الثلاثاء ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٩
بقلم محمد متبولي

حديث مع فنجان قهوة

يجلس وأمامه فنجان قهوة، فينظر إليه بإمعان ثم يبدأ بمحادثته:

السابعة صباحا، يبدو أننا الوحيدين الذين أستيقظوا مبكرا، فالجميع قد أمضوا ليلة صاخبة طويلة، فقط أنا وأنت من نمنا قبل منتصف الليل، ها قد عدنا يا صديقى إنه اليوم الأول من العام، الأول من يناير(مبتسما)، وها أنا وأنت نجلس نفس الجلسة فى نفس المكان كما كنا العام الفائت، بداية دعنى أحييك أنك صمدت معى على مدار العام، فسابقيك من فناجين ما كانوا ليصمدوا، أين أنت من زمن كان ينكسر فيه فنجان كل أسبوع أو أكثر ، ذاك الزمن الذى ما كنت أصبر فيه على شئ، أما الان فإنه زمن الهدوء، ولكن من يصدق أن يرحل العام بتلك السرعة، لكن الحقيقة أن كل شئ يرحل ليس الزمن وحده، الناس، الأفكار، الأحلام، كل شئ على الاطلاق، فقط نحن ننتظر رحيل الزمن، لا لأننا نشك فى رحيله، ولكن لكى نتأكد أنه رحل قبلنا، فالزمن هو الشئ الوحيد المؤكد أنه سيرحل سيرحل لا محالة.

بالمناسبة أعتذر لك عن ذلك النوع الردئ من البن الذى كنت أشربه خلال الأسبوع الماضى، وأعتقد أن النوع الجديد الذى سنجربه اليوم سيكون أفضل، أعرف تلك النظره (مبتسما)، حقا إننى لا أغير الموضوع، ولكن ماذا سيفيد أن نفند سويا ما حلمنا بتحقيقه فى عام مضى، ثم نعود لنقول أننا لم نحقق منه شيئا، آه مازلت تنظر (مبتسما)، فلعلك تريد أن تعود لنفس الحديث الذى أتحدثه مع فنجان القهوة كل عام، ماذا سنفعل هذا العام، لا لا يا صديقى لا تحدثنى عن تلك الأشياء البالية، لا تحدثنى عن الأحلام والأمانى والطموحات، ولكن فقط دعنا نتحدث عن البن.

دعنا نتحدث عن أنواع البن التى سنشربها هذا العام، والمقاهى التى سنذهب إليها، وربما يوما ما وأنا أجلس أمامك على المقهى أحدثك عن شعرة بيضاء جديدة رأيتها فى شعرى، أو حتى أحدثك عن فكرة جديدة قفزت إلى رأسى، أنت تعرف يا صديقى تلك الأفكار جيدا (مبتسما)، أجلس أمامك كالمعتاد متحمسا جدا، أحدثك عن أفكارى وكيف سأنفذها وأحدثك عن كيف سيتغير وجه العالم بعد أن تتحقق تلك الأفكار، ثم أحتسى ما بداخلك من قهوة، وأذهب لأشاهد التلفاز، ثم ينتهى بعد ذلك كل شئ، وربما يختلف هذا العام عن العام الماضى، فربما أحدثك عن تلك الأماكن التى أريد زيارتها ولن أذهب إليها أبدا، أو عن عالم مختلف أتمناه وأحلم به وأعرف أننى لن أراه، المهم أننى لن أكف عن الحديث معك، سأحدثك عن كل شئ وأى شئ، إلا أى شئ أريده أن يحدث لى فى الواقع، ولربما أيضا أسمع منك، أسمع منك عن أنواع البن التى تريدها، أو طرق التحضير التى تفضلها، عموما فلنكف عن الحديث الآن ولتسمح لى أن أستمتع مثلك بذلك النوع الجديد من البن.

ثم قام باحتساء ما فى الفنجان من قهوة.

تمت

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى