الجمعة ٢٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٦
إستعراضٌ وَدِراسة ٌ لمجموعةِ كتب
بقلم حاتم جوعية

أدبِ الأطفال للكاتبةِ الشَّاعرة آمال كرينِّي

مُقدِّمَة ٌ: الكاتبة ُ والأديبة ُ الشَّاعرةُ " آمال كرَينِّي " من سكان قريةِ " كفر ياسيف " الجليليَّة، تكتبُ الشعرَ والخواطرَ والقصَّة َ وأدبَ الأطفال على أنواعِهِ منذ أكثر من أربعين سنة، ولكنها تميَّزت بشكل ٍ خاص في كتابةِ الأدبِ الذي يتعلَّقُ بالطفل - سواء في مجال ِالشِّعرِ أو القصَّة للأطفال. كتبت سابقا الكثيرَ من القصائد الشِّعريَّة... بيدَ أنّها لم تنشرْ طيلة َ حياتِها سوى بضع قصائد في الصحف المحليَّة، وشعرُهَا يتمتَّعُ ويتحلَّى بكلِّ المقوِّماتِ الجماليَّةِ والعناصر الأساسيَة الهامَّة التي تحَدِّدُ هويَّة َ القصيدة َ المتطوِّرة والمتكاملة َ من ناحية: جودة السَّبك واللغة الجميلة والموسيقى الدَّاخليَّة والصور الشِّعريَّة المكثفة والمفردات اللغويَّة والتعابير البلاغيَّة الجديدة المبتكرة وأهميَّة الموضوع والفكر والبُعد الفلسفي.. إلخ. ولكنها وللأسف لم تهتم للشُّهرةِ والإنتشار في هذا المجال رغم كون مستواها الشِّعري من أرقى المستويات على الصَّعيد المحلِّي.

مدخل: الكاتبة ُ المُبدعة ُ " آمال َدلِّه - كرَيَنِّي " درست أدبَ الأطفال دراسة ً أكاديميَّة ً( جامعيَّة ) وعلَّمت هذا الموضوع ودَرِّسَتهُ في دوراتٍ تأهيليَّةٍ للطالباتِ اللواتي سيعملنَ معلِّمات ومساعدات في الرَّوضات وصفوف البساتين. وكما أنَّ " آمال " علَّمت الطلابَ - الأطفال الصغار - في الرَّوضات والصفوف الأولى ودَرَسَت نفسيَّة َ الأطفال عن كثبٍ دراسة ً ميدانيَّة وعمليَّة وليسَ فقط دراسة ً نظريَّة. ومن خلال عملها الطويل في هذا المجال اكتسبت خبرة ً ودراية ً واسعة ً في كلِّ ما يتعلّق بعالم الطفل البريىء والجميل. وعرفت بالضبط جميعَ احتياجات الأطفال وكلّ النقاط والمحطات الهَامَّة في شخصيَّتِهم ونفسيَّتِهم وتفكيرهم، وما هي طموحاتهم وما هم بحاجةٍ إليهِ من ناحيةِ تثقيفيَّةٍ وتعليميَّةٍ وترفيهيَّةٍ... فأخذت كلَّ هذهِ الأمور بعين الإعتبار. وآمال كرينَّي من طبيعتِهَا وفطرتها (من السَّليقة) هي كاتبة ٌ وشاعرة ٌ تتحلَّى بموهبةٍ شاعريَةٍ فذةٍ ومُمَيَّزةٍ... والدراسة ُ العلميَّة ُ الأكاديميَّة ُ مع التجاربِ الحياتيَّةِ والمهنيَّةِ والعمل الميداني أكسبُوها خبرةً واسعة ً، وعملت هذه الأشياء على صقل ِ موهبتها الكتابيَّة ووسَّعَت وبلورَت مفاهيمها الموضوعيَّة والإبداعيَّة فأبدَعت أيُّما إبداع في هذا الجانب (أدب الاطفال - سواء الشعري أو القصصي). وتعتبرُ من الأوائل في هذا المضمار، محليًّا، وأدبُها للأطفال يُعلَّم في المدارس والكليَّات. هي تتناولُ هذا الموضوع وتكتبُ لجيل الطفولةِ المُبكِّرة حتى جيل المراهقة... فلكلِّ مرحلةٍ زمنيَّةٍ من عمر الطفل كتبت أدبًا وشعرًا مميَّزًا ملائما لتلك المرحلةِ.. بَيْدَ أنَّ كتاباتها تصلحُ لجميع الأجيال نظرا لقيمتِهَا التعليميَّةِ والتثقيفيَّةِ ومغازيها الهامَّة وأسلوبها الشَّيِّق الجميل (السهل الممتنع).

في مجال الشِّعر- معظم شعرها الذي كتبتهُ للأطفال باللهجةِ العاميَّةِ المحكيَّةِ القريبة للفصحى، وشعرُها يتحلَّى بالموسيقى الجميلةِ الرَّنَّانةِ (شعر موزون) وبالكلماتِ الجميلةِ العذبةِ السَّهلةِ التي تنسابُ بهدوءٍ وشفافيَّةٍ، وهي جميلة الوقع على الأذن ونفسيَّةِ الإنسان - طفلا كان أو كبيرًا -. وتتناولُ في شعرها جميعَ المواضيع الإنسانيَّة والإجتماعيَّة وحتى الوطنيَّة والسِّياسيَّة، فهي تعملُ على تعليم وتثقيفِ الطفل، بالإضافةِ إلى تسليتِهِ وترفيههِ. وأمَّا في مجال القصَّةِ فقد أبدعت كثيرًا، وكما ذكرتُ سابقا أسلوبُها هو السَّهل المُمتنع فيبدو للوهلةِ الأولى سهلاً... ولكن ليسَ كلُّ أديبٍ وكاتبٍ بإمكانهِ أن يكتبَ في هذا اللون والمستوى ويُجاريها في هذا المجال. فسِعَة ُ إطِّلاعِها على أدبِ الأطفال (العربي والأجنبي والمترجم) ودراستها وخبرتها أعطوها آفاقا وأبعادًا أكبر وأوسع للتوغُّل ِ في عالم الطفل المجهول وللإبداع الكتابي فيما يخصُّ الطفل. وقد نشرت آمالُ الكثيرَ الكثيرَ من قصصها للأطفال في صحيفةِ "الإتحاد " الحيفاويَّة.

نجدُ في قصصِهَا جميعَ العناصر الهامَّة التي يكتملُ فيها أدبُ الطفل، وهي:

1 ) الجانب الترفيهي والمسلِّي.
2 ) الجانب التثقيفي.
3 ) الجانب التعليمي والإرشادي.
4 ) الجانب الإنساني.
5 ) جانب الإيمان.
6 ) جانب المبادىء والقيم ( الجانب السلوكي )
8 ) الجانب النفسي والجانب الحِسِّي.
9 ) عنصر المفاجأة.

... وهذا مِمَّا يجعلُ لقصصِهَا طابعًا ونكهة خاصَّة ً وقيمة ً سامية ً وهدفا إنسانيًّا وتربويًّا من الدرجةِ الأولى. وتستحقُّ قصصُهَا أن تدرَّسَ في جميع المدارس لجميع مراحل الطفولةِ حتى جيل النضوج ( بعد المراهقة )، إضافة ً إلى أشعارها وقصائدها للأطفال.

أصدرت الكاتبة ُ " آمال كريَنِّي " عدَّة َ مجموعاتٍ قصصيَّةٍ وشعريَّةٍ للأطفال. وهي كما يلي:

1 ) كتابان قامت بترجمتهما مع طاقمي: - مركز المناهج التعليميَّة - وزارة المعارف والثقافة وجامعة حيفا. الكتاب الأول عن نهج الحياة الديمقراطي، في بساتين الأطفال - مرشد للتربية.
والكتاب الثاني - " بساط الرِّيح " وهو تجميع قصص متنوِّعة لجيل ما قبل المدرسة -
1) قصَّة " مروه والضفيرة "- إصدار دار الطفل العربي - تأليف ورسومات: آمال كريني.
2 ) قصة " قطرة ماء " . 3 ) قصة " قطرة ماء " - جزء 2.
4) " أناشيد للأطفال ( مع شريط مغنى) - رسومات وتأليف آمال كريني.
5 ) قصة " عيد حب ".
6) قصة " طائرة ورق " ( مع شريط مغنَّى ) - تاليف أمال كريني، رسومات آمال كريني.
7 ) قصَّة " أوبريت طائرة ورق " ( مع شريط مغنّى ) – تأليف آمال كريني، رسومات إيرينا كريني.
8 ) قصة " بلبل بلابل " – تأليف آمال كريني ورسومات د. سليم مخولي.
9 ) قصة " أنا أكبر " - تأليف آمال كريني ورسومات الكتاب " فداء زحالقه ".
10) قصة "حديقة أم علي- تأليف آمال كريني ورسومات" فداء زحالقه ".
وكما أنَّ آمال تكتبُ الشعرَ السياسي والأناشيدَ للأطفال، ولها عدة قصائد ملحَّنة ومغناة، ومنها مثلا:
1 – قصيدة " أنا ولد صغير " - ألحان الأستاذ " عماد دلال ".
2- سأغنِّي لطفل صنع البطولة ( ألحان عماد دلال ).
3 - " يا ضمير العالم إصحَى " - ( ألحان وغناء المطرب الفلسطسني الكبير " مصطفى الكرد ). ولها كتابان في مرحلة الطباعة، وهما:
1 ) كلمة وحركة الأنغام.
2 ) كتاب بعنوان " طير وهدِّي يا فراش " - للجيل الصغير... وهذا النوع من الادب لم يتطرَّق له الأدباءُ في الداخل بعد، إنها قصَّة تراكميَّة خفيفة، مسلَّية، فيها موسيقى، وفيها حركة تساعد على الحركة ويستطيعُ الطفلُ حفظهَا.
وفي هذه المقالةِ سأركِّزُ الأضواءَ على كتابتِهَا في مجال أدبِ الأطفال - وسأختارُ بعض النماذج والنصوص من إنتاجها - للأطفال - مع الدراسةِ والتحليل - وسأبدأ بكتابها: " أناشيد الأطفال "- والكتاب يضمُّ عدَّة َ قصائد للأطفال كٌتِبت باللهجةِ العاميَّةِ القريبةِ للفصحى وَتُحَلِّي الغلافَ والصفحات الداخليَّة رسوماتٌ جميلة ٌ مٌعبِّرة ٌ بريشةِ الفنانةِ نفسها " آمال كرينِّي ".
تقولُ آمال في قصيدةٍ بعنوان: " أنا ولد صغير ":
( " أنا ولد صغير // بَسْ قلبي كبير كبيرْ //
أنا راسي صغير صغير // بس عقلي كبير كبيرْ //
أنا بعرف شو عَمْ بصيرْ // " ).
وتقول في القصيدة أيضًا:
( " يا عالم يَلاَّ هَدِّي // أولاد صغار يا جدِّي // بوموتو وهُنِّي قدِّي //
بدنا سلام يا ربِّي... // سلام عادل يا جدِّي // ونفرح يا شعبي وبلدي //
والعالم كلُّه حَدِّي // وين السَّلام يا ربِّي // سلام عادل يا جدِّي // " ).

وحسب قول الشاعرة " آمال " لقد أطلعَ على هذه القصيدةِ وقرأها الشاعرُ الفلسطيني الكبير المرحوم " محمود درويش " وكان زميلا لها في الدراسةِ الثانويةِ في قرية كفر ياسيف، وقد أعجبَ كثيرا بالقصيدةِ.. لمعانيها وأهدافِهَا السَّاميةِ. وهذه القصيدةُ من ناحيةٍ عَامَّةٍ وتحليليَّةٍ فهي جميلة الإيقاع وسهلة ٌ للحفظِ وسلسة ٌ، وتدخلُ للأذن ِ والقلب بسهولةٍ (من ناحيةٍ ذوقيَّةٍ ) ويحفظها الطفلُ بسهولةٍ. وأمَّا أهدافها المعنويَّة والفكريَّة فهي تجَسِّدُ واقعَ الطفل الفلسطيني الذي يقبعُ هو وأهلهُ وشعبُهُ تحتَ الحصار المؤلم ويُعاني من أهوال الحرب والتضييق والتنكيل. فالطفلُ الفلسطسيني - حتى الصَّغير جدًّا (سنًّا) وعيُهُ يسبقُ عمرَهُ وجيلهُ، ويوجدُ عندهُ وَعيٌ سياسي كبير قد يتفوَّقُ على الرجال الكبار من الشُّعوب الأخرى، وذلك نتيجة ً للظروفِ الصَّعبةِ والأهوال التي يعانيها ويُشاهدها يوميًّا ((من الحرب والدَّمار والقصفِ والتضييقات ))... وهذه أقرب وأسرع طريقة لتوعيةِ الشُّعوب. فهذا الطفلُ عقلُه وتفكيرُهُ أكبرُ من عمرهِ الزَّمني (أعني كل طفل فلسطيني) - حسب معنى القصيدة أنَّ عقلهُ أكبر من جيلهِ ومن جسدِهِ. كما أنَّ قلبَ هذا الطفل وكل طفل فلسطيني مليىء بالمَحَبَّةِ والوداد والبراءةِ... وليسَ بالحقدِ والكراهيةِ رغم الظروف القهر والقمع والتنكيل التي يمرُّ بها مع جميع أبناء شعبهِ وأقرانهِ من الأطفال الفلسطينيِّين. وهو يَعِي وَيُدركُ بالضَّبطِ ما يجري حولهُ. وهذا الطفلُ يُحاورُ جدَّهُ (على لسان الكاتبة الشاعرة آمال) ويذكرُ لهُ كيفَ أنَّ الكثيرين من الأطفال في مثل جيلهِ يموتون ويُقتلون دونما ذنب، وهو بدورهِ (الطفل) يتشَوَّقُ ويتوقُ للسَّلام... السَّلام العادل والمتكاقىء وليسَ السلام الناقص والسَّلام المبني على الخنوع والذلِّ والتنازل. وإذا تمَّ السَّلامُ وأخذ الشَّعبُ الفلسطيني حقهُ سيفرحُ هذا الشَّعب والبلادُ كلها...وسيحسُّ الطفلُ الفلسطيني كأنَّ العالمَ بأجمعهِ يُشاركهُ الفرحة َ وكلَّهُ معهُ. ولكنَّ الطفلَ يتساءَلُ في النهايةِ ويرفعُ يديه للصَّلاةِ متوسِّلا ً ويقولُ:

( "وين السَّلم يا ربِّي // سلام عادل يا جدِّي // "). – إنتهى.

هذه القصيدة ُ تجسِّدُ بالضَّبطِ شعورَ وإحساس كلِّ طفل ٍ فلسطيني في الضفة والقطاع وفي الشتات تعرَّضَ أهلهُ وبلدُهُ لويلات الحرب والقصفِ والقمع والتنكيل. فيتمنَّى، بدورهِ، كما يتمَنَّى معظمُ الشَّعب الفلسطيني كبارًا وصغارًا حلَّ القضيَّةِ الفلسطينيَّةِ ونيل الحقوق كاملة ً وتحقفيق السَّلام العادل فينعمُ الجميعُ بالهدوءِ والأمن والسَّلام.

والقصيدة مستواها عال لقيمتِهَا الفنيَّةِ والفكريَّةِ والموضوعيَّةِ ولهدفها السَّامي وتستحقُّ أن توضعَ وتدرجَ مع روائع الأدب العالمي وأن تترجمَ للُّغاتِ الأجنبيَّة وأن تلحَّنَ وتغنَّى... وليسَ غريبًا أن يُبدي شاعرنا الكبير" محمود درويش " إعجابَهُ بهذهِ القصيدة، فهي مُغنَّاة ٌ وتنشدُ لكلِّ طفل قلسطيني.

ولننتقل إلى قصيدةٍ أخرى أخرى بعنوان: " رايحين عَ الرَّوضة " - فتقولُ فيها آمال:
( يا عَمِّي يا بُو أمينْ عَبِّ السَّيَّارَهْ بانزينْ
عَ للرَّوضَهْ إحنا رايحِنْ فيهَا آمال معلِّمتنا
فيها نرسم ورده ونهرْ فيها نرسم سمكه وبحر
كعكة عيد نوكل شهر ونغنِّي أغانينا..
روضتنا فيها ألعابْ ونقرا القصَّه من الكتابْ
والزُّوَّادِه وَرَا البابْ خَبِّيناهَا بشنطِتنا " ).

هذه القصيدة ُ كتبتها باللَّهجةِ العاميَّةِ القريبة بالفصحَى وهيَ على وزن " القرَّادي " الجميل، والكثيرون من شعراء الزَّجل والعاميَّةِ يكتبون عليهِ وهو يصلحُ لكلِّ المواضيع. ويمتازُ هذا الوزن بموسيقاهُ الرَّنَّانةِ السِّريعةِ الإيقاع والحماسيَّة ويصلحُ دائمًا للتلحين والغناء، كما أنَّ القصائد التي على هذا الوزن سهلة ٌ للحفظِ لجمال وسلاسةِ إيقاعِهِ وملائمٌ جدًّا للأطفال. والقصيدة ُ تعكسُ جَوَّ وعالمَ الطفل وبالذاتِ في الرَّوضاتِ والبساتين وماذا يتعلَّمُون هناكَ وكيفَ يرسمونَ الوردَ والنهرَ والأسماك، وكيفَ تكون أيضًا مواسم الأعياد... وفي أعياد ميلاد الأطفال كيف يصنعونَ الكعك ويغنون الأغاني الجميلة َ دائمًا... حيث تقومُ كلُّ معلِّمة روضةٍ بدورها ووظيفتها في سردِ القصص وقراءتِها للأطغال (والكتب مليئة بالصُّور).. وكيفَ أيضًا يضعُ الأطفالُ زواويدَهم وشنطاتهم خلفَ الباب...( إنَّهُ جوٌّ واقعيٌّ مئة بالمئة لواقع الطفل وعالمِهِ في الروضات والبساتين ). والقصيدة ُهذهِ أيضًا ترفيهيَّة وَمُسَلِّية ٌ ورائعة ٌعندما تغنَّى. ولآمال كرينِّي قصيدة ٌ أخرى بعنوان: " الزيتون " تتحدَّثُ فيها عن موسم قطفِ الزيتون...وتعطي الطفلَ فيها صورةً كاملة ً لشكل ِأشجار الزيتون وكيفَ يتمُّ قطف الثمار. فالقصيدةُ تعليميَّة تثقيفيَّة( فيها تحثُّ الطفل للتمسُّك بالإنتماء وبالجذور والأصول وتعلِّمهُ حُبَّ الأرض والشَّجر والطبيعة والتمسُّك والتشبُّث بالأرض). والزيتونُ دائمًا يبقى رمزًا للبقاء والصمود حيثُ يُعمِّرُ طويلاً ويظلُّ رمزًا لهويَّتِنا القوميَّة وشاهدًا على وجودنا وحضورنا.

وتشرحُ الشَّاعرة ُ للطفل ِ طريقة َ قطفِ ثمار للزيتون ( بالشّقشاقة )... وكيف يلتقطون الثمارَ عن الأرض فمنها الأسود ومنها الأخضر والأسمر... وكيفَ يكبسون الزيتونَ ويحفظونهُ، وكيف يعصرونهُ في المعاصر ويستخرجون منهُ الزيت ). وتقولُ في القصيدةِ:

( " ِمشوارْ مِشوارْ // يلاَّ نرُوح مِشوارْ //
كروم الزيتون الحلوه // عم تستنَّى ولادها لِصعارْ //
ومنحمِل هالشقشاقهْ // ومنفرط زيّ الكبارْ //
ومنلقط حبّ الزيتونْ إحنا الحلوين الشُّطَّارْ //
حبِّهْ خضره // وحبِّه سمرَا // بيصيرُوا قنطارْ //
رَصَّت الماما وكبسَتْ // كوم الزيتون ال بالدَّارْ //
دَرَسنا وتهنِّينا // ومن المعصرَه اشترينا //
أطيب زيت تعشِّينا // من كرم أبو خطَّارْ // " ).

ولها أيضًا قصيدة ٌ في هذا الديوان بعنوان: " بابا وماما " تتحدَّثُ فيها "آمال "على لسان الطفل وكيفَ أنَّ أباهُ وأمَّهُ بجانبه ويشتريان لهُ الألعابَ ووسائلَ الترفيهِ التي يُحِبُّها ويهتمَّان به كثيرًا ولا يدعانَ شيئا ينقصُهُ...وإذا مرضَ يأتيان بالطبيب إليهِ... ودائمًا يُدَلِّلانه وَيُرَبُّيانِه أفضل وأسمى تربية... فهذه القصيدة ُ تعلِّمُ الطفل كيف يُحِبُّ والديهِ ويحترمُهما لأنَّهُ بحاجةٍ إليهما دائمًا ولكونهِما دائمًا ساهران عليهِ وحريصان على مصلحتِهِ وعلى سلامتِهِ وسعادتِهِ وحياتِهِ. فتقولُ فيها:

( " بابا وماما بحبُّوني لها الدنيا جابوني
عملولي ألعاب كثير ودايما حدِّي يلاعبوني
قبل النوم حكولي قصص كثيره هنُّوني
لمَّا ازعل شي مرَّه يجي لعندي يراضوني
ولمَّا أمرض شي مرَّهْ للطبيب يوَدُّوني " ).
دلَّلوني وفسَّحوني عَلَّمُوني وربُّوني
يا ربّ أصير كبير تَ أشيلهُم بعيوني " ).

ولها قصيدة ٌ أخرى بعنوان: " الولد الضَّعيف " فتعلِّمُ الطفلَ فيها كيفَ يهتمُّ بنفسهِ وبنظافةِ جسمهِ كله وفمه وأسنانه... وتشرحُ لهُ كيف أنَّ النظافة َ مُهمَّة ٌ جدًّا للإنسان: صحيًّا واجتماعيًّا وشكليًّا. ولها قصيدة ٌ بعنوان: الرَّبيع " في هذا الديوان وهي تصلحُ لجيل الطفولةِ المتقدَّم وللكبار نوعا ما لمستواها العالي ولأفكارها الرَّاقيةِ وللتشبيهاتِ والصُّور والتعابير البلاغيَّةِ الفنيَّة الجميلة، فتقولُ فيها:

( " هلا بيك يا ربيعنا يا ملوِّن روابينا
يا مزيّن أراضينا يا مجدّد أمانينا " ).

وسأكتفي بهذا القدر من إستعراض قصائد وأشعار آمال كريني للأطفال وسأنتقلُ إلى مجال القصَّةِ وسأتطرَّقُ إلى كتابها للأطفال - قصَّة " بلبل بلابل " - تأليف آمال كرينِّي - ورسومات الكتاب المرحوم د. سليم مخولي. وهذه القصَّة ُ تعطي الطفلَ كلَّ ما يحتاجهُ: نفسيًّا وعقليًّا، وتدخلُ في ذهنهِ الجَوَّ الأسري الوديعي الدَّافىء وجوَّ السَّلام والمحبَّة والوداد، وجوّ البراءة. وللقصَّةِ دروس إنسانيَّة تعليميَّة، مثلا ً:

1)هذه القصَّة تُنبِّهُ الطفلَ وتشيرُ أنَّ هنالكَ البعض مِمَّن يُريدُ السُّوءَ للغير.
2 ) القصَّة ُ تريدُ أن تقولَ لنا (وللأطفال): إنَّ كلَّ كائن ٍ في هذا الوجودِ لهُ الحقُّ الطبيعي أن يعيشَ بحريَّةٍ وأمان ٍ وأن يكونَ لهُ بيتٌ واولاد... وعليهِ أيضًا واجباتٌ وخدماتٌ ولهُ حقوق. وهذه القصَّة ُعبارة ٌعن قصَّتان في قصَّةٍ واحدة - القصَّة ُ الأولى تتحَدَّثُ عن بلبل وبلبلةٍ يتزوَّجان ويبنيان عشَّهما على أغصان شجرةٍ عاليةٍ، وتبيضُ البلبلة ُ بيضها، ويتساويان ويتقاسمان((البلبلُ والبلبلة)) الرُّقادَ على البيض حتى يفقِّسَ البيضُ فراخا وتكبرُ الفراخُ وتتعلَّم الطيرانَ وتترك الأهل (البلبل والبلبلة آباءهما) ويبنون لهم أعشاشا مستقلَّة، ويرجعُ بلبلٌ وبلبلة كما بدَآ.

والقصَّة ُ الثانية ُ تتحدَّثُ عن قطَّةٍ تحاولُ بشتَّى الوسائل والطرق التخريبَ على العصافير لتمنعهم من بناء الأعشاش (البيت ) وتربية الفراخ، وتحاول أكلهم.

ولننتقل إلى قصَّةٍ أخرى من قصص الكاتبةِ بعنوان: " قصَّة عيد ميلاد حبيب ". هذه القصَّة ُ تتحدَّثُ عن طفل ٍ يُريدُ أن يحتفلَ بعيدِ ميلادِه مثلَ باقي الأطفال ويُريدُ أن يدعو أصدقاءَهَ ويشتري لهم الكعكَ والحلويات وغيرها. ولكن حالتهُ الماديَّة َ لا تسمحُ لهُ بذلك، فيبكي الولدُ كثيرًا، فتهديهِ الجدَّة ُ هديَّة ً عاديَّة ً وتقولُ لهُ: إذا وشوشتهَا بجملةٍ عجيبةٍ غريبةٍ تصبحُ الهديَّة ُ سحريَّة ً، وبعدَ ذلك يبدأ الطفلُ بتجربةٍ ومرحلةٍ جديدةٍ من حياتِهِ مفرحة جدًّا ويحلمُ بكلِّ ما أرادَ، ويوقضُهُ والدُهُ في النهايةِ فيُدرك أنَّهُ كانَ يحلمُ.... ويتساءَلُ: هل كنتُ أحلمُ ؟؟!. وتنتهي القصَّة ُ باحتفال الأهل وبكعكةٍ خبزتهَا الأمُّ ويرضَى الطفلُ وأهلهُ. والقصَّة ُ إنسانيَّة ٌ واجتماعيَّة ٌ... وفي بعض ِ أجزائِها واقعيَّة ٌ بحتة، وفيها الجزءُ والجانبُ الفانتازي الخيالي...(هديَّة جدَّته السحريَّة). والقصَّة ُ ذاتُ طابع ٍ ترفيهي فتُفرحُ وتسلِّي الطفلَ فيستمعُ إليها بحُبٍّ وشغفٍ واتنسجام. وسأكتفي بهذا القدر من إستعراض قصائد وقصص أدب الاطفال للكاتبةِ والشَّاعرة " آمال كرَيَنِّي ".

وأخيرًا: نتمنَّى للكاتبةِ والشَّاعرةِ القديرة المُبدعةِ " أمال كرينِّي" التوفيقَ والنجاحَ والمزيدَ من الإصدارات الأدبيَّة والشعريَّة في جميع المجالاتِ والمواضيع.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى