الأحد ١٦ آب (أغسطس) ٢٠١٥
بقلم عادل عامر

مصر خسرت معركة الفساد

إن التغيير المرضي عنه و المدعوم أمريكيا هو مجرد إصلاح سياسي يسمح بما يسمى تداول الحكم، و هو مصطلح ألحت به على أذهاننا قوى سياسية لا تختلف برامجها للإصلاح عن الرؤية الأمريكية، و تصب في قلب المصلحة الأمريكية في المنطقة. يطرح دائما برامج لا تلتفت للبعد الاجتماعي و البعد الديمقراطي الشعبي و البعد الوطني للتغيير الذي ينشده الشعب. بل هو تغيير يتضمن إثارة الأقليات الطائفية أو العرقية (الأقباط، البدو، أهل النوبة) محاولا تعميق شعورها بالاضطهاد تمهيدا لإضعاف المجتمع وتسهيل استمرار الاختراق و السيطرة على مقدراته تماما كما حدث في سيناريو الثورات الملونة

إن البرامج الإصلاحية التي تطرحها الآن بعض القوى السياسية تذهب بثورة 25 يناير إلي مصير مجهول إذ تتسم بـ :-
 اقتصار المطروح من الإصلاحات السياسية على مفهوم تداول الحكم مع إغفال أن قاعدة الديمقراطية هو اكتساب الشعب للحريات السياسية والنقابية والمدنية (حرية الاعتقاد والتعبير والنشر والإضراب والتظاهر السلمي و تكوين الأحزاب و النقابات بالإخطار وإصدار الصحف بالإخطار) كاملة دون نقصان.
 تغافل ربط الإصلاح السياسي بالاستقلال الوطني.... فما جدوى عملية سياسية في بلد ما تتحاور و تتصارع فيها القوى السياسية على حين أن القرار النهائي في يد السفارة أو الدبابة الأجنبية؟

 تغافل ربط الإصلاح السياسي بتغيير السياسات الاقتصادية التابعة لحكومة أمريكا وغيرها من الدول الاستعمارية ومؤسساتها، و هو ما سينتج عملية تغيير نخبة سياسية بأخرى تخدم نفس المصالح الاقتصادية والاجتماعية لذات الطبقة المسيطرة الحاكمة، القاهرة لأغلبية معدمة تبيع الصوت الانتخابي مقابل رغيف خبز!! تشير عدة تقارير محلية ودولية وحكومية إلى انتشار الفساد في كل نواحي الدولة ومؤسساتها ، فنجد أن ترتيب مصر طبقا لمؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية ، في سبتمبر 2009 جاء رقم 115 على مستوى 128 دولة فى العالم متراجعاً عن 2007 الذى كان فيه 105 وعام 2006 حيث كان ترتيب مصر 70، حيث شهدت تلك الفترة كما قلنا سابقاً تورط وزراء فى قضايا فساد ، وحذرت كافة المنظمات والتقارير الدولية من إنتشار الفساد فى مؤسسات الدولة والحكومة المصرية ، ونجد أن الفساد انتشر بشكل مثير ولافت للنظر فى السنوات التى سبقت الثورة فى مجال الإسكان والشرطة والضرائب والمالية.

ومن مظاهره :- مجال الإسكان شهد فضيحة فساد وزيره السابق إبراهيم سليمان ، كما صدر تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بأن 12 مليون نسمة يعيشون بلا مأوى ، مما يدفعهم للعيش فى المقابر والعشش والجراجات والمساجد وعلى السلالم ، وكشف التقرير عن وجود نحو 1032 منطقة عشوائية فى جميع المحافظات المصرية ، كما أشار إلى أن معظم هؤلاء مصابون بأمراض الصدر والحساسية والأنيميا والأمراض الجلدية ، ونجد أن 45% من سكان مصر تحت خط الفقر . تقرير منظمة الصحة العالمية يؤكد أن مصر ثالث دولة فى العالم كأكبر سوق لتجارة الأعضاء البشرية كما يتم وصف الشعب المصرى بأنه شعب مريض نتيجة للفقر والفساد وخاصة فى القطاع الصحى، يوجد 12 مليون مريض كبد و4 ملايين مريض سكر و5 ملايين مريض فشل كلوى و300 ألف مريض سرطان ونسب مرتفعة من أمراض الدرن والعيون والقلب وأمراض الجهاز التنفسى . تميزت سياسة الضرائب فى مصر فى السنوات الأخيرة بالفساد ، خصوصاً فى ظل وزارة يوسف بطرس غالى ، حيث زادت حصيلة الضرائب بنسبة حوالى 25% تحمل المواطن العادى منها حوالى 6% نتيجة ضرائب المبيعات والضرائب على مرتبات الموظفين ، وهى النسبة التى أدت إلى مضاعفة عدد الفقراء فى مصر ، فى حين أن بعض الشركات بلغت أرباحها مليارات أو ملايين الجنيهات ولم تسدد سوى 8% أو 5% فقط من الضرائب المستحقة عليها وفقا للقانون ، ونجد حوادث فساد غريبة جدا كما حدث فى مارس 2010 من اختفاء تريليون و272 مليار جنيه من ميزانية الدولة، ومحاولة حكومية لإخفائها وعدم إعطاء معلومات عنها ودون معرفة أين تذهب أموال الصناديق الخاصة وهى مبالغ ضخمة جدا ولا تدخل ضمن الموازنة العامة .

النقابات المنوط بها الدفاع عن حقوق المنتمين إليها انتشر فيها الفساد ، ففى 2006 كشف الجهاز المركزي للمحاسبات عن فساد ووقائع إهدار مال عام ومخالفات قيمتها عشرات الملايين من الجنيهات فى الإتحاد العام لنقابات العمال برئاسة حسين مجاور، أما فى ديسمبر 2009 بنقابة المهندسين تحت الحراسة الحكومية تهدر ملايين الجنيهات فى صناديق المعاشات والقروض .

مؤشرات الفساد

تراجع ترتيب مصر كما ذكرنا سابقاً إلى المركز 115 على مستوى 180 دولة حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية لمؤشر الفساد ، فالفساد فى مصر فى تزايد مستمر حتى بعد الثورة وذلك يتضح من تقارير مؤشرات الفساد والتى تتراجع فى كل عام عن العام السابق ، حيث كانت تحتل المرتبة 77 عام 2004 والمرتبة 70 عامى 2005 و2006 والمرتبة 105 عام 2007 ثم احتلت الترتيب 98 عام 2010، ثم عادت للانخفاض للمركز 112 عام 2010 ثم إلى 118 عام 2011 أى أن الفساد زاد بعد الثورة. أن أكثر من 39 مليار جنيه تم إهدارها فى الآونة الأخيرة على خزانة الدولة بسبب الفسادين المالي والإداري فى الحكومة المصرية . فى 2010 قالت منظمة الشفافية الدولية

إن ضد مصر خسرت المعركة الفساد فى إشارة لخطورة الأوضاع ، وعند التعرض لحجم الأموال المهربة فى عهد مبارك والتى قدرها الخبراء بـ132 مليار دولار أى 847 مليار جنيه، تلك الأموال المهربة منها 70 مليار دولار ناتجة عن اختلال ميزان المدفوعات والذى عادة ما يقيس الفساد والرشوة والعمولات غير الشرعية ، أما باقى المبلغ فناتج عن سوء التسعير وهى وسيلة للتهرب الضريبى. حجم الفساد وأرقامه فى القطاعات الحيوية يعدان فاجعة ويشيران إلى مدى انتشار الفساد وتجذره .فى قطاع الصحة 64 مليون جنيه حجم الفساد في هذا القطاع الحيوي ، مما يتسبب فى معاناة المواطنين ، كما أن من أمثلة الفساد، هناك 22 صنفا من الأدوية منتهية الصلاحية من سبع سنوات وتكلفتها 662 مليون جنيه ويتم صرفها للمرضى وهى منتهية الصلاحية! هذا بالإضافة إلى معاناة المواطن مع المستشفيات الحكومية حيث يبلغ نصيب الفرد من ميزانية الصحة 6,2 جنيه .

وصف تقرير منظمة الشفافية الدولية الوضع الصحي فئ مصر بـ"تحت الصفر"، بسبب ضعف الاعتمادات المخصصة للأجهزة الطبية، حيث لا يكاد يوجد القطن والشاش فى المستشفيات الحكومية .أما فى قطاع الإعلام فبلغ حجم ديون التلفزيون المصري 18 مليار جنيه فضلاً عن إهدار واختلاس 348 مليون جنيه في ماسبيرو وحالات استيلاء وسرقة في قطاع الإعلام بلغت 82 مليون جنيه وقيمة المبالغ المهدرة بلغت 266 مليون جنيه .

زادت حالات الفساد داخل قطاع التعليم ، حيث بلغت نسبة الأمية فى مصر 35% من السكان، منها 10 مليارات جنيه قيمة المبالغ التي تصرفها الأسر المصرية على الدروس الخصوصية نتيجة سوء المنظومة التعليمية . تم تهريب مبالغ ضخمة من مصر عن طريق رجال نظام مبارك بلغت 200 مليار دولار و93 مليار دولار قروضا بدون ضمانات لرجال أعمال هربوا بها خارج البلاد ، التلاعب فى مستندات الجمارك بلغ 500 مليون جنيه. 800 مليار جنيه حجم الأموال المهدرة فى أملاك الدولة ، خمسة رجال أعمال فقط استولوا على 16 مليون فدان بالإضافة إلى مئات الحالات للتعدي على أراضى الدولة أو شرائها بأثمان بخسة ثم بيعها بأسعار مرتفعة ، ومن الأمثلة على ذلك أن الحكومة خصصت حوالي مائة كيلو متر مربع شمال غرب خليج السويس لخمس رجال أعمال بواقع خمس جنيهات عن كل متر. حجم الأموال المنهوبة فى قطاع التصدير والاستيراد يقدر بنحو 6 مليارات جنيه ، الأموال المنهوبة نتيجة الخصخصة تصل إلى ما يزيد على 100 مليار جنيه، تقدر الأموال المنهوبة بقطاع البترول والغاز بحوالي 40 مليار جنيه ، أما المنهوبة من خلال التلاعب فى البورصة فتقدر بحوالي 20 مليار جنيه ، والتجارة فى ديون مصر الخارجية تصل إلى 750 مليون جنيه .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى