الجمعة ٢٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٨
فى قطار باريس1
بقلم محمد متبولي

أوروبيون وملونون

يتحرك القطار حاملا أناس من كل جنسيات الأرض تقريبا، أوروبيون، أفارقة، أسيويون، عرب، رجال ونساء وشيوخ وأطفال، وهلم جر، فالقطار لا يفرق بين جنس أو لون أو عرق، ولا حتى يكترث لمن دفع ثمن تذكرته ومن لم يدفع، فالعبرة بالنسبة للقطار هى أنك نجحت فى الوصول إليه، وأغلقت عليك أبوابه،حينها سيقلك إلى وجهتك دون أن يكترث لمن أنت.

كنت أجلس على طرف أحد أرائك القطار وجلست على الطرف الآخر منها فتاة أوروبية، ومع كل محطة نقف عندها يزداد ازدحام القطار أكثر وأكثر، حتى لم يتبقى سوى المكانين الفارغين بينى وبينها، توقف القطار لتصعد إليه فتاة من أصول أفريقية، توقعت أنها ستجلس بجوار الفتاة، لكننى فوجئت بها تجلس بجوارى، ثم تحرك القطار، بينما أنشغلت هى بقراءة كتاب، وأخذت أنا أفكر لماذا لم تجلس بجوار الفتاة الأوروبية، والتى ربما تحمل نفس جنسيتها وتدرس فى نفس جامعتها، بل وربما لديها درجة علمية أعلى منها.

كانت الإجابة واضحة، فتلك الفتاة تشعر بالغربة وسط أولئك الأوروبيون فهى لا تستطيع تخطى كل تلك القرون من العبودية التى عاشها وسطهم أجدادها حتى لو أعترفوا لها الآن بأنها واحدة منهم، لذا فقد فضلت الجلوس بجوارى لأننى ملون مثلها، فنحن فى ذلك القطار بالنسبة لها لسنا رجال ونساء أو جنسيات مختلفة، ولكننا أوروبيون وملونون.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى