الأربعاء ٣٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٦
طلبة جامعة الاقصى:

ليست مجرد مُطالبات بل مُناجاة لمستقبلٌ ضائع

سماح الهندي

عندما يبدأ الطالب برحلته الجامعية يهيّئ لمُخيّلته أنه بدأ باجتياز أولى درجات سلّم النجاح، وأولى خطوات تحقيق حلمه وإرساء قواعد بناء مستقبله، يُحاول ويحاول للحفاظ على ثمرة جهود تَرفع من مكانته وتفكيره لأرقى مستوى يكون به راضٍ عن نفسه. وحين يُنجز عامًا بعد آخر، وهو في قمة سعادته بقرب جني محصوله العلمي بالشهادة التي لطالما حلم بها هو وأقرب مقرّبيه، من أسرة هيّأت له بكل السّبل إكمال دراسته لرفع رأسها بابنها أو بنتها.

وفجأة يحدث ما لم يكُن بالحسبان فهو كان قد اختار جامعة معروفة ومناسبة له، يُقبل عليها الآلاف من الطلبة عامًا بعد عام ،ولكن؛ قد وصلت لها أضرار الانقسام الذي يعاني قطاع غزة من آثاره أكثر من أي وقت مضى، نعم وصل له خبر (عدم الاعتراف بجامعته وبشهادته) وكل مجهود سيذهب في مهب الرّيح، فقد أصبح أضحوكة في يد طرفين منغمسين بشتى الطرق فقط بترسيخ مفهوم الانقسام حتى وصل للمسيرة التعليمية، دون أدنى تفكير بمستقبل أبناء شعب فقد الكثير من حقوقه فهل من مزيد؟! حين يتم تسييس العملية التعليمية فعن أي تعليم تتحدّثون؟! وحين تُركل جهود طلبة حلمها بسيط بأن تحافظ على بقائها في ظل ظروف مُمِيتة ولدَ ليضعوه بها، من وطن مُنقسم ومن حقوق تضيع وهو بأمسّ الحاجة إليها.

نزاعاتٌ ومطالباتٌ مستمرة بدأت منذ بدء الانقسام الفلسطيني عام 2007 وتزداد سوءً بعد كل مُحاولة لإيجاد حلول تُرضي الطرفين، ضغطٌ من هناك وهناك والطالب لم يفهم بأي دوّامة سيؤول، جميعها أمور تُعيق المسيرة التعليمية، فأصبح آلاف الطلبة دُمية الأشطر من يضبط تحريكها باتجاه مآربه. من هو رئيس الجامعة ومن هو نائبه ومن عميد كلية كذا وكذا بالإضافة لفصل موظفين واستقالة آخرين ..! أكاديميين تابعين لغزة يداومون، وآخرين تابعين لرام الله لن يحضروا في الاغلب...! وليس فقط بل دخول الطلبة على خط الاحتجاج والمطالبة بالإضراب وتهديدات بالفصل من الجامعة لمن يعتزم المُطالبة بالوجود ....!

أما آن الأوان لتحييد المؤسسة التعليمية عن الانقسام الذي يعكس بظلاله على التعليم الذي سيتحكم بمصير ما يزيد عن 27 الف طالب وطالبة! أم أنه شعار كغيره مما يُعلن ويُسمع صداه إعلاميًا ولا نتائج إيجابية تُذكر نحوه..! موقف لا يستوعب مجرد الّلوم على طرفٍ دون آخر، بدأ الطالب فقط بالمطالبة بإصدار قرار الاعتراف بجامعته، مطالبًا من يمسك زمام مصيره بالنظر له ولتعبه، وبالفعل نجح طلاب جامعة الأقصى بالاعتصام بشكل سلمي ورفع مناشداتهم عاليًا لعلّ يُسمع صداها باتخاذ خطوات الإقرار بمشروعية شهادته. ولكن؛ تهديدات مستمرة لمن يُشجّع المناداة بالحصول على ذلك، ولم يقف الأمر فقط عند هذا الحد بل وتم التفوّه بألفاظٍ مُسيئة لطالبة وهي تنظم نشاطات الاعتصام، فمن هي هذه الطالبة أليست أختك أو ابنتك؟! فلم الاستهانة بسحق مستقبلها! أهيّنٌ عليها أن يُهدر حقها بشهادةٍ ربما ستكون مصدر قوّتها لاحقًا.. وكأي مجتمع متخلّف يُنظر لها باللاأخلاقية؟!! شعبٌ إعتاد على التلفّظ في عهد فتح كان كذا وأما في عهد حماس فأصبح كذا.... ولأي سياسة تنحاز ومن أين تحصل على راتبك..!

عباراتٌ أخذت من تفكرينا أكثر مما ينبغي لا بد أن نوّحد صرخاتنا ولا نطالب فقط بحقوق محصورة بأزمة واحدة دون غيرها.. الافضل أن نصحو جيدًا فالآتي لا أقدّره أنا بل الموجود يُبصر خيالاتنا إليه، والحمد لله لا مُبشّر بالخير يُذكر.. فإذا كانت جذور تطوّرنا أصيبت بالنتوءات المُسدّدة لمسيرةٍ تعد من أهم متطلبات التفهم والوعي لما نحن فيه وهذا الجذر هو "التعليم"، فكيف سنواجه مُسددات الحياة الأخرى من متطلبات العيش الكريم مثلًا.؟!!

سماح الهندي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى