الأربعاء ٢٠ شباط (فبراير) ٢٠١٩
بقلم سلوى أبو مدين

نفثَ غبارَهُ وغابَ

وحيدًا مثلَ كرسيٍّ خاوٍ
تحتَ غيمة دخانهَا من جسدِهِ
طوَى بقاياهُ في حقيبةِ سفرٍ
اختبأ فيهَا وغابَ.
لم يتركْ ذكرَى في رحيلِهِ
مثلَ غروبِ شمسٍ، أفلَ
اختبأ وسطَ الضجيجِ..
عانقتْ عيناهُ فراغَ الصمتِ.

وترٌ مَا يعزفُ علَى قلبِهِ المتعبِ
هكذَا تمضِي روحُهُ
تعبرُ الأبوابَ و النوافذَ، كغيمةٍ
على حافّةِ مساءاتٍ غائبةٍ
من عينيهِ القانيتينِ
كانَ يبصرُ العالمَ بينَ حواسّهِ
كتابًا فارغًا لا تُقرأ حروفُهُ..
نزيفٌ يمطرُ داخلَ زجاجِ نفسهِ المتكسِّر
كضوءِ مصباحٍ يرتجفُ روّعتهُ الريحُ

غربةٌ تحملُهُ حيثُ المجهول
ينفثُ دخانَهُ والسفرُ
يطوِي مدينتَهُ وأوراقَهُ
وأزقّةٌ قديمةٌ جرحتْ قدمَهُ
في صباحٍ شتويٍّ طالتْ خيباتُهُ
غربةُ الروحِ
ينفثُ الماضِي
مثلَ دخانِهِ المتصاعدِ
لا يذكرُ شيئًا
سوَى أنَّه عصفورٌ مهاجرٌ
يبحثُ عن مأوَى لهُ
انكساراتُ روحِهِ

يرتادُ مقاهِي الصمتِ
ريحٌ تعبرُ وتئنُ
وجوهُ أطفالٍ، عصفورٌ عاجزٌ، مطرٌ ينقرُ
الصورةُ ذاتهَا في الزجاجِ
وجعٌ طاعنٌ يقتربُ

دخانُ سيجارتِهِ
فجرٌ سرقَ من الليلِ نجومَهُ
طريقٌ يمضِي
حقيبتهُ ممتلئةٌ بدمعٍ قديمٍ
مسافرٌ بلا هويةٍ

سياجٌ من التعبِ
يتكئُ فوقَ قلعةِ الأرقِ
ثمّة حاضرٌ مضَى
غيمةٌ تغزلُ من الغيمِ
مطرًا
لم يتركْ خلفَ الحلمِ
سوَى جرحٍ مشتعلٍ
ودخانٌ طويلٌ مسافرٌ!

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى