الأحد ١١ شباط (فبراير) ٢٠١٨
بقلم صالح أحمد كناعنة

ليلٌ صاهِلُ الرّغَبات

لم يَبقَ من لونِ السّدى ما تَشتَهيهِ ظُنونُنا
خُذني إلى ظِلّي أيا عُمرًا تَخَطّاني إلى فوضى مَلامِحِهِ...
مَضى صَمتًا،
وباتَ مُكَفَّنًا بتساؤُلِ المسكونِ بالأوجاعِ،
والمَنفِيِّ في عُرفِ التّصَحُّرِ ذاهِلًا..
تتقاذّفُ الأهواءُ غُربَةَ حُلمِهِ،
وهشاشَةُ المَنظورِ تَستَولي على فوضى غَرائِزِهِ،
ويُلجِمُهُ الرّدى.
في الصّمتِ مُتَّسَعٌ لدَهرٍ مِن بَوارِقَ
مثلَ حدِّ الظُّلمَةِ الصّمّاءِ؛
تَحضُنُ صامِتَ الأشواقِ في دوّامَةِ الوجدِ المُؤَجَّلِ؛
في جُنونِ اللّهفَةِ العَذراءِ في رَحِمِ المَدى..
صَمتًا سيَكتُبُنا تلاحُمُنا العصِيُّ رؤى يَمامَة
هَدَلت ليُنبِتَ نَرجِسُ الأشواقِ في دَمِنا هيامَه
وعلى تَضاريسِ التّأمُّلِ يستَفيقُ الشَّوقُ فينا
ويصيحُ: كوني يا صَبابَةُ أضلُعي، أو فاسكُنينا
واللّيلُ يأتي صاهِلَ الرّغَباتِ مقروحَ الشِّغاف
يأوي إليهِ ويَستحيلُ العمرُ رَعشَةَ إنخِطاف
ويصيرُ عمرُ الجُرحِ نَجماتِ المجاهيلِ السّحيقة
ترنو إليَّ وعَينُها بوّابَةُ الدُّلَجِ المُحيقَة
لا ليلَ في الليلِ الذي يأوي إلى صدري،
ويَترُكَ راعِشَ النّبضِ الحَزينِ مُكَبَّلًا بالبَردِ،
تَسكُنُهُ الظُّنونُ المُجفِلَة.
لم يَبقَ مما يشتَهيهِ الصَّمتُ إلا نَزفُنا،
نَوحُ المرايا،
ظِلُّنا الآوي إلى جُدُرِ الخَرابِ،
وُحُزنُ قُدّاسِ النّدى...
ما في النّهارِ هنا سوى شَمسٍ نَخافُ عُيونَها،
وصَدى لِهاثٍ غابَ في بَردِ القلوبِ،
وعادَ طقسًا لانصِهارِ الرّوحِ في أفقِ الغَرابَةِ؛
حينَ ينسَحِقُ النّهارُ بِذاتِهِ،
ليكونَ موتَ الذّاكِرَة.
أهدى الزّمانُ مواجِعي أفُقَ السّرابْ
فَزَعًا، وصوتُ الوَهمِ يخنُقُهُ الضّبابْ
وكَهارِبٍ مِن دَفقَةِ الغَضَبِ انطَفى
لوني، وأسلَمني الغِيابُ إلى غِياب
ما في اختِلاطِ هَواجِسِ المَكروبِ مِن
لُغَةٍ، ولا لضَراعَةِ النّائي جَواب
نبضي وَريدُكَ حينَ تَقحَمُني الرّؤى
ويغيبُ عَن زَمنِ السّدى فَصلُ الإياب
اثبُت، وثَبِّتنني على عِشقِ الصّفا
يُسقى رحيقَ المَجدِ مَن رَكِبَ الصِّعاب


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى