السبت ٢٦ أيار (مايو) ٢٠١٨
بقلم سماح خليفة

ما قلتلك يابا بلاش تروحي!!!

أعشقني إذا ما انصهرت في أحضان الطبيعة، أشعرني الندى المنساب على اخضرار وريقة، تنفست الحياة توا، فرمتني أنفاسها في كف الكون طازجة شفافة تلثمها أشعة الشمس لتحيلها نسمة رقيقة تداعب زهرة فتحثها لتجود بعطرها العليييل.

هذه المشاعر تلبستني في اول رحلة مدرسية سمح لي والدي الذهاب فيها، كانت رحلة علمية على ما أذكر وهذا ما دفعه بعد تفكير عميق أن يسمح لي بالذهاب. والدي رحمه الله كان شديد الخوف علينا ويميل بقلبه للبنات على عكس والدتي فقد كانت تميل إلى أخوتي الذكور رغم حرصها على إخفاء ذلك.

خيم الضباب على حواسي جميعها في ذلك اليوم فكلها كانت مشغولة بالحدث الأبرز وهو تلك المنطقة الخضراء الساحرة في أحراش طوباس، التي سنستقر فيها في نهاية الجولة.
أذكر جيدا كيف تسمرت مكاني عند وصولي مشارف هذه المساحة الخضراء الشاسعة على امتداد البصر في أحراش طوباس، على الجوانب كانت هناك قوافل من السرو المسافر إلى ما لا نهاية بالنسبة لطفلة في مثل سني وحجم رؤيتي.

شدني سرب من الطيور الرشيقة، جعلتني أتبعها بخفة، أناجي الشجر والزهر والحجر بابتسامة العاشقة لسحر الطبيعة وبدأت أدور حول نفسي بخفة، أواجه بوجهي الصغير وجه السماء المشرع للخلائق، أمد ذراعي على استقامتها، فاتحة كفاي لألمس أثر الفراشات في عالمي، ولكن...

لم أكمل فرحتي بدورتين والثالثة؛ حتى خانتني قدماي وتعثرت بغصن أرداه العمر قتيلا تحت الأقدام، خانتني بصيرتي ولم تسعفني حواسي المتحدة مع الطبيعة حتى لويت كاحلي وعدت إلى والدي أتكئ على زميلاتي بوجه أنهكه الألم وكدر صفوه.، وصلت البيت أضرب أخماسا في أسداس؛ فلا اريد لأبي أن يراني أتألم، رجوت أمي أن لا تخبر أبي، لحظات حتى دخل ورآني، نظر إلي مشفقا على حالي:"ما قلتلك يابا بلاش تروحي، والله خايف عليك"

"بس أنا كثير انبسطت اليوم"

"واضح جدا، هاي آخر مرة بتروحي فيها رحلة"

"لااااا"


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى