الجمعة ٢٣ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
بقلم فاروق مواسي

محمد علي شمس الدين

شاعر لبنان والعرب

ولد محمد علي شمس الدين في بيت ياحون، وهي قريةٌ تتاخم شمالي فلسطين، عام 1942، ودرس الثانوية في بيروت، ثم حصل على إجازة الحقوق من الجامعة اللبنانية عام 1963، وبعد ذلك تحوّل إلى دراسة التاريخ حتى حصل على الماجستير في مادتها.

وإذا كانت دراسته متنوّعة فمن الجدير ذكره أن وظائفه تنوّعت اتجاهاتها؛ فمن أستاذ تاريخ الفن في معهد التعليم العالي، إلى مفتشٍ للضمان الاجتماعي...... وقد تسنى لي أن أشاهد الشاعر وحرمه على شاشة التلفزيون اللبناني، فسررت لهذه الدماثة منهما، وبان لي أنه نشيط ثقافياً وعلى أكثر من صعيد، وأن الشاعر فيه يظل بلغته هو الأقوى.

يحدثنا الشاعر في سيرته عن جنائز الجنوب وكربلياته، وكيف كانت تلك تضرب في عمق الفلسفة الشعبية التي تعتبر أن الموتَ شكلٌ من أشكال الحياة، وأن الإنسان لا ينتهي كفقاعـةٍ في مستنقع، بموته الجسدي، فهو منحازٌ للحياة رغم هذا الدمار الدهري.

يقول الشاعر:

"أما ديك الجن الحمصي فأعجب المخلوقات على الإطلاق. شاعرٌ بوهيمي صعلوك، سكّيرٌ، محبٌ، عاشقٌ، مجنونٌ، قاتلٌ، تائبٌ وذو إسمٍ شديد الإيحاء. وقد كتبته في قصيدة "عودة ديك الجن إلى الأرض". أنا هو ديك الجن، والريح كذلك. أحب الريح التي تهب. الريح العنيفة..."

(أعلام الأدب العربي المعاصر. إعداد روبرت كامبل ج 2 ص 788)
الشاعر له رؤيا في أكثر من تجلّ. ففي "قصائد مهرّبة إلى حبيبتي آسيا" التي كتبها في بيروت وفي الجنوب في سنتي 73-74 - يروي لنا ما ستكون عليه حكاية العدوان الإسرائيلي على الجنوب، وكيف اندحر العدوان فيما بعد، ومثل هذه الرؤى نجدها لدى الشعراء الذين أحسّوا عميقـاً معاناة شعبهم وكانوا متماثلين إلى حد التذويت مع قضاياه.

يقول الشاعر:
" وأغادرُ مملكتي كغزالٍ مطعونٍ أو مغتصبٍ
في الحذرِ، وأتركُ أطرافي السفلى
تتآكلُ حين تراودها الصحراء، وتبهرها
أجراسُ الموت ودائرة الزمن الأولى...
حسناً ها أنت الآن معي
وأنا أتأرجحُ فوق مدارجِ أشلائي
أترنّح تحت مجزرة تتقاسمني
وترن بجمجمتي خوذ الفولاذ أضم يدي

إنه شاعر القصيدة، ويستطيع المتلقي ذو الدربة والمران، وبعد مطالعة عددٍ من قصائده، أن يجد ملامح أو جوهرية لقصيدته، يتعرّف إلى لغته التي تتبدّى في تركيب الصورة وتداخل النص وإيقاعاته و في الخيال المنطلق من تحليقاته. إنها جميعاً تؤلف الأسلوب - هذا الأسلوب الذي نعرف به كتابة طه حسين ونزار قباني ومارون عبود وسعيد عقل وغيرهم...

إن مفاتيح شعر شمس الدين أو (موتيفاته) حددها الشاعر بشيءٍ من الكشف الصحيح وهي: الدم، الطير، النهر... الموت، البحر، الحاجة إلى الميتافيزيقا.

وأستطيع أن أضيف إلى ما ذكره الشاعر عن نفسه وما ذكره الناقد الإسباني: ولعه بالأقنعة، وخاصةً من التراث العربي (ابن سينا، أبو العلاء المعرّي، ديك الجن، العباس، الحجّاج، يوسف، ليلى...) أو الأجنبي (رامبو، غوغان...). وكل قناعٍ بحاجة إلى دراسةٍ خاصة لنرى فيها مدى تماثل الراوي الشاعر مع الشخصية أو الوجه.

 تم تكريمه من قبل ديوان العرب حيث منح درع المجلة في الرابع من تموز 2006 في القاهرة تقديرا لجهده وعطائه الشعري المميز


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى