السبت ٩ أيار (مايو) ٢٠١٥
بقلم ماري جورج فرح خورية

أيها الإنسان

قلتُ: الأرضُ هي الهويةُ والعَلَمُ
والعنوان...
أما أنا...
فتاريخي دوَنَهُ الزمان
ومبدئي هو العنفوان
أما مأكلي أنشودةً للأيامِ
للأزمان...
ومشربي دمٌ يخرجُ مِنَ القلبِ
والشريان
وأسطورتي فهي قلبٌ يبكي
وعصفورةٌ تضيءُ أحلامي
وتُغنّي وتُنشِد ، وَتَبْعَثُ رسائِلُها
وَتُرفْرِف على الأغصان
ويبقى مبدئي هو العنفوان
أيها الإنسان
أيها الإنسان
يقولون الحياةَ روايةً، قصةً
أو مسرحية...
أو أنشودةً سَخَرَّتها الأرضُ
ماءً، وَبَعَثَتها للظمآن
وأقولُ أنا:
للظمآنِ ماءهُ، ماءُ الأرض
فأين مائي؟
مائي صوتُ قيثارةٍ أو رناتِ عودٍ
أو صرخاتِ كمان
أو أُسطورةً دوَّنَها الزمان
في أصقاعِ الأرضِ
وفي كلِ مكان
بَيْنَ زهراتِ الأرضِ وضلوعِ الأشجار
وزهرِ الأقحوان...
وبينَ يديَّ رسالةً
أكتُبُها، وأَبْعَثُها مع كلِ زهرةِ لوزة
وزيتونةٍ نديّه
تملئَها الهموم
تَكْسُوها الزَنَابِقُ البريّة
يَقولونَ: يأتي الأَمَلُ مع الرياح
مع إطلالةِ شَمس الصباح
مع صرخاتِ الآذان
ونداءاتِ أجراس الكنائس
مع نسماتِ الرياح
في صيفِ الصباح
مع صوتِ حسونٍ يُغرِّدُ
أناشيداً استَنْزَفَها مِنَ
ضلوعِ الحياة
يأتي الأَمَلُ في أَوتارِ عودٍ
أو في قلبِ زَهْرَةِ النرجسِ
في الوِشاح
لَعَلنِّي أتذكرُ الزمانَ وَعَثَراتهِ
نجاحِهِ، فَشَلِهِ، انبِثاقَ كلماتهِ
أحياناً كلَّ ذلك يَذْهَبُ أَدراجَ الرياح.
للحياةِ ضِحْكَةٌ
للحياةِ فَرْحَةٌ
للحياةِ لَذْةٌ
وكذلكَ مَزْحَةٌ
ولكنَّ مَذَاقُها أحياناً مُرٌ علقمُ
مِثلَ حُبِ الأَرْضِ مُتَيّمُ
صَلْبٌ... كأَشجارِ السنديان
دَوْنتُ همومي على صفحاتِ هذا الدهر
على أَشْجارِ الزّيتونِ وَورودِ المَزْهَريّة
على لوحاتٍ رَسمتَّها يَدًّ فنان
على جُدرانِ هذا الزّمان
دونتُ وقائِعي
دَوْنتُ تاريخي
لَونْتُهُ بلونِ الزهرِ والقُرنْفُل
والحنوّن البري
وأوراق الزعتر
والياسَمينِ والعَنْبَر.
بَعَثْتُ رسالةَ مجدٍ مع عَصْفورتي
الشقيَّه
كلماتٌ سِحريَّة
تناغَمَتْ مع إيقاعاتِ وذَبْذَباتِ
العودِ، وآلاتِ العزفِ والمِزْمَّار
مع سرعةِ لاعِبِ سِباقٍ
يَتَسَابَقُ، يَقْطَعُ المَسَافاتَ في المِدْمارْ
مَعْ قَلْبٍ دَحَرَج مِن سِجنهِ الأحجار
مع اسْتِراحَةِ مُسافرٍ تَحْتَ أَفياءِ الأَشْجار
مع هَمَساتِ الليّل الدامِسْ، مع خَريرِ مياهِ
العيونِ والأنهار
لا تذوبُ الأحجار، تَبْقى صَلْبة
كما لِقَلْبي حُجْرَةً أُخبِئُ فيها الأَسْرار
هكذا الحياةُ، تبدأ بِكَلِمه واحدة،
الأَقْدار...
وينتهي بعدَ ذلكَ المِشوار.
أحياناً شوكةُ هذا الدهر تُؤْلُمُني
تُوْجَعُنِّي...
تَسْقيني مِنْ ماءِ الحَسَراتْ
وأَسْتَفيقُ في صَباحاتي
مُقلبةً الجرائد عن خبرٍ مُفيد
وأقولُ هَلْ مِنْ جديد؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى