الخميس ١٤ شباط (فبراير) ٢٠١٩
أبيض أسود
خليل توما
من هؤلاء تزاحموا؟يا جسر أحزاني فدعهم يعبرون،وأشمّ رائحة البحار السّبع، أمواج ٌ تمدّ رؤوسهاوسلالم تمتدّ، أفواج تحيي ثم تصعد أين كانوا؟كيف جاءوا؟ إنها الأرض الخصيبة بالدّموع وبالرّجاءيا جسر أحزاني فدعهم يعبرون،ما غيّرتنا هذه الأعوام لكنّ المزارات القديمة أفلستوالأولياء، داسوا وعودهم القديمة إذ تدحرج فيالطّريق البكر رأس المومياء،أتشمّ رائحة العظام؟أشمّهاوالقبر يفتح ثم يغلق ثم يفتح والسّماء تقيّحتْحمّى تمارس بطشها،وأصابع تمتدّ من خلل اللهيب تشنّجت،جفّت وجوه والعيون دمٌ، وأفواه ٌتنادي، بحّ فيها الصّوت من عطش ٍفأين شتاؤك المزعوم أين هو الشتاءْ؟وتقول عاصفة تجيء فيا هلا بالنّكتة السّوداءْرعدٌ ولا مطرٌ وطلق ٌ كاذب وكتائبٌفاءت إلى ظلّ حذاء،يا جسر أحزاني فدعهم يعبرونالصّابرون الطّيّبونسنقيم قريتنا ونقعدها ونسهرُإنّه ليل لمن شاء الغناءْفي لحظة يتجرّد الوطن الجميل من المرارة والعناءْوتهب أنسام تبرد جرحه النّاري َ، فيأعماقنا لحن يحنّ للمسةٍ،والطّبل يقرع مرّتين ومرّةً فتُهَيّئ الحنّاءيا جسر أحزاني فدعهم يعبرونفرس تهمهم أين صاحبة العفاف أميرتي؟ويشبّ لحن آمر فتُدَقّ أقدام ٌ وتنطلق المناديلُالصّغيرة كالحمائم.ويهلّ فوج من نساء الحيّ وانفجرت زغاريد ٌوطافت غيمة خضراء تحتضن الحقولَ وغابت الأشياءفي أحلامهاوالصّابرون الطيّبون،وتوزّع الحلوى وينتشر الصّغار،غَرسا على الدّرجات في الشّرفات "أين أميرتي؟"صهلت وجنّنها جحيم الانتظار،خيطان يلتحمان في الأفق الصّفيحفتقفل الأسرار،أبوابها، وتَدُق مطرقة عليه فيذعن السّمّار.
خليل توما