السبت ٢٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٥
بقلم عادل عامر

دور المصريين بالخارج في التنمية الاقتصادية

فقد رعي الدستور الجديد دور وأهمية المصريين بالخارج في التنمية الاقتصادية لوطنهم مصر فقد نصت المادة (88) تلتزم الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين بالخارج، وحمايتهم وكفالة حقوقهم وحرياتهم، وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع وإسهامهم في تنمية الوطن. وينظم القانون مشاركتهم في الانتخابات والاستفتاءات، بما يتفق والأوضاع الخاصة بهم، دون التقيد في ذلك بأحكام الاقتراع والفرز وإعلان النتائج المقررة بهذا الدستور، وذلك كله مع توفير الضمانات التي تكفل نزاهة عملية الانتخاب أو الاستفتاء وحيادها.

والمشكلة الاقتصادية في مصر فاقت كل تصور فهي مشكلة لا ترجع إلى ندرة الموارد وإنما ترجع في حقيقتها إلى نقص في الموارد نتيجة لتفشي مظاهر الفساد الذي أهدر أغلب هذه الموارد وسوء الاستخدام للقدر المتاح منها وتغليب المصلحة الشخصية على الصالح العام وقد عرف لفترة زمنية طويلة ماضية سيطرة رأس المال على مقدرات الدولة مستغلين في ذلك زواج الثروة بالسلطة، وازداد الأغنياء غناً وازداد الفقراء فقراً حيث نجد في الوقت نفسه من لا يجدون قوت يومهم ويعيشون على أقل من دولارين يوميا.

وفى إطار هذا التقديم فلم يخل تاريخ الاقتصاد المصري ولفترة طويلة من الزمن، من حالات تفاقم المشكلات التي تمثل عقبة كأداء في سبيل تحقيق أهداف النمو المستدام. هذه العقبات التي أثرت بشكل كبير على أحوال المواطنين المعيشية وعلى أداء الاقتصاد بشكل عام.

فقد بلغت تحويلات المصريين في السعودية عام 2011 ثمانية مليارات دولار، وهو ما يشكل 60% من إجمالي تحويلات المصريين بالخارج، ويتجاوز هذا الرقم إيرادات كل من قناة السويس وقطاع السياحة التي تصل خمسة مليارات دولار لكل منهما. مما يوضح أنه على صانع القرار المصري الوضع في الاعتبار أهمية هذا العامل خلال صياغة السياسة الخارجية لمصر تجاه دول الخليج وخاصة السعودية، وضرورة التعامل بشكل جدي

وعاجل مع أزمات العمال المصريين بالخارج ليس فقط لكونهم مواطنين مصريين بالدرجة الأولى ولكن أيضا كونهم مصدرا هاما من مصادر العملة الصعبة وقاربا لنجاة الاقتصاد المصري من أزماته الحالية، ولذا فإن القوانين التي تصدرها السعودية في محاولة منها لتحجيم العمالة الأجنبية وأيضا مشروع بقرار تحديد حد أقصى لما يمكن تحويله من مبالغ مالية من العمالة الأجنبية للخارج، قد يسبب خسارة كبيرة للجانب المصري مما يعنى انه على مصر محاولة تفادى هذه القوانين بالتفاوض مع السلطات السعودية حتى لا تتضرر العمالة المصرية هناك وتحويلاتهم، وعلى صانع القرار المصري خاصة في الظروف التي تمر بها البلاد حاليا أن يعي أنه أمام قضية اقتصادية ذات أهيمه ويجب وضعها في الأعتبار عند اتخاذ موقف تجاه أي قضية دولية أو بالأخص خليجية لأن هذا سينعكس بالضرورة على مصدر هام من مصادر العملة الصعبة والذي يعد من أهم بنود ميزان المدفوعات، وهو ما ساند الاقتصاد المصري في أعقاب اندلاع ثورة 25 يناير.
أن تحويلات المصريين في الخارج بلغت في السنة المالية 2014-2015، 20 مليار دولار، وفى السنة المالية السابقة عليها كانت 18 مليار دولار بزيادة 11%، نتوقع أن ترتفع التحويلات في السنة الحالية لتصل إلى 22 مليار دولار.
أن مصر هي الأولى في التحويلات على مستوى البلاد العربية، والسادسة على العالم، ويجب ضرورة التفكير في المصريين المغتربين كمستثمرين وعلماء داعمين لمصر، إذ أن هناك أفكارا وآليات لجعل المصريين المغتربين داعمين حقيقيين لمصر علميا واقتصاديا، بأفكار ورؤية من خارج الصندوق.

أنه ينبغي إدماج المصريين في الخارج من خلال حصولهم على نفس الحقوق السياسية لمواطني الداخل، والحفاظ على حقوق أبنائهم في الالتحاق بالمدارس والجامعات المصرية، حتى يمكن الاستفادة منهم بالشكل الأمثل.

أن هناك محاولتين حقيقيتين لتقدم مصر علميا واقتصاديا، الأولى على يد محمد على، والثانية على يد الزعيم عبد الناصر، وتشابها في بناء جيش مصري قوى واستخدام العلم وإرسال البعثات وبناء الصناعات وتوزيع أراضٍ زراعية على الفلاحين وتنمية الزراعة وعمل مشاريع وطنية ضخمة،

والآن هي المحاولة الثالثة في تاريخ مصر الحديث لوضع مصر على طريق التقدم العلمي والاقتصادي مع بناء جيش مصري قوى أيضا وهذا معناه وجوب استيعاب كل المصريين في الداخل والخارج، ومن ثم وضع مصر على خريطة العالم كدولة محورية متقدمة علميا واقتصاديا.

بدلاً من الاتجاه نحو الشرق أو الغرب نتسول منهم ونطلب المساعدة سواء من صندوق النكد-أقصد النقد-الدولي لإقراضنا ومعروف دور هذه المنظمات والهيئات الدولية ومَن وراءها ومَن المستفيد منها ومَن المدعم لسياستها وما جنته على الدول التي أخذت بنصيحتها ومشورتها وليس هذا المقام مكان التقييم لدورها, ولكن الأحسن لنا الاتجاه للمصريين المقيمين في خارج القطر المصري والتنسيق معهم والاستفادة بهم وبجهودهم سواء العلمية أو الاقتصادية في تحسين صورة مصر بعد أن سوّدها الذين حكمونا ولم يرقبوا فينا إلاً ولا ذمة.

والتصور المقترح:

أولاً:الدعاة المنتشرون في أرجاء العالم كله:سواء كانوا من أبناء الأزهر الشريف أو المخلصين من أبناء مصر ممن يعمِّرون المراكز الإسلامية والموجودة بأوربا أو أمريكا ,عليهم عبء تحفيز المصريين لديهم للوقوف صفاً واحداً لتفريج كرب وطنهم الغالي وذلك من خلال الخطب والدروس أو عقد الندوات والمؤتمرات ودعوة المصريين لحضورها والتفاعل معها وتقديم الرؤى والاقتراحات لبناء مصر من جديد والتنسيق مع السفارات المصرية لحضور هذه الندوات وتوصيل التوصيات للحكومة المصرية .

ثانياً:السفارات المصرية والقنصليات بالخارج: وهؤلاء عليهم دور كبير في فتح السفارات أمام المصريين لتصبح كخلية النحل في الحركة ولا تتحول إلى روتين مثل أن تفتح أبوابها في ساعات معينة ولا يعرفهم المصريون إلا إذا حدثت كارثة لا قدر الله ونقلها الإعلام وظهر الأمر وانكشفت الحقيقة مبينة نوم السفارة المصرية في حماية المصالح المصرية الخارجية,والأمر يتطلب حركة مستمرة من السفراء والالتقاء بالمصرين على اختلاف انتماءاتهم وأفكارهم ولكن الهدف المشترك هو النهوض بمصر من كل الجوانب ,وعلى الحكومة المصرية متابعة السفارات المصرية تقييم دورها وعزل من يتكاسل أو يظن أن دوره هو الشكليات بل الدور العمل لمصر وليس لشيء آخر.

تعتبر تحويلات المصريين بالخارج احد مصادر النقد الأجنبي وأحد أسباب تحسن ميزان المدفوعات في عدة فترات، وهى أحد الدعائم الرئيسية خلال الفترة السابقة والتي عوضت إلى حد كبير انخفاض عائدات السياحة ونزوح الاستثمارات الأجنبية. لكن على مصر العمل على عدة نقاط حتى يتسنى لها تعظيم الاستفادة من تحويلات العاملين بالخارج وزيادتها: - منح الإعفاءات الضريبية والامتيازات والمعاملة التفضيلية لتحويلات العاملين بالخارج وهذا عكس ما انتشر في الآونة الأخيرة من رغبة المسئولين في فرض ضرائب على العاملين بالخارج والذي قد يؤثر بالسلب على تحويلاتهم.

 توحيد وتحرير أسعار الصرف وتحرير الخدمات المصرفية وبذل جهود في اتجاه السماح لفروع البنوك المحلية بالتواجد في الدول التي بها أعداد كبيرة من العمالة وهي توصية لصندوق النقد العربي لم يتم تفعيلها بعد بالقدر الكافي- على الحكومة الإسراع بالاستفادة من هذه التحويلات في عمل مشروعات إنتاجية مدروسة وألا يتم توجيه هذه الأموال للاستهلاك حتى لا تزيد الأسعار أو استخدامها في مضاربات بالبورصة. - نشر ثقافة زيادة التحويلات النقدية بدلا من العينية.
إن تحقيق الأهداف المتفائلة المنشودة لواقع الاقتصاد المصري، إنما يضع عدداً من التحديات التي تتطلب توافر القدرة على مواجهة حالة الخلل الاقتصادي والاجتماعي في كافة قطاعات الاقتصاد المصري والتحول الي معدلات نمو وتنمية أفضل مما كان في الفترة الزمنية الماضية. وبما يوحى بمستقبل أفضل لمصر اقتصادياً واجتماعياً.

وختاما على الحكومة المصرية إدراك أهمية تحويلات العاملين بالخارج وأنها التي ساهمت في دعم الاقتصاد في الفترة الصعبة التي مرت بها مصر، وان تولى العاملين بالخارج أهمية اكبر من خلال تقديم كافة المساعدات والحماية القانونية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى