الأحد ٤ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
بقلم مراد الصوادقي

سَلوا النهرين

سلوا النهرين عن معنى هُداها
تسير بها إلى بعضٍ خطاها
سلوا التاريخ عن وجع الليالي
عليها حاضر كيف افتراها
كأن النهر من عجب شحيحا
ثقيل مسيره يشقي رباها
فذا نهر وذا نهر تلاقى
تعالوا نحو ما هتفت مناها
عراق المجد يا وطن الأماني
لهيب سعيرها يبني حماها
وشط العُرْب في بلدي اتحاد
لنا رمز ولا رمز خلاها
فجمع الناس في بلد شقاقا
وكل بلادهم ألم أتاها
فمن شرق إلى غرب تنادي
عراق اليوم هل رحلت كماها
فسيري فوق أشلاء الزمان
إذا ذهبت جاءت إلى سواها
كأن النار من نار الجحيم
وأن الليل في لجج دحاها
فطاب لهيبها حطب الرجال
ودام ترابها يُروى دماها
عجبت لدائرة أبدا تدور
وما فتأت تريد بها لظاها
سلام الروح يا بلد العراق
أمن وجع إلى وجع أراها
رجال زماننا جاءوا لوهم
فهذا الويل من غضب سقاها
علائم غيهم قتل بقتل
كأن الدين في أرضي ابتلاها
أبات الدين في أرضي قتالا
مذاهبنا أرى جرحت عُلاها
رسالة ديننا سطعت بعزم
وقامت ترتقي مدد رعاها
إذا وجدت بنا كل الهوان
وضعفٌ عاصف يؤذي سماها
سيأتي غيرنا وبها يكون
ونذوي كلنا وكذا هواها
أرى أمما على أمم تعالت
وأم وجودنا قتلت أباها
فكيف الخير يأتيها تباعا
وإن الشر من سقم كساها
عجائبنا فاقت عُجابا
لبعض أننا نسقي غضاها
رحيمٌ ديننا وبنا غلوّ
نكرناه وقد عشنا عناها
فذا يحكي بمعروف ويدمي
بنو دين وما نظرت عماها
فعش صنما ولا تشكو الخرابا
وحارب عقلها واشرب أساها
غرائب سلوكنا أشقت عجيبا
نهين تراثنا ندمي حماها
عقارب نفسنا لدغت فؤادا
سموم شقائها خدمت عداها
فعاصر موجعا والقي عليها
سواد ردائها واطعم قراها
وشاكسْ كل معقول يسود
عواطفنا ألا غلبت نهاها
وغامر أنت مجنون كبير
وحطم من إذا غربت دعاها
بعصر نحن لا ندري حضورا
بقبر خالد وسعت صداها
حليم قادر رب العباد
وعبد حائر يأبى سماها
 
سلوا النهرين عن ألم العراق
ألا تدري بما حملت معاها
فمن بدء إلى ختم الزمان
بها أثر ولا غير حواها
فان ضاقت وان وسعت ستبقى
مياه وجودنا تحوي نقاها
ألا تبت يد قتلت بريئا
بسهم حاقد طعنت إلها
فبادر نحو معسول الكلام
وحاور كل مجنون عصاها
ملأنا الكأس من قرَب التلاحي
فجاء الشر مسفوحا طغاها
إذا الأفهام من شر تساقت
يكون عطاؤها أبدا سُقاها
فذا عقل وذا عقل تلاقى
وما عقلت إذا طاشت رؤاها
لأن النفس تغتال العقول
وتلقي عندها حمما يداها
سلام الروح إن سلمت عتابا
فنفس جائر حجبت مداها
شعارات على وطن وبال
وأحزاب وقد فقدت سُداها
صراعات لأغراض تشين
كراسي حكمها هدفا عساها
فعين الحزب ما نظرت مقالا
كراسيها إذا نجحت عَصاها
فلا عدل ولا هدف يفوز
أكاذيب أكاذيب ُدجاها
وحيد كلها وبها ينادي
أنا الجبار ما غيري حباها
عفاريت على بعض نصول
لأحزاب كذا هدفٌ هجاها
وطار الطير من ألم ليهوي
على أرض وقد دارت رحاها
تطير جموعنا مثل الطيور
حديد هائل يسري احتواها
غيوم تحت أنظار العيون
وطير يحتوي بشرا دحاها
ولا أفق قريب أو بعيد
بنا تنأى إلى أفق تلاها
تجالسنا وقلب الأرض يبدو
كبيرا لا يدانيه سُراها
فعين الحق عن سأم تغاضت
وليل الجور كم يدعو أساها
عظائم بأسنا فينا تقيم
نكرناها وما نكرت صباها
أمن يأس إلى يأس نسير
كأن اليأس من كرب حباها
فثوري ضد أمجاد الجدود
لعسر غامر وهبت قناها
وزوري كل حيران جهول
فلا وضحت ولا نقصت سفاها
ألا يشهد على قوم فعال
نضيح الشيء من شيء حواها
ألا صعدت إلى العلياء قوم
وما عرفت صعابا بل رجاها
وفازت عند مسعاها بنصر
وجازت بابها وعلت حماها
 
سلوا النهرين واستفتوا الصحابا
لماذا أمتي كرهت ذراها
إذا أتت المراد تراه يأتي
وإن بعدت مضى عنها جفاها
وإن جارت على أمم ستسعى
إلى عدل وذا عدل غواها
معللتي بوصل سوف يبقى
وكل تواصل يشكو جواها
إذا صعدت وجازت ما أرادت
تملكها الهبوط وقد نعاها
فسيري نحو أكوان العراق
بلاد علائنا تبكي وجاها
وقولي أن تكوني تستطيعي
فلا وقفت على جرف قواها
هي الأقوام ما نهضت ببهت
عقائدها إذا نضجت تراها
وفكر الناس مجبول بعقل
وغاية فكرهم جهد بناها
فلا يأس ولا وجع يعولوا
بها الإقدام ما غفلت كواها
سلوا النهرين يا أهل العراق
عراق واحد أبدا وعاها
سلوا النهرين كيف سقت ترابا
ونخل الرافدين هوى المياها
فنهر رافض قتل النخيل
إذا قُتلت جفا يأبى بلاها
فكم غاضت مياه حين جُرنا
على نخل وذا القحط جُناها
نجوع ونخلنا جمعا تهاوى
فمن حرب إلى حرب سُعاها
وثأر النخل يا زمني أليم
وكم نجني بها كربا كَراها
أيا زمن التداعي حين يأتي
يخيب صعيدها يبكي ثراها
فما عرفت بلاد النخل قهرا
كمثل زمانها الحالي طغاها
حروب الأهل يا أهل العراق
جديدتنا وذا الشر اشتراها
فهل نهوى الضياع ولا نريد
سواه لنا سبيلا مَن دَهاها
أيا وطن النخيل وكيف تسعى
إلى صَدع فمن يحمل لواها
أأنت تهيم في صحراء ذل
وفيك شواهد فاقت علاها
سلام من ربى وجع الأماني
فدمع من مآقينا اعتراها
أبغداد التي أبدا تعالت
ذليلة غيلة تمحو بُناها
لبغداد التي فيها الرشيد
شواهد مجدنا ضيم سطاها
ولا أحدٌ إذا قالت تعالوا
فكل جموعها رفضت نداها
أبغداد التي صمدت وعانت
جراحا ما لها تطفي سناها
سلوا النهرين في بلد العراق
لنا رمز وما بقيت شكاها
لنا الأيام كم قالت خطابا
وفاض حكيمها أدبا وشاها
شعوب الأرض كم تعلي بنيها
وتساند كل همام كلاها
وأرض الرافدين بها الكثير
وإن رجالها رفعت عصاها
"بأذواد وما اجتمعت فحول"
كذا قول على قول رماها
صراعات وما منها المفيد
حميم أجيجها قتلَ انتباها
فلا يسعى الغريب بنا لمجد
به أبدا سنبقى في قباها
بكى النهرين من وجع العراق
شكى نهر إلى نهر ضناها
فرات ينتخي ابن العراق
ودجلة لا يساقي من عثاها
ونخل لا يعيش بلا شموخ
وشعب قد طوى عمرا فداها
كأن الأرض في دأب انفجار
تناثر تربها وبدى شظاها
وعاصم كلها سعي اتحاد
أقاليم إذا صارت نعاها
أبا الحسنين ما أبقت ذراعا
وحميم وطيسها يرعى نواها
أأرض أنت فيها سوف تغدو
حطاما لا ترى أثرا وجاها
أبا الحسنين والدنيا استحالت
إلى وجع بلاسمه عداها
فهل عندي على وطني عتاب
ومن عندي إذا هجمت حثاها
لسوء الحظ قد جلبت خصاما
مصائبنا وما هدأت رَداها
غيوم أمطرت حجرا جرادا
ولا تأتي إذا جفت مياها
تباكينا على زمن تولى
نلوم جدودنا نحني الجباها
جدود سطروا مجدا عليّا
نياما ما أرى وعظوا سهاها
أهذا الفأر من شبل يجيء
وذاك الشبل من شبل حجاها
إذا حدنا بها التتار يأتي
يهين وجودنا يحي نماها
براهين الزمان إذا تراءت
نقيض مرادها حتما تواهى
وان الكذب ذو عمر قصير
ولا يأتي بها أبدا رقاها
وان الصدق في زمن الوضوح
كشمس حياتنا يبقى ضُحاها
سلوا التأريخ هل كان كذوبا
فكيف مضى بها ألفا علاها
شواهد عزنا صارت هراءا
جرى سيل على سيل محاها
بنو التأريخ لا تنعوا تراثا
تكونوا داءها! أنتم دَواها
زلازل أرضنا رحمت عبادا
وزلازل شعبنا فاضت دماها

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى