السبت ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٧
بدون مؤاخذة
بقلم جميل السلحوت

هبل الفيبسبوك

من ينتبه لظواهر الهبل في وطننا الذي كان عربيّا، سيجد أنّ للهبل وجوها مختلفة تحتاج إلى دراسات علميّة للوقوف على أسبابها ونتائجها، ويبدو أنّ صفحات التّواصل الاجتماعي قد أصبحت مرتعا خصبا لصنوف من الهبل! فمثلا تضع إحداهنّ صورة إحدى الممثّلات أو عارضات الأزياء، أو....إلخ على أنّها صورتها الشّخصيّة، فتنهال عليها إشارات الاعجاب وتعليقات التّغنّي بجمالها! فتنفتح قريحتها بآيات الشّكر والعرفان للمعجبين الوهميّين! وتستمرّ حالة الهبل والاستهبال لتكتب إحداهنّ -وهنّ كثيرات- كلمة لا طعم ولا ولون ولا رائحة لها مثلا تكتب"زهقانة" فتنهال عليها صنوف الاعجاب وتعليقات الأمنيات لها بالخروج من حالة "الزّهق" هذه، وكأنّ زهقها هذا يقلق البشريّة جميعها.

وتتلاحق صنوف الهبل بنشر صور لموائد طعام عاديّة جدّا مثل طبخة" رؤوس الماشية وكروشها(معداتها) وأمعائها" وتتواصل إشارات الاعجاب والتعليقات الدّاعية لسلامة أيدي الطّبّاخين وكرم الضّيافة!، وكأنّ هذه الطّبخة تشكّل اكتشافا علميّا عجزت عن مثله وكالة "ناسا" الأمريكيّة لعلوم الفضاء! وهذا ليس استهزاء بهذه "الطّبخة" الشّعبيّة التي يعرفها ويستطيبها الأثرياء والفقراء وما بينهما، بمقدار السّؤال الذي يطرح نفسه وهو : ما الهدف أو الجدوى من نشر هكذا أمور حتّى لو كانت مائدة فاخرة؟

ويتطوّر الهبل ليصبح حالة انفصام عندما يهدّد البعض بشطب صداقته مع من لا يتفاعلون مع "منشوراته العظيمة"! علما أنّه لا ينشر شيئا لافتا إيجابا أو ذا قيمة، لكنّه يعتقد بأنّه ينشر أشياء لم يلتفت لها الأوّلون ولا المعاصرون.

ويصل الهبل أوجه عندما يعمل أحدهم أو إحداهنّ صفحة باسم مستعار مثل:"الأسد الجسور" أو "قمر الزّمان" أو "القلب الحنون" ...إلخ، ويطلب صداقة البعض، ويعتب على بعض البعض لأنّهم لم يقبلوا صداقته-ها! ولا يجد عذرا لمن لا يستجيب لطلبه-ها، تماما مثلما ليس له عذر بالتّخفي وراء صفات ليست له-ها.

لكنّ الأدهى في أمور الهبل والاستهبال عندما يقوم أحدهم بعمل صفحة تحمل اسما "أدبيّا أو ثقافيا" تعجز عن مجاراته وزرات الثّقافة واتّحادات الكتّاب! أو يعمل صفحة عن السّلم والحرب وحقوق الانسان وغيرها، تعجز عن مجاراتها الأمم المتّحدة أو منظّمات حقوق الانسان العالميّة، ويقومون بتوزيع الألقاب والأوسمة وشهادات التّقدير والتّكريم الألكترونيّة على أناس يختارونهم بعناية، فيقوم هؤلاء بنشرها مفاخرين بهذا! شاكرين صاحب الفضل الكبير الذي منحهم هذه الألقاب، ويتقبّلون التّهاني والتبريكات بهذه المناسبة العظيمة! دون أن يدركوا أنّهم وقعوا ضحايا لنصّابين ومحتالين ألكترونيّين! وأنّ الألقاب التي حصلوا عليها ينطبق عليها مقولة:" من لا يملك يعطي من لا يستحق". والويل والثّبور وعواقب الأمور لمن ينصح ضحايا عمليّات النّصب هذه، فإنّهم يعتبرون النّصيحة في هذا المجال طعنا في مقاماتهم السّامية!

فهل تنطبق علينا مقولة المتنبي:" يا أمّة ضحكت من جهلها الأمم"؟ وهل نقبل هذا الوصف ونعتبره مفخرة لنا؟ والحديث يطول.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى