟؟ )).

ومن اللافت أيضا في المقام ذاته تماهي الشخصية بصفة الطربوش, كأنما أمسى الطربوش الشخصية ذاتها من خلال صفات متعلقة برمزية هذا الملبس, وعليه لم يمس الطربوش غطاء للرأس فقط، وإنما أصبح استدعاء ( ثيمة تراثية ) تُشكل إطار ايحائي متمثل بالشخص الشهم المحترم الذي يتحلى بالمبدأ والمُعتد بذاته وواسع الثقافة ...الخ, هذه الصفات التي تتراءى عند الاخرين في الزمن الماضي, والتي لم تفارق الشخصية البطلة ولم ينفك عنها, هذه الحيثية ألقت بظلالها على مسار السرد، فأفرزت لنا مستويين من الفضاء الزمني ( الحلم و اليقظة )..

يقول الراوي : (( انهم سرعان ما أدركوا انه رجل فقد ذاكرته ...الخ )), من ثم أختار القاص بناء تركيبي لغوي قائم على اسناد صفة الشخصية, ألا وهي ( الجدة ), هذا التوظيف أتكأ على ( ثنائية متضادة ), دلالة الطربوش بوصفة زيّ يشير الى ( القِدم) وبين ( الجديد ), وبذلك جمع صاحب النص بين النقيضين؛ ليدخلنا في عالم المفارقة, ولم ينتهي التباين في العنوان عند هذا الحد بل أجاد الحمدي كل الاجادة عندما استدعى شخصية فنيه هي الاخرى تدل من حيث المبنى على تشكل الادهاش إذ جمعت بين ايطارين مُتباينين ( الزي الدال على الوجاهة ) و( المواقف والحركات الساخرة ), وهذا ما انمازت به شخصية ( شارلي شابلن ), من كل هذا نجد ان العنوان ورد ليشير الى دلالة قوامها ( التناقض ) والصراع بين المتضادان, وهي عينها الفكرة التي يوحي بها النص؛ لذا يتبين أن ايراد العنوان جاء موازياً تماما للسياق وفكرة النص.
الجزء الثاني .. المتن القصصي :

حينما نتكلم عن القصة القصيرة فالكلام هنا – قطعاً – عن لحظات متوهجة في ذهن صاحب النص , تتقولب بعد ذلك ضمن يطار لغوي حاضناً لرؤيوية ( أفكار ) القاص, ومن ثم يسعى جاهداً الى خلق انموذجاً فنياً يتواشج مع النمط الفكري والتأثري بغية خلق ايقاع جمالي يُلامس مناطق الانفعال لدى المتلقي, ومن اللافت أن الخطاب السردي ( فني و موضوعي) فضاء مرن لتمرير هواجس المبدع شريطة ان تُهيمن الاحترافية لبنية القص المتمثلة بـ(لشخصية والحدث والفضاء ( المكان والزمان ...الخ ), من هذا المنطلق ستقف هذه القراءة على بعض هذه البنى عند القاص ( عبد الجبار الحمدي ) في قصته القصيرة (المطربش الجديد شارلي ) مما يُثير الانتباه في القصة اعتمادها وبشكل لافت على ( بنية الشخصية ) بوساطة الاتكاء على (الثيمة الاشباعية ) للشخصية الرئيسة ( صاحبة الطربوش ), وهذا يتضح من خلال المستوى الوصفي والحدثي فضلاً عن العلاقة الزمنية والمكانية لهذه الشخصية.

لو امعنا النظر في النص لوجدنا ان ( الراوي ) اعتمد (الوظيفة الاشارية ) للبنية الواصفة للشخصية , وهذا يتضح من خلال ما يوحي به (الوصف) بطريقة ايحائية, فالراوي المراقب حين يقول : ((حُبلى هي ايامه، فمنذ سنين تاه العد فيها اخصيت حياته بغير شرعية او رضا )) اشارة الى الاحداث العصيبة التي مرت به بدلالة ( حُبلى هي ايامه ), ومن جانب اخر اشار قول الراوي ( فمنذ سنين تاه العد ...) الى كبر سنه والتأزم الذي يمر بالشخصية الى درجة انها لم تُحصي سنينها , ولكي يرسم الراوي بنية اغترابية لشخصية ذاتها استدعاء بناء واصف ايحائي اخر متمثل بقول الراوي : ((لم يعتد الخروج منذ زمن بعيد ..)) , زد على ذلك حاول النص ان يكشف عن الواقع الاقتصادي للشخصية بشكل سيميائي للحدث الصادر وهذا ما نجده في هذا النص ((لبس سترته بعد ان خاط فتقها من تحت الابطين لأكثر من مرة )) , اما ما يتعلق بـ(سيميائية الجسد) فلم يغفل القاص هذه التقنية , فقد استقطبها واقفاً بذلك على جزءيات تعبر عن حالها ومن ثم يحاول الراوي ان ينقل لنا عدم التفاتها لذاتها بسبب ارهاصات الواقع المعيش لذي ارهقها والذي افضى الى اهمالها لجسدها , يتكأ القاص على هذا النمط وهذا ما يتضح في المقتطع من النص ((أما القميص فقد ترنح سكرا من التصاقه بجسد ذو شعر كثيف عميت مساماته منذ فترة عن رؤية ماء لغسلها، لم يأبه لذلك كثيرا، ولا لرائحة ابطيه...)) . فيما يخص الفضاء المكان - ما يبدو لي - انه شغل القاص كثيرا؛ إذ حاول ان يواشج بين تشكّل الشخصية بنمطها السالف الذكر وجزئيات المكان فتتحول - أي الشخصية - بعد ذلك الى عجينة مُشكّلة ( تَعَالُقها مع أركان القص ), وبهذا ينكشف التأزم من خلال رسم ملامح البيئة, وهنا لا أُغالي ان قُلتُ ان المسار السردي رُسم على اساس متوازٍ جدا بين النظر السلبية للحياة لدى الشخصية فضلاً عن ما يجول بخاطرها من مواقف مختلفة (( فكرية و سياسية ...الخ )) وبين المكان, وعلية لا يمكن بأي حل من الاحوال فصل المكان وجزئياته عن الشخصية الرئيسة ,وهذا ما نجده في النصوص الاتية (( ... سكن أسطح منسية...)) و (( ينزوي في نفس الزقاق...)) و ((يمسك السلم بحذر فقد تهرئت درجاته كأسنان شيخ هرم، لا يعلم متى تسقط، اما الجدران فقد اصابها التهاب مزمن من رطوبة فاحت رائحة الموت منها...)) , لو إستقرأنا المقاطع السابقة سنقف حتماً على اسقاطات متوشحة لـ(ثيمات التهميش والابتذال ) متعلقة بجزئيات المكان والبيئة المُتحايثة تماما ً وعالم الشخصية, كأنما أراد القاص أن يجعل من تبئير الفضاء المكاني نافذة للمرور لتقديم الشخصية ذات الطربوش, بعبارة أخرى بنى صاحب النص الشخصية الرئيسة على اساس متأزم جعل من البنية الواصفة للمكان أداة دلالية تمثل نسق عميق للولوج لِما يُعاني البطل, وهذا يتضح بوساطة التراكيب الآتية: (أسطح منسية / ينزوي في زقاق / السلم ... تهرئت درجاته كأسنان شيخ هرم / الجدران فقد اصابها التهاب مزمن ...فاحت رائحة الموت ...الخ ) . ومن منطلق ان الزمن يشكل محورا اساس ومحوري في بُنية السرد؛ بسبب ان الزمن العنصر الاشد التصاقاً بالقص, إتكأ القاص ( الحمدي ) في نصه وبشكل فني في هذه القصة, فلو تتبعنا هذا النمط في سياق القصة لوجدنا ما يلي : أولاً : محاولة القاص الرجوع بالزمن الى الوراء بتقنية شبه استرجاعية, ليُدخلنا بعد ذلك في عالم ( الآخر الغربي ) منه، بوساطة إستدعاء الشخصية الفنية ( شابلن ) وفق يطار الأمنية والمقارن بينهما, وعليه شكلت هذه النظرة هروباً من الواقع المعيش المزري؛ لينكشف عجز الشخصية تجاه زمنها الحاضر وقضاياه, يقول الراوي : (( كان يُمني نفسه أنه شارلي جابلن زمانه فهو لا يختلف عن تلك الشخصية التي غرزت الإنتقاد على كل الفوارق سهاما )).
ثانياً : إشارة الراوي بين الحين والآخر الى ان (زمن السرد الآني) يُشكل هاجسا لدى البطل يدخله في عالم الحزن والألم النفسي؛ وعليه عدّ عالمه الحالي بانه عالماً يُخالف ما عهده سالفاً؛ لذا كان يُطلق عليه ( عالم الانفتاح الجديد ), وهنا نلمح الدلالة المتوخاة التي تُفضي الى (التضاد ) المتمثل برؤية الشخصية للزمن الماضي بأنه زمن المثل والقيم ووعي الاخرين في حين ان الواقع الجديد يراه سمة لواقع التناقض الذي يعيشه يقول السارد : ((خرج ممسكاً بعصاه التي أصابه السل عمراً كئيباً فأمست كقلم رصاص أجوف بالكاد يكتب حروف ذات معنى, شرع بالسير الى عالم الانفتاح الجديد وهو يلبس عنواناً قديم ....الخ)) .

ثالثاً : الملمح السردي اللافت والمائز في القصة والذي يرتبط بحركة الزمن هو ادخال البنية الزمنية ضمن تقنيات متعددة (تداخل الازمنة ) واقصد به الحاضر والزمن الافتراضي (غير واعي ), الذي ورد على لسان الآخرين – وهذا ما سيُشير له النص الاتي - . فضلا على ذلك كان لهذا التداخل الزمني دوراً في ابراز آلية سردية رائعة ( المفارقة والدهشة ) والتي ادخلتنا في ما يُعرف سرديا بـ( كسر افق التلقي )؛ إذ يُفاجئنا القاص ان ما تعيشه الشخصية وهم معيش؛ سببه المفاهيم المغلوطة والموازين المتناقضة وهذا ما ينكشف في المقطع الاتي (( إلا أنهم سرعان ما أدركوا انه رجل فقد الزمن ذاكرته حين تكالبت عليه الاحداث فرفض الكثير منهم على شاكلته في دهليز يسمى نسيان )) .

نص رائع فيه احترافية متناهية في الاحاطة بأركان وتقنيات القصة قصيرة , كل التوفيق لصاحبه الاديب ( عبد لجبار الحمدي ).

محمد المياحي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى