الخميس ٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٥

التآمرية

عندما ألتقينا بكلمة «المؤامرة» في رحاب قاموسنا الرحب، وتعرّفنا إليها، وعرفناها؛ أصبحت من أكثر الكلمات اللغويّة تأصلاً في وجداننا، ومن موروثاتنا العقلية المتواترة من جيل إلى جيل آخر، والتي نقدم تفسيراتها ككبش فداء على مذبح ألسنتنا، كما أصبحت من أكثر الكلمات فضحاً وإدانة لنا على كل حال.
فمن جهة تدين هذه الكلمة شرذمتنا.

ومن جهة أخرى، تدين غفوتنا.

فإذا أفترضنا أنه ليس هناك من آمر ومأمور ومتآمر من أنفسنا، فكان علينا أن نمتلك الوعي الكافي لسد كافة المنافذ التي يمكن أن يتسلل منها إلينا المتآمرون.

أليس من المثير حقاً، أن نأخذ "بالحكمة الصناعية"، التي تقتضي وضع مادة ذات رائحة نفّاذة في الغاز الذي نستخدمه في منازلنا؛ حتى لا نختنق في صمت، بينما نهمل أي "حكمة إنسانية"؛ حتى لا نحترق في أتون الفتن المهلكة؟!

ألا تثيرنا، ولو مرة واحدة، حكاية "راسبوتين"، الذي كان يتعاطى كميّات قليلة من السم القاتل بدأب واستمرارية؛ كي يعتاد جسمه عليه، ويصبح محصناً ضد السم؛ فنعالج قضايانا التي تأتي منها الفتن بتناول القرارات الصعبة، وتزليلها؛ لوأد أي محاولة للتفكير في ما يسمى بالمؤامرة؟!

المصيبة، أننا نسمع من بعضهم، من آن لآخر، أن المآمرة كانت مكشوفة ومعروفة أمامهم بتفاصيلها الكاملة بالدليل والبرهان ، دون أن يجيبوا على دهشتنا: كيف تبقى المؤامرة مؤامرة حين تكون الأمة ، بشبابها وشيبها، عالمة بها، وبأخطارها؟!

والمصيبة الأكبر، أننا نعرف أن "المحبة" ولا شيء غير "المحبة"، هي الأنسب وهي الأقدر على تفكيك نظرية التآمر والقضاء عليها، وتنظيف عقليتنا من ملوثاتها المميتة، ولكننا لا نريد امتلاكها، وتفعيل قوتها الصالحة!...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى