الخميس ٥ تموز (يوليو) ٢٠١٨
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

البطل محمود السواركة «مانديلا العرب»

محمود السواركة بطل فوق العادة.. قام بتنفيذ العديد من العمليات الفدائية ضد القوات الإسرائيلية وتم تعذيبه في السجون الإسرائيلية بصورة وحشية ولكنه تمسك بحب مصر وفي هذا الحوار نتعرف على الكثير.

....................................................؟

محمود سليمان سلام السواركة من قبيلة السواركة من بطن بني أسد التي تعد واحدة من 63 قبيلة عربية كانت موجودة وقت نزول الإسلام وينتهي نسب السواركة عربياً إلى الصحابي عكاشة بن محصن وقد استقر المقام حديثاً بالقبيلة بين فلسطين وشبه جزيرة سينا, وبرز منها العديد من رموز المقاومة للاحتلال الإسرائيلي.

....................................................؟

يوم الاثنين 10 أكتوبر عام 1960م التحقت بقوات الحرس الوطني التي تم تكوينها عام 1957على يد البطل الضابط عادل فؤاد لمواجهة مخططات المكتب الخامس التابع للمخابرات الإسرائيلية.

....................................................؟

لم يكن الانضمام للمجموعة بسهولة فقد احتاج الأمر اجتيازي العديد من الاختبارات للتأكد من قدرتي على التحمل وكانت الخدمة تقتضي العمل باستمرار لمدة 6 أشهر متواصلة بدون راحة أو أجازة ثم الحصول على إجازة لمدة شهرين.

....................................................؟

بدأت القيام بأعمال تصوير مواقع عسكرية إسرائيلية وجمع المعلومات وتفاصيل دقيقة عن مفاعل ديمونة في صحراء النقب واستطاع رجال الحرس الوطني وأجهزة الأمن المصري معرفة موعد الهجوم الإسرائيلي عام 1967 وتم إرسال معلومات مفصلة إلى القاهرة يوم الجمعة 2 يونيو عام 1967 تؤكد أن الهجوم الإسرائيلي على مصر سيكون يوم الاثنين 5 يونيو 1967 وأولى الزعيم جمال عبد الناصر هذه المعلومات اهتماماً كبيراً خاصة بعد أن أكدها رفعت الجمال الشهير بـ رأفت الهجان والذي أعرفه منذ عام 1956 وتعاونت معه في العديد من المهمات لكن القيادة العسكرية آنذاك لم تأخذ هذه التقارير ولا تعليمات عبد الناصر على محمل الجد فكان ما كان.

....................................................؟

بعد نكسة 1967 فقدت الاتصال بمجموعاتنا والتقيت بالملازم المصري سعيد وقال لي: أن المهمة الأساسية هى مساعدة العسكريين المصريين على الانسحاب وتأمينهم وتعطيل قوات الاحتلال وتضليلها قدر الإمكان وهداني تفكيري إلى فكرة سببت إزعاجاً شديداً للصهاينة وهى نسف مخازن السلاح والذخيرة التي تركتها القوات المصرية علاوة على نصب الكمائن لقوات الاحتلال وكانت لدينا مشكلة كبيرة وهى أن زرع الألغام يمكن أن يتسبب في إيذاء المصريين سواء كانوا من العسكريين أم من المدنيين فابتكرت أسلوباً يخصني وهو ربط اللغم بسلك دقيق ومده بعيداً من طريق مرور الصهاينة وكنت اختبئ في حفرة أو في بالوعة مجاري ممسكاً بالطرف الثاني من الخيط حتى إذا جاءت مركبة إسرائيلية ابدأ بسحب اللغم ليصبح أسفل المركبة في لحظة مرورها وكنت أفضل حاملات الجنود أكثر من الدبابات والعربات المجنزرة لأن المهم هو إيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية فأمريكا تعوض الصهاينة أولاً بأول عن خسائرهم المادية.

....................................................؟

من بين الجنود المصريين الذين أنقذتهم الملازم أول فاروق حسني والذي أصبح فيما بعد وزير الثقافة فقد أخذته من الأماكن التي سلكها وتاه فيها وقمت بتأمينه ووفرت له الماء والطعام.

....................................................؟

تعقبت أحد قادة العمليات الإسرائيلية في سيناء ورأيته يذبح الأسرى المصريين فقد كان يحرمهم من الطعام والشراب وعندما يشتد بهم العطش يريق الماء تحت أقدامهم فإذا ما خروا لارتشافه من الأرض ذبحهم هو وجنوده.. ولذلك تعقبته لفترة طويلة حتى حانت لي الفرصة ففي يوم كان يتجول وحيدًا بسيارته العسكرية ورأيته من بعيد وكان بمقدوري نسف سيارته أو قتله رميًا بالرصاص ولكن قررت قطع طريقه ومواجهته حتى أقتله بنفس الطريقة التي قتل بها الأسرى المصريون.

....................................................؟

نزل الضابط الإسرائيلي من السيارة بكامل سلاحه ولم يكن في حوزتي سوى بلطة ولم تستمر المواجهة سوى بضع دقائق وبترت ذراعه وساقيه وضربه ضربته على ظهره فأصيب بالشلل وفي اللحظة الأخيرة قررت أن أبقيه على قيد الحياة حتى يصبح عبرة لغيره من الصهاينة.

....................................................؟

عاش ذلك القائد الإسرائيلي على أمل أن يلقاني في يوم من الأيام وشاءت الأقدار أن تتحقق له أمنيته وزاني وأنا في السجون الإسرائيلية وحينها لم يدخر وسعاً في الانتقام مني وتعذيبي بأبشع الصور.

....................................................؟

عملياتي الفدائية ضد إسرائيل أصابتهم بالذعر ولذلك كنت على رأس المطلوبين أمنيًا في منطقة سيناء وكانت أخر عملياتي الفدائية في شهر سبتمبر عام 1977 حيث تمكنت من تدمير حافلة إسرائيلية تحمل 52 ضابطاً وجندياً فقد قضيت 3 سنوات كاملة أتتبع تلك الحافلة وأخطط للإجهاز عليها في اللحظة المناسبة ويومها بقيت مختبئًا لعدة ساعات في بالوعة مجاري ومعي طرف الحبل وقد ربطت في طرفه الآخر 3 ألغام وفي اللحظة المناسبة جذبت الألغام وقتلت كل الركاب ولم يتبق من الحافلة سوى الحديد المتفحم وأثناء خروجي من بالوعة المجاري فقدت حذائي واضطررت إلى السير حافياً وعثر عليه الجيش الصهيوني وعرفوا أنهم قد وقعوا على صيد ثمين ولذلك فقد لجئوا إلى متخصصين في اقتفاء الأثر والذين أكدوا أن هذا الحذاء لي وقبضوا عليّ بعد عقد قراني بعشرة أيام قاموا بمقارنة قدمي بالأثر فوجدوه طبق الأصل وضربوني فأنكرت واعتقلوا معي زوجتي عائشة وشقيقي حماد وسلام ولكن أفرج عنهم من سجن العريش بعد 54 يوماً أما أنا فتم ترحيلي إلى سجن غزة ثم أشكلون.

....................................................؟

قمت بتنفيذ 21 عملية عسكرية بطولية أسفرت عن قتل أكثر من ستين إسرائيليًا وتدمير مئات الآليات العسكرية ولم يصدق الإسرائيليون أنفسهم بعد القبض على فكانوا يتوافدون إلى سجن عسقلان وغزة حتى يتأكدوا بأنفسهم أنني قد أصبحت بالفعل أسيرهم وبعدها أصدروا حكمهم على بالسجن لمدة 144عامًا.

....................................................؟

في غرفة التحقيق أجلسوني على كرسي به أكثر من 250 مسمارًا وكان يشرف على عملية تعذيبي العديد من المسئولين الإسرائيليين ومن ضمنهم أيهود باراك وجعلوا من جسدي حقل تجارب يدرس عليه طلبة كلية الطب فأجروا لي 7 عمليات جراحية من دون أن أكون مريضاً وقاموا بسرقة بعض أعضاء جسدي.. أخذوا السرة وأجزاء من المعدة ومن المصران الأعور وكانوا يطلقون خراطيم المياه المثلجة على جسدي العاري ثم يسكبون عليّ مياها تغلي بهدف الحصول على أي معلومات ولكنهم فشلوا وألهمني الله تعالى الصبر وقوة تحمل لا أعرف من أين جاءتني حينها.

....................................................؟

أيضا قاموا بشد وثاقي وأدخلوا علي كلباً مدرباً لينهش لحمي وكان منظر الكلب مخيفاً.. اقترب مني وأنا ملقى على أرضية السجن وبدأ يمد لسانه ويقرب وجهه من وجهي مكشراً عن أنيابه.. وأنا لم أتعود الاستسلام.. كانت المقاومة قانونية وفوجئ الضباط الصهاينة بي انقض بأسناني قاضماً لسان كلبهم المدرب فجن جنونهم فهجم عليّ أحد ضباطهم وأخذ يركلني في أنحاء متفرقة من جسدي.. لا تزال آثارها باقية حتى الآن.

....................................................؟

جربوا معي الأساليب النفسية فأحضروا لي صور الرئيس محمد أنور السادات في القدس وصوراً تجمعه مع موشيه ديان ومناحم بيجين وقالوا لي: هذا الرئيس تبعك جاء يسترحمنا ويطلب الصلح معنا وهو غير عابئ لا بك ولا بأمثالك.. وهنا قلت: رئيسنا بطل ونحن معه.

....................................................؟

ذات يوم جاءني إيهود باراك الذي أصبح بعد ذلك رئيساً للأركان وقال لي: أخبر أهلك أن الزيارة المقبلة ستكون آخر زيارة.. فقلت: الحمد لله.. هل ستفرجون عني ؟ فقال: لا ولكنك ستموت هنا.. فضحكت وقلت له: أموت وإياك سوياً بإذن الله فاستشاط غضباً وتقرر سجني انفرادياً.

....................................................؟

اختفى اسمي من على الوجود ولم يكن معروفًا إذا ما كنت على قيد الحياة أم لا وكان الإسرائيليون ينكرون وجودي لديهم أحياناً وينكرون معرفتهم بي في أحيان أخر، وبقيت في الحبس الانفرادي لمدة تزيد عن 12عامًا حتى جاء الفرج ودخل معي السجين اللبناني جمال محروم فكان خليلي في وحدتي 5 سنوات وكان خروجه هو البداية التي عرف فيها العالم بحكايتي حيث قام بمراسلة جهات مصرية عدة والكثير من منظمات حقوق الإنسان وعقد أكثر من مؤتمر صحفي وسرعان ما تيقنت مصر من صدق كل معلومة قالها عني.

....................................................؟

عادت زيارات المسئولين الصهاينة وأنا في السجن وكان ذلك في أعقاب كشف جاسوسهم عزام عزام وألحوا عليّ بكل السبل والوسائل حتى اكتب رسالة إلى الرئيس محمد حسني مبارك اطلب منه فيها العمل على مبادلتي بعزّام ولكنني رفضت بإصرار وقلت لإيهود باراك: أنا فدائي مصري ولا يمكن أن أقبل مبادلتي بجاسوس خائن.. وهددتهم بأنه إذا تم الإفراج عني في مقابل عزام فسوف انتحر على الفور وكنت جاداً في هذا التهديد.

....................................................؟

الله رزقني بطفلة جميلة بعد دخولي السجن ولم أشاهدها على الإطلاق إلا وهى عروس تجاوزت العشرين عامًا.

....................................................؟

اضطرت إسرائيل أن تفرج عني وأطلق على (مانديلا العرب) فإذا كان مانديلا قد خرج من سجنه في جنوب أفريقيا بعد 27 عامًا ليصبح رئيسًا للجمهورية فأنا خرجت من السجن الصهيوني بعد 22 عامًا ذقت خلالها ما لا يخطر على بال بشر من الإيذاء والتعذيب هل يمكنك أن تتخيلوا بأنه قد حكم علي بالسجن لمدة 441 عامًا ؟ وأني بقيت في الحبس الانفرادي لمدة 12 سنة متتالية لا يدخل علي في محبسي سوى الصراصير؟!

....................................................؟

ماقدمته لوطني مصر أعتز به وأتمنى من الشباب بصفة خاصة والشعب المصري بصفة عامة المحافظة على الوطن لأن نار مصر أرحم من جنة الأعداء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى