الثلاثاء ١٩ أيار (مايو) ٢٠١٥
تقديم:الكاتب الصحفي محمود الفطافطة
بقلم ماري جورج فرح خورية

لديوان من وحي التراب الفلسطيني

وَهجٌ لا يَبرُد

كزهرةٍ متفتحة تسبحُ في ياقوتةٍ متألقة إقتحمت محرابَ ديوان العرب لتَنسِجَ مِنهُ عنقوداً مُشعاً بوهجِ التراث ويقظةِ الإنتماء. صَحوتَها الشعرية غُرِسَت مع بذرة إدراكها العمري لتنجب فيضاً أدبياً مُبتلاً بإحساسٍ صادق يعومُ في وطنٍ مُخَضَب بسيمفونية الأمل الملتحف بأغنيةِ اليقين المورق بالإنتصار...

مفرداتها توالدت من شعبٍ مُخصَب بسيلِ المواجهة، ومن تاريخٍ مُعبَق بالعراقةِ والتضحيّة والإقتداء.. لم تَكُن شاعرتنا ماري جورج فرح ترديداً لناطقٍ، أو تمثيلاً لمشهدٍ، أو صوتاً لصدى غيرها بل مَثَلَت إيقاعاً شعرياً إنكبَ بنانهُ على بستانٍ من المعاني الجميلة ليُقطفَ من رحيقهِ شَهد القوافي بِلَحنِها المُبهِج والمُلهب.

لم تكتفِ ماري إلا أن تكون خادمة لشعبها بقصيدةٍ مزركشة بألوانِ التراثِ المُتَفتِح بسنبلةِ البيادر، وأهازيج الفلاح المعتمر بفجرٍ أبيض كقلب الطبيعة التي لا تلفظ إلا الغرباء عنها... تراها وهي تنطق شعراً كأنما تُمطِر وِداً وأملاً لشعبٍ لا حُضنَ لهُ سوى الرافضين لكلِ ظلمٍ وإستبداد. شعرها ينسابُ في قاعِ الوجدان بحكمةٍ وهدوء.. حكمة تَخلَقت في وعاءِ التجربة وهدوءٍ تبرعمَ في غدير الذكريات الخضراء المثمرة بالأفكار المتوهجة من قناديلِ الحُسنِ والإبداع.

في ديوانها " من وحي التراب الفلسطيني " تُؤَصِل ماري لعناوين شعرية مجبولة بالوطن الفلسطيني الذي لا يزال ينتظر " نفضة " التحرر ومداد الحرية . في هذا الديوان تُجَسِد الشاعرة إيقونة الوفاء لأَرضِها من خلالِ قصيدَتِها " سأبقي فلسطيني"، حيث نراها تقول: سأبقى فلسطيني... سأبقى صامداً كالزيتون .. جاثماً كأشجار السنديان ... كأوراق الصفصاف والزيزفون...

في هذه القصيدة وسواها من ديوانها نجدها تتغنى بكل ما هو تراثي يُذكِرُها ويُذكِر الأجيال المتعاقبة مِن أَبناءِ فلسطين بقيمة الوطن كإنتماءٍ ومصير، لا كوعاءٍ مادي فحسب.. في ديوانها هذا تنثرُ ماري " روشيةً شعرية" لترمم بها نتوءات الألم الفلسطيني عبر شحنٍ مبضعِ العلاج بترياقٍ يُنهض تحديث الوعي والفعل قبلَ الإنخراط في حداثةِ تزييف البصيرة قبلَ أن تُفَتِن البصر.

نتمنى لماري مزيداً مِن فيضِ الشعر والإتكاءِ على روافدهِ المختزنة بالوهجِ الذي لا يبرد.. كيفَ لهُ أن يَبرُد؟ وهو المُستمد مِن حرارةِ العاطفة وقوةِ العقل وَحِكمةِ الإختيار .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى