الاثنين ٣ تموز (يوليو) ٢٠٠٦
إنحسارالتأييد الجماهيري داخليًّا و فشل ذريع في السياسة خارجيًّا
بقلم مروة كريديه

الادارة الأمريكية قبل الانتخابات

لطالما حاول القارئ العربي وغير العربي محاولة فَهم الخيارات التي تطرحها الادارة الأميركية "الموقرة " ، لا لاهتمامه بمجريات الاحداث الأميركية وحسب ، بل لأن خيارات هذه الإدارة تنصب آخر الأمر على رأسه.
وبعد انقضاء أكثر من خمس سنوات على وجود جورج بوش الابن وأركان إدارته "الكريمة " في حكم البيت الأبيض من حيث اللون فقط، يمكن للانسان البسيط مهما كان انتماؤه ومهما كانت توجهاته ولأي بلد انتمى على وجه هذه المعمورة ، ان يرى الآثار "العظيمة " على أرض الواقع ، وسواء كانت هذه الآثار نابعة عن حُسن نية أو عن سوئها، وسواء كانت الدواعي أهدافًا "سامية " او غير سامية " غير انه يمكن استعراض أعمال الإدارة الأميركية "المحترمة " بنقاط لا يختلف حولها أحد من العالمين :

* فشل الإدارة الأميريكية في سياستها الخارجية والداخلية على حدٍّ سواء ،فهذه الإدارة "الديموقراطية " منحت نفسها الحق الحصري ل "منح صكوك الديموقراطية " للشعوب المقموعة ...وهذا الامر وان كانت حساباته السياسية والعسكرية والاقتصادية مدروسة عند "الادارة الاميريكية العقلانية "، ألا أن هناك أمور تغيب عادة عند الساسة "الاكارم "والعساكر "الأفاضل" عند دراسة مشاريع" الحرب " و "التحرير " ، وهي البنية الانتربولوجية المكونة للشعوب ، فردة فعل هذه الشعوب تجاه "المشاريع الخيرية الأميريكية " ليست كما يشتهي "مهندس الأفكار" الامريكي ....

* إزدياد المشهد العالمي تأزُّمًا، والفشل الذريع في حل الأزمات التي أشعلتها الإدارة "المنظومة " ....فالتعثر واضح في العلاقات مع إيران وكوريا الشمالية وما يعرف بالصراع العربي الإسرائيلي ، فهي نَصَبت محورًا "للشرور " يشبه حبل الغسيل ، وضعت عليه كل من لا يتفق خياره مع خيارها " الخيري " و "الانساني"....ونشرت عليه أعلام الدول والمنظمات والاحزاب المعارضة لمشارييعها "الانسانية " وهو حبل طويل لا تنجو منه دولة" مقهورة " بسهولة ....

* ازدياد أسعار النفط وارتفاعه ....الامر الذي أدى إلىتراجع شعبية "بوش " و تدني نسبة المؤيدين ل"رسالته السامية " و "شريعته الغراء" ....هذه الإدارة ينطبق عليها المثل القائل " الشمس طالعة والناس قاشعة "، فليس بإمكان كتلة ما يعرف ب"المحافظين الجدد" ، وفي مقدّمتهم نائب الرّئيس ديك تشيني ووزير الدّفاع " المبجل" دونالد رامسفيلد، أن يُقنع الرأي العام الاميركي والعالمي بجدوى أجندتهم الدّوليّة "المرتبة " ، وببرنامجهم السّياسي "الخيري " ....
فقد أمسى موضوع الحرب على ما يسمى بالارهاب و "تحرير" العراق موضع انتقاد حاد حتّى من قبل الرموز البارزة في التّيار الأميركي المحافظ وفي الحزب الجمهوري نفسه.
* كما أن هذه الإدارة فقدت الكثير من "أصدقائها "و حلفائها شرقًا وغربًا ، لأن الفضائح الانسانية في الحديثة والرمادي وابوغريب وغوانتناموا ......... تضع الإنسان العاقل أمام مشاهد لا يقبلها بحق اي كائن سواء كان بشريا او غير بشري ....
فهذه الادارة هتكت حرمة البشر،وحرقت الشجر ،ولوثت البيئة ، وارتكبت مجزرة بحق "الكائنات " أجمع ، وهذا الامر لا يوجد ما يبرره عاقل مهما كانت الدواعي "الخيرية " لذلك ، فأطنان المتفجرات والتلوث الذي يتعرض له كوكب الأرض ينذر بكارثة بيئية حقيقية، فالادارة "الحكيمة "الموقرة " لم تحترم حرمة كوكبنا ولا الكائنات التي تعيش عليه ...

وتجاه هذه الاعمال ينبغي على كافة المؤسسات الحقوقية في العالم بدءًا من جمعيات حقوق الانسان، والرفق بالحيوانات ، وحماية البيئة ... على وقف هذا النزيف والمجازر اليومية ...
وهذه الادارة تضرب بعرض الحائط "كل الأصوات الداعية للسلام " فهي تمارس على الشعوب عقدة "فوقيتها " من جهة وتدعي لنفسها " معرفة الحقيقة " .....فأين "الديموقراطية " وهل الديموقراطية تعني مجرد "تمثال "يوضع على بوابة المدن ....
والانسان المثقف- مهما كانت منابعه الايديولوجية والفكرية- والذي يتابع تصريحات "بوش " يلاحظ "جهل الرئيس بوش العميم " بأبسط مفردات الثقافات والحضارات البشرية وتركيبتها ....
فبوش عندما يهاجم بن لادن على سبيل المثال، في خطاباته نجد ان كلامه يأتي على شكل "ردود أفعال " محصورة بعبارات وكليشيهات مفادها "استتئصال الارهاب من كذا" و"عدم السماح للارهابيين بكذا ".....في حين انه الاولى به ان يحلل الاسس البنيوية للخطاب و تفكيك الخطاب المؤدلج ومناقشته ..... واعطاء شعبه والعالم صورة واضحة وصريحة عن المرتكزات الفكرية التي ترتكز عليها المعادلة السياسية و الدولية القائمة وما ينبني عليها من مواقف عملية على أرض الواقع ....

ولعل ذلك تدركه بوضوح إداراة الدول الأوروبية لا سيما الدول التي تعرف بالراقية و التي تعي ضحالة الثقافة الأميريكية ومفرداتها، فأوروبا أعمق حضاريا واكثر احتكاكا ومعرفة بالشعوب الشرقية من أميركا، وان ادارة الدول الاوروبية ، وان وافقت الادارة الاميركية على "بلطتجتها "، في الشرق والغرب والشمال والجنوب إلا أن أفرادها يعرفون بعمق وحق المعرفة ، أن ما تقوم به الادارة الاميريكية لا يعدُّ عملا حضاريا ولا يخدم الإنسانية، بل لا يخدم سوى مصالح "أفراد " يتحكمون "باقتصاد البشرية " وتصب أموال النفط والمصارف العالمية في جيوب كبرى "العائلات الاميريكية الثرية في العالم" وفي "ميزان حسنات مصانع الأسلحة الفتاكة " وشركات النّفط الّتي استفادت كلّها من سنوات الإدارة الحاليّة، فنحن أمام "مافيا " وعصابة كاوبوي " ولسنا أمام عمل مؤسساتي واضح المعالم كما اننا لسنا أمام "حرب عادلة " ....

ولن أدخل في تفاصيل الدعم الاميركي الصريح للمجازر الصهيونية اليومية ، ولكن الملفت للنظر تعاميها الصريح عن "مفاعل ديمونة " الذي بإمكانه ان يدمر كوكبنا بأسره ، وتصف مجرد اي عمل دفاعا عن النفس بأنه "إرهاب "...!!

كل ذلك أدى خارجيًا الى انكفاء الأطراف عن دعم المشروع الأميريكي اما داخل الولايات المتحدة ، فإن الاحصاءات الرسمية تشير إلى تدني نسبة تأييد الأميركيين لسياسة إدارتهم، وذلك قبل أشهر قليلة من انتخابات أميركيّة ستقرّر مصير الغالبيّة الجمهوريّة المسيطرة على مجلسي الكونغرس، وتكون المؤشّر العملي لانتخابات الرّئاسة الأميركيّة فيما بعد .

ولعل أمام بوش وادارته فرص الاختيار وتحسين أداء الحزب السياسي، بل وأوضاع أميركا في العالم، فادارة بوش" أساءت لكافة ابناء الشعب الأمريكي " من خلال عزل شعبها عن "الفهم الانساني الحضاري " و"تضليل الرأي العام الاميريكي" وتخلي ادارة بوش عن "القيم الأساسية للمجتمع الاميريكي " فالحرية قُمعت بحجة مكافحة الارهاب ، والاعلام الاميركي الحر " قُمع " ولو بشكل غير مباشر ، والليبرالية "وئدت "، والاقتصاد الحر "دفن " في ظل السياسة المالية القائمة على تعقب كل مليم من أين اتى والى اين هو ذاهب...... فماذا بقي من مرتكزات "الحضارة الاميريكية العظيمة ".....!!!!!!!!!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى