الأربعاء ٣٠ آذار (مارس) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم جوهر

هدية يوم ميلاد شهد

كنت أتمنّى لو أهدي لـ"شهد محمد" هديّة في يوم ميلادها في الحادي والثلاثين من شهر آذار 2016، لكنّها أهدتنا –نحن القرّاء- هديتها الحزينة تحت عنوان "خذلان شتاء" على شكل قصّة قصيرة، فيها الحدث الرّئيس هو اعتقال الأخ الأكبر وتغييبه وراء جدر العتمة والإهانة، ليواصل الصّمود والسّعي للحياة بأمل.

"شهد" ابنة السّابعة عشرة تكتب رسالتها إلى العالم والتّاريخ بلغة القلب والعاطفة والطفولة لتقول: نحن نستحقّ حياة أفضل وأجمل، تعتني بالطفولة والأطفال والفرح. لكنّها غرفت من واقعها الطفولي المشوّه –كحال الطفولة في بلادنا- فجاء الحدث منصبّا على الاعتقال والتّعذيب والحصار والانتقام، وغياب الفرح عن حياة الفلسطينيّ الذي يعيش حزنا متواصلا يشكّل الفرح فيه مناسبات موسميّة.

تبدأ قصّتها وتنهيها بقولها: "الحياة موسميّة الفرح دائمة الأحزان"،
وحين بدا أنّ نافذة للفرح في نهاية القصّة قد بدأت تشرع أصرّ الحزن والفراق على إغلاقها...

لقد حاولت الالتفات لمفردة "الحزن" وأخواتها ومرادفاتها لغة ومعنى في "خذلان شتاء" شهد محمد، فهالني هذا التّكرار والاصرار على مفردة الحزن والتّعب والدّموع والضّياع، والحسرة والانكسار والظلام والألم والحياة الموحشة، والغياب والبكاء والحذر والأوجاع والمعاناة ورماد الأمل والكسر والغربة... وهذه المفردات أحصيتها في القصّة التي حملت عنوان "خذلان شتاء".

عتبة القصّة هنا تشير إلى مضمونها، وحين تكون الكاتبة طفلة في عمر السّابعة عشرة فإنّ هذا يشير إلى حالة الخذلان العامّة والحزن المقيم في أطفالنا، مما يدفع المهتمين المتابعين للمزيد من البحث والتّمحيص وتلمّس وسائل الدّعم والعلاج النّفسي- الاجتماعيّ- الثّقافيّ.

في بداية نصّها القصصي- التّوثيقي بدأت "شهد محمد" بما أسمته "توطئة" عبّرت عن وعيها بدور القلم في المقاومة، وعن اتّساع الوطن عن قدرة القلم بالكتابة عنه لذا فستكتب له.

وقفت عند وعي الكاتبة برسالتها الممتزجة بالحزن والخذلان النّاتجين عن هذا الوعي نفسه، بما يجب أن يكون مقارنة مع ما هو كائن: لقد أنضجت الظروف المعيشيّة أطفالنا قبل أوانهم، فدفعت بهم إلى البحث عن ذواتهم الخاصّة وعن ذاتهم العامّة.

كنت أتمنّى أن أقدّم باقة ورد لـ"شهد" في يوم مولدها السّابع عشر، فسبقتني وهي تقدّم لي باقة حزن نتيجة خذلان عالم الكبار لعالمها الصّغير الوديع.

خذلان شتاء- قصّة قصيرة في 53 صفحة صدرت عن المكتبة الشعبية في نابلس. 2015م. وستناقش في "ندوة اليوم السابع المقدسية" مساء الخميس 31 آذار، وهو يوم ولادة الكاتبة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى