الأربعاء ٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٦
بقلم عادل القرين

أنا على ذمة التحقيق..!

كفكفت دمعي واتخذت مآقيَّ سراجاً، وانسكب من الأقداح ماءٌ أجاجْ!

نعم، بانت روحي عن جسدي، وجسمي مسجىً على مغتسل الحقيقة، والواقع، والخيال!
فعلى خاصرة السماء أكتب توبتي، وعلى همس الندى أعلن رحيلي، وعلى أكف الدعاء أخط اعتذاري وأسفي..

فما أظنني سأصافح يد الطريق تارة أخرى!

فأنا الذي لا تطأ رجلي أرضاً إلا لمال كيف أجنيه، أو لنجاح كيف أحتلبه، أو لاتصال كيف أستغله (وأُجَيرُه )!

أنا الذي كنت أفسر طيبتهم غباءً، وكرمهم بلاهةً، وتواضعهم سذاجة!

أنا الذي ادعيت مُجمل الكرم.. وكأن الشمس خلقت لأجلي وفي وصايتي!

أنا الذي جمعت حروف الحب في غربال الاشتغال!

أنا الذي استخففت بعقول الناس، وعبست في وجوه البشر!

أنا الذي وضعت حروف الأنا في (مخرف) الغرور، والتكبر، وغطرسة العظمة!

أنا الذي قويت هذا وأضعفت ذاك؛ بجهل مني، وقصور بفهمي..!

أنا الذي جعلت الفقير من أهلي يُلاحقني كملاحقة الفصيل لأمه!

أنا الذي كسّرت أغصان كل مبدعٍ، وأسكت فاه كل بارعٍ، وقطعت أوراق كل فنانٍ..

مُزمجراً معاتباً على من آلمني وأتعبني في بدايتي!

أنا الذي التصقت بالبسطاء.. ظناً منهم أن ذلك لتواضعي وبساطتي..

وفي المحافل الكبرى أتجاهلهم حتى بأسمائهم لأقيم طقوس الاستعباد المقنع عليهم بحفنات البركة المعدودة!

أنا الذي لا أنظر إلى أخي بإنسانيته، ولا إلى صديقي لشراكته.. فنظرت إليه لشهرته، ومكانته، ومصلحته!

أنا الذي ذممت كل صباحٍ مساء.. وحينا أهداني المال لونت كنه الزلال!

أنا الذي أقيّم الناس على قدر صحونهم.. وما دون ذلك أعتصره على مقاعد الأفراح والأتراح!

أنا الذي امتطيت حصاني، وامتشقت سيفي، وسددت سهمي، وطعنت برمحي، وصلت وجلت لمآربي!

أنا الذي ما رست وتفننت على ذاتي وجماعتي بهاتف (أبو رنة) ليلاً، وضحكت عليهم نهارا..!ً

أنا الذي خالفت أقوالي، ولم أوف بعهدي، وتنكرت وبررت لأفعالي!

أنا الذي اقترضت الفكر لإيصاله.. فقمت وأعلنت على استبداله!

أنا الذي لفقت حبال الكراهية على أعناقهم.. وفتحت خيوط صدري لمدحهم!

أنا الذي كنت هاتف عملة لهذا وذاك.. وامتهنت التعالي بالنسيان (والتناسي) لأجلهم!

أنا الذي ركبت العمارة، وتكهنت بأسماء مستعارة، ومآقٍ (فرارة)!

أنا الذي أتأخر عمّن دعاني للوليمة.. كي أقيم الضجيج بحضوري للعزيمة!

أنا الذي امتهنت الفهم و(الأستذة) على منهم دوني.. مدعياً كثرة علمي واطلاعي!

أنا الذي تناسيت كيف كنت، وكيف أصبحت!

ولا زلت أنا أنا أنا..

حتى ضجّت جوارحي بالبكاء والنحيب..

لتكون كسرة الخبز اليابسة التي أعطيتها ذاك اليتيم الجائع هي من أنقذتني، وخلصتني من أغلال جهالتي!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى