الأربعاء ٢ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٦
«ايجاد دوري»:
بقلم مهند النابلسي

معجزة «تحريكية» ذات فكرة مجازية!

انه فيلم مغامرات تحريك كوميدي منجز باسلوب "الثري دي" ومنتج من قبل استوديو بيكسار وموزع من قبل والت ديزني: تركز قصة هذا الشريط المبهر على السمكة الزرقاء الظريفة "دوري" ومغامراتها في طريق العودة لوالديها بعد أن فقدت...حيث يتم أسرها، ووضعها في أكواريوم كاليفورنيا، فيما يحاول صديقاها المخلصان "مارلين ونيمو" انقاذها واطلاق سراحها...حقق هذا الفيلم أرباحا هائلة بعد عرضه عالميا وقد تجاوزت ال 655 مليون دولار...يحدث أن تساعد دوري على تنشئة نيمو وتساعد والده مارلين، وفي يوم ما تتذكر فجأة طفولتها، وبأن لها عائلة، وتقرر السعي لايجاد والديها، ولكن ذاكرتها القصيرة الأمد تقف عائقا، وجل ما تتذكره أنها كانت تعيش آمنة في زاوية ما بميناء "مورو"، ويتعاطف "مارلين ونيمو" لمساعدتها بالعودة لعائلتها، ويركبون امواجا في كاليفورنيا، ولكن "مارد بحري مفترس" يجبرهما على الهروب، كما تنجو دوري بنفسها، ويطلبون النجدة من البحرية المجاورة، ويتم أسر دوري وارسالها للحجر البحري بعد "وسمها"، وهناك تلتقي مع اخطبوط ودود بسبعة أقدام يدعى "هانك"، ويلاحظ فورا "وسم" دوري، الذي يشير بأن دوري ستعود لأكواريوم في "كليفلاند"، والذي يرغب "هانك" بالعيش فيه ايضا، لذا يوافق على مساعدة دوري مقابل اعطاء الوسم له، ثم تلتقي دوري مع صديق طفولتها "الحوت القرشي"، والذي يتصل معها عبر الأنابيب، ويحدث احيانا ان تسترجع دوري بعض ذكرياتها مع والديها، ولكنها تعجز عن استرجاع التفاصيل...ثم يحاول كل من "مارلين ونيمو" انقاذ دوري بمساعدة أسدي بحر لطيفين يدعيان "فلوك ورودر"، ويوصلانها للمعهد البحري، وتتذكر فجأة كيف انفصلت عن والديها، وتسمع في ليلة ما نحيب امها وكيف غادرت المنزل لاسترجاع "صدفة جميلة" لاسعاد والديها، ثم تتذكر كيف سحبها التيار المائي الجارف عنوة لداخل الأعماق حيث الجدران المائية المغطاة بالطحالب وأكياس البلاستيك (في اشارة للتلوث البيئي للمحيط الأطلسي)..ثم تلتقي دوري مع صديقيها "مارلين ونيمو" داخل نظام الأنابيب، ثم يخبراها بأن والديها قد هربا من المعهد البحري سعيا للبحث عنها، ولكنهما لم يعودا بعد ذلك، فتعتقد دوري أنهما ربما قد توفيا على الأغلب...وينجح "هانك" باسترجاع دوري من الخزان المائي، تاركا ورائه "نيمو ومارلين"...ويحدث بالصدفة ان يسقط أحد موظفي المعهد المائي "دوري" بالصدفة لانبوبة الضخ للمحيط، فتندفع دوري تلقائيا باتجاه "كومة من الصدف"، وتتذكر فجأة حينئذ كيف علماها والداها بكيفية الاستدلال على طريق العودة للمنزل، ثم تجد منزلا فارغا مع خطوط طويلة من الحلقات والصدف، وترى فجأة والديها "شارلي وجيني"، وتندفع فرحة للقائهما، كما تنقذ السمكتين "ديستري وبيلي"، وتحاول اقناع هانك للعودة ثانية للمحيط لايجاد صديقيها "مارلين وتيمو"، ويصلان لمستوطنة سمكية كبيرة، حيث يطلقان سراح كل السمك المسجون، وتعود فرحة لتنضم لوالديها بصحبة "مارلين ونيمو" وكل اصدقائها الجدد.

نال هذا الشريط التحريكي ثناء نقديا عاليا (حوالي 95%)، وقد نجح هذا الفيلم بشحن المشاهدين عاطفيا، حيث نادرا ماتفعل أفلام التحريك ذلك، ونجح بدمج الدفء "الانساني" بالجاذبية المشهدية المفعمة بالألوان الجميلة الفاقعة والكوميديا الظريفة، كما خلط بتوازن ما بين كل من "الفكاهة والتهريج والحزن والشفقة والحنين للديار" باسلوب متماسك لاهث، وحقق بذلك "معجزة تحريكية" فريدة في عالم السينما. الفيلم من اخراج وكتابة "أندروستانتون وآنغوس ماكلان".

المغزى السردي للحركة الحيوية .. والتواءم المدهش للمشاهد الجامحة الملونة والأصوات المعبرة والشاعرية الخفية:

الحنين للعائلة ولم الشمل والحاجة الماسة للأصدقاء

بعد مرور سنة من لم شمل نيمو (هايدن) مع والده مارلين (ألبرت بروكس)، تقوم السمكة الزرقاء (أليف جينيرس) بتذكر طفولتها من خلال "الفلاش باك"، وتقرر البحث عن اسرتها المفقودة، بالرغم من معاناتها لفقدان الذاكرة "القصير المدى"، ثم تتذكر بأنهم كانوا يعيشون معا في "جوهرة خليج مورو"، ويساعدها مارلين مع نيمو في ركوب تيارات المياه باتجاه كاليفورنيا، وتوقظ في طريقها "الحبار المفترس"، وتنطلق للسطح طلبا للمساعدة حيث يلتقطها موظفي معهد "الحياة البحرية" من داخل حزمة مكونة من ست حلقات، وهناك يسعى الاخطبوط العابس الطيب "هانك" لمساعدتها، كما تصادف صديق طفولتها الحوت القرشي "قصير النظر"، كما تلتقي بحوت آخر عاجز يدعى "بيلوغا"...ثم يسعى صديقاها "مارلين ونيمو" لانقاذها بمساعدة اثنين من اسود البحر وغواص طيب اسمه "بيكي"، وتلتقي مع والديها اخيرا، وتقنع دوري هانك للعودة ثانية للبحر، ويختطفا شاحنة ويقودانها على الطريق السريع، ولكنها تتحطم في الماء ويتم تحرير جميع الأسماك "المأسورة"، وتجتمع مع والديها جنبا الى جنب وتحتفل مع الأصدقاء الجدد، ثم تعود فرحة الى "الشعاب المرجانية" مع صديقيها "مارلين ونيمو"...وبعد فربما اختيار سمكة زرقاء لتحمل كا هذه العواطف الانسانية العميقة يحمل دلالة خاصة، لأن معظم الناس تتعامل مع الأسماك عموما (بأنوعها واحجامها) بشكل لا ابالي، لقناعتها بأنها مخلوقات وفرائس بحرية "بلهاء"، تفتقد للتفاعل والذكاء والذاكرة، وقد دهشت عندما قرأت مؤخرا عن اكتشاف نوع جديد من السمك البني اللون (حوالي ال40 سم)، يردد اغاني الحب خلال الليل فقط، وقال "أندرو باس" استاذ علم الأعصاب والسلوك في جامعة "كورنيل": "انها من بين الأبطال أصحاب الأصوات في البيئة البحرية بجانب الحيتان والدلافين"!

يذهب بنا هذا الشريط التحريكي الطريف في مغامرة "تحت مائية" شيقة، ويعطينا درسا مسليا في البحث عن الهوية ودور الأصدقاء وأسرار المحبة والروابط العائلية، وقد لاحظت (وهذا انطباع شخصي وحدس سينمائي) أن مشاهد عودة السمكة التائهة لوطنها، قد رافقتها أغاني جميلة صادحة، وموسيقى صاخبة خلابة، وكأنها تذكر المشاهد بثيمة الحنين "لأرض الميعاد"، وهي الثيمة اليهودية الخالدة، الذي لا يستطيع فنانو هوليوود "اليهود" بمعظمهم نسيانها أبدا، والذي يتم هنا تسريبها بذكاء وباطنية لوعي المشاهد المنبهر!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى