الاثنين ١٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

الحاروني متعهد الحفلات وذكرياته مع عبد الحليم حافظ

تعد قصيدة لقاء أول وأخر تعامل بين الشاعر صلاح عبد الصبور وبين بلدياته الفنان عبد الحليم حافظ وقد لحن القصيدة الموسيقار كمال الطويل وكانت أغنية حبيبتي من تكون للشاعر خالد بن سعود ولحن بليغ حمدي آخر ما غني عبد الحليم.
قال الحاروني متعهد حفلات: كان لقائي الأول مع عبد الحليم حافظ في صيف عام 1959 عقب عودته مباشرة من رحلة علاج في لندن استغرقت شهورا وفي منزله عرضت عليه فكرة إقامة حفل غنائي مقابل 1500 جنيه وكان مبلغا ضخما لم يسبق أن تقاضاه أي مطرب عربي ورغم ذلك تردد عبد الحليم في الموافقة طالبا أن أعطيه مهلة للتفكير على أن يتصل بي مساء وفي الساعة الخامسة اتصل فعلا مؤكدا موافقته علي إقامة الحفل في يوم 2 أغسطس على مسرح 26 يوليو بالأزبكية والحقيقة أن تذاكر هذا الحفل قد نفدت بمجرد طرحها في الأسواق مما أغري متعهدي حفلات آخرين بالسعي للتعاقد معه لإحياء عدد من الحفلات ووقع عبد الحليم فعلا في تلك الفترة علي أكثر من عقد ولا أنكر أنني استأت من تصرفه هذا خاصة أنني كنت صاحب فكرة تنظيم أول حفل تجاري لأن عبد الحليم في تلك الأثناء لم يكن يغني سوى في المناسبات العامة وحفلات أعياد الثورة متبرعا في أغلب الأحيان أما الحفلات التي كانت تنظمها الإذاعة فلم يكن أجره فيها يزيد على مائة جنيه وربما كان هذا الموقف منه سببا في اتجاهي لتنظيم حفلات للمطرب فريد الأطرش مقابل 1500جنيه أيضا وكان أول حفل في العاشر من أغسطس من العام نفسه في سينما قصر النيل أي بعد حفل عبد الحليم حافظ بأسبوع واحد وحقق حفل فريد الأطرش نجاحا كبيرا رغم أنه كان الحفل التجاري الذي يحييه وكان أيضا سببا في حالة جفاء وخصام بيني وبين عبد الحليم حافظ وبداية حدوث أزمة في العلاقة بين عبد الحليم وفريد ولذا ازدادت حدتها عقب التنافس بينهما علي حفلات الربيع وكنت أيضا المتسبب فيها دون قصد أو تعمد.

أضاف قال الحاروني متعهد الحفلات: قبيل صيف عام 1968 كانت المنطقة العربية مازالت تئن بتوابع نكسة يونيو 1967 وعرضت على عبد الحليم حافظ تنظيم حفلتين في لبنان في شهر أغسطس 1968 وبسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية كان ممنوعا منعا باتا تقديم أي أغان وطنية في الحفلات العامة وهذا ما نص عليه تصريح الأمن العام اللبناني الذي حصلت عليه لإقامة الحفلات بما يتضمنه من إقرار من التزام التعليمات وإلا سأقع تحت طائلة القانون وفي القاهرة شرحت لعبد الحليم ما حدث وخاصة ما يتصل بفقرة منع تقديم الأغاني الوطنية خاصة أن عبد الحليم اشتهر بهذه الأغاني التي حققت انتشارا واسعا في العالم العربي وأحبتها الجماهير وتعاطفت معها وقلت له من باب الاحتياط: أرجو أن تعمل بروفة لأغنية أحلف بسماها لأن أغنية صورة بالذات ممنوعة وأثناء الحفل وفي وجود ما يزيد علي عشرة آلاف متفرج غني عبد الحليم مجموعة أغنيات منها التوبة وحبيبها وعلى حسب وداد قلبي وهنا بدأت الجماهير تهتف.. صورة.. صورة.. ومع استمرار الحفل راح يتكرر الهتاف وكاد عبد الحليم يختتم الحفل ويغادر المسرح ولكن الجماهير عادت تهتف بصورة أشد وأعنف وبدا من المنظر العام أنه من الوارد جدا حدوث مشكلة كبري لا يعلم مداها إلا الله وهنا صعدت إلى المسرح وفوجئت أن عبد الحليم يتصبب عرقا رغم أن المسرح مكشوف والجو فوق جبل لبنان في تلك الليلة كان باردا وبسرعة قلت له: غن أحلف بسماها وبدأت الفرقة الموسيقية العزف ولأول وهلة بدا وكأن الجماهير قد هدأت وانتهت أغنية أحلف بسماها وكانت المفاجأة من العشرة آلاف الموجودين أنهم ظلوا يرددون.. صورة صورة.. وكأن أغنية أحلف بسماها قد أشعلت حماسهم وألهبت مشاعرهم بشكل أكبر وحاول عبد الحليم إنهاء وصلته ولكن حدة الهتاف زادت مما اضطره للعودة إلى المسرح بينما رجال الأمن ينظرون إليه بترقب ويعلقون آذانهم علي الفرقة الموسيقية استعدادا للتدخل وفق التعليمات كادت أن تحدث ثورة إذا لم يغن عبد الحليم أغنية صورة وصعدت إلى المسرح مرة ثانية وقلت: مفيش فايدة.. غنِّ صورة فأشار إلى رجال الأمن وقال: وماذا ستفعل مع هؤلاء؟

قلت: السجن أفضل من الكارثة!

غني عبد الحليم حافظ أغنية صورة كما لم يغنها من قبل وكان انفعال الجماهير يدل علي أنها لم تأت إلا من أجل سماع هذه الأغنية!.

في سياق متصل قال الحاروني متعهد الحفلات: كان عبد الحليم حافظ محبوبا في المغرب بشكل غير طبيعي ولكنه في ذات الوقت كان ممنوعا من دخولها وكانت أفلامه ممنوعة من العرض السينمائي هنا وحتى أغانيه كانت ممنوعة في الإذاعة والتليفزيون والأسواق والسبب أن هناك من وشي مدعيا أن عبد الحليم غنى أغنية هاجم فيها المغرب ولهذا فعندما فكرت في تنظيم حفلات هناك لعبد الحليم حافظ علمت أن الأمر هو بيد جلالة ملك المغرب شخصيا وكان الحل الذي توصلت إليه بناء على نصيحة صديق عزيز هناك هو أن يكتب عبد الحليم حافظ شخصيا للملك يشرح فيه كل الموضوع وبالفعل كتب عبد الحليم الخطاب وأرسله عن طريق سفارة المغرب بالقاهرة وبأسرع مما نتصور انتهت المشكلة وسافر عبد الحليم حافظ والفرقة الموسيقية إلى المغرب بدعوة شخصية ورسمية من جلالة الملك الحسن الثاني.

عقب الحفل توجه عبد الحليم حافظ إلى مبني الإذاعة المغربية لإجراء حوار وفي هذه الأثناء حدثت محاولة انقلاب وتمت محاصرة الإذاعة وطلب أحد الانقلابيين من عبد الحليم حافظ إذاعة بيان الانقلاب بصوته لكن عبد الحليم بمنتهى الجرأة رفض الأمر وقال: أنا فنان وليس لي علاقة بالسياسة ثم أنني ضيف على المغرب وبدعوة من الملك شخصيا وهنا انفعل أحدهم وأطلق رصاصة في اتجاه عبد الحليم حافظ ولحسن الحظ أخطأته وأصابت أحد موظفي الإذاعة وفي تلك الأثناء كان قد تم إحباط محاولة الانقلاب وتم القبض علي قادتها ونجا عبد الحليم حافظ من محاولة اغتيال.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى