الأربعاء ١٠ تموز (يوليو) ٢٠١٩
بقلم سلوى أبو مدين

أجنحة بودلير

شارل بودلير شاعر فرنسي و ناقد ولد عام 1821 من شعراء القرن التاسع عشر اشتهر بديوانه المعروف "أزهار الشر" قام بالعديد من الأعمال الصحفية والنقد الأدبي وترجم العديد من أعمال للكاتب الأمريكي "ادجار ألن بو". يقال عنه أنه غريب الأطوار لاهتمامه بهندامه وللحياة البوهيمية التي كان يعيشها . وله فلسفة خاصة به.

شارل بودلير وفي عام 1861 بدأ بودلير في محاولة لتدقيق اقتراحه الجمالي وتنفيذه فكتب هذه القصائد التي تمثل المدينة أهم ملامحها، وتعتبر معينا لا ينضب من النماذج والأحلام.

يعتبر بودلير من أبرز شعراء القرن التاسع عشر ومن رموز الحداثة في العالم. ولقد كان شعر بودلير متقدما عن شعر زمنه فلم يفهم جيدا الا بعد وفاته.

وكان الشاعر شارل بودلير يري ان الحياة الباريسية غنية بالموضوعات الشعرية الرائعة، وهي القصائد التي أضيفت إلي أزهار الشر في طبعته الثانية عام 1861 تحت عنوان لوحات باريسية
لم ينشر ديوان سأم باريس في حياة بودلير، وهو الديوان الذي لم يتحمس له غوستاف لانسون وسانت ـ بيف، هذا الديوان الذي اثر تأثيرا عارما في الأجيال اللاحقة.

حرك بودلير المياه الراكدة في بحور الشعر الأوروبي عامة، والفرنسي خاصة، وقال مقولته الشهيرة: "سوف أحاول استخراج الجمال من الشر". وكحال العديد من المبدعين المجددين، فقد واجه بودلير حملة شرسة وهجوما كبيرا من المثقفين الفرنسين أودت به إلى المحاكم فور صدور ديوانه الشهير "أزهار الشر" في 25 يونيو 1857، الذي طبع منه 1100 نسخة بسعر 3 فرنكات للنسخة، وترجم للعديد من اللغات الأوروبية، لكن المحاكم الفرنسية طالبت بحذف 10 قصائد منه، متهمة بودلير بإهانة الدين المسيحي والانحلال الأخلاقي ..

يعد من رواد المدرسة الرمزية ، وقد لقيت أعماله بعض التأييد والتشجيع من قبل الكاتب "غوستاف فلوبير" وكذلك الشاعر فيكتور هوغو.

لا أعلم لماذا ربطت بين قصتي "مساحة للبكاء" وقصيدة الشاعر الفرنسي شارل بودلير بقصيدته الباطروس؟ ربما لأنهما مرتبطان بالمعنى الذي يرميان إليه. وكلاهما فيهما تفسير رمزي المتمثل في الطائر البحري فقد جنحت في قصتي إلى طائر النورس ؛ أما بودلير فقد صور طائر المحيطات الباطروس الذي يعيش في جنوب شيلي، ذلك العملاق الجوي الذي ينشر جناحيه عاليا في السماء محلقا في دوائر ليرتاد العواصف ويهزأ من نبال الصيادين ، ولكن يتبدل حال هذا الطائر متى سار على الأرض فتعوزه الرشاقة، تلك فلسفة الشاعر التي ترمي إلى الإنسان وتمزقه وسقوطه.

مقتطف من أجواء القصيدة :

كي يلتهم أفراد الطاقم
يأخذون عادة بطاريس
طيور البحار الضخمة
التي تتابع رفاق السفر الخاملين ،
وتنزلق السفينة على لجج اليمِّ

ما إن تجثم البطاريس على الألواح
حتى ملوك اللازورد الخرقاء والمخجلة
أجنحتها الكبيرة البيضاء
بشكل يرثى له
كأنها مجاديف
بجانب الأمواه

يا له من أخرق وضعيف هذا المسافر المجنح ...
لقد كان قبل وقت وجيز يكسوه البهاء...
وهو الآن قبيح ومثير للضحك وللرثاء.
أحدهم يمعن في مضايقته بمداعباته السخيفة المؤذية...
والآخر يومئ إليه ويتبعه هازئا من عجزه المهيض...

إن الشاعر شبيه بأمير الآفاق هذا...
يرتاد العواصف ويهزأ من نبل الصياد ...
منفي في الأرض...
وبين الساخرين الأوغاد ...
يعوق خطاه ثقل جناحيه الضخمين المجرورين .

في قصيدته كآبة رسمها بالحرف لتصل إلى القارئ

إذا يقول:
عندما تنطبق السماء المكفهرة الثقيلة كغطاء
على النفس الحزينة فريسة السأم الطويل
وتل كل دائرة أفق بذراعيها
وتصب عليها نهاراً قاتماً أشد حزناً من الليالي
وعندما تتحول الأرض إلى سجن عفن
ويغدو الأمل وطوطاً يضرب الجدران بجناحيه
ورأسه بالسقوف المتداعية
وعندما يرسل المطر خيوطه الهائلة
مقلداً بها قضبان سجن واسع
شباكه في تلافيف أدمغتنا

في قصيدة عطر يقول:

أيها القارئ هل استنشقت مرة
في نشوة وشره بطيئين
رائحة هذه الحبة من البخور
الذي يملأ أرجاء كنيسة
أو هل شممت حقّ مِسك فتيق
يالها من فتنة عميقة ساحرة

وانتقل إلى قصيدة سمو حيث يشرع الأبواب قائلا لذاته:

طيري يا نفسي بعيداً عن هذه الروائح الكريهة
واذهبي وتطهّري في الفضاء الواسع العالي
وليكن شرابك الإلهي النقي هذا الضياء اللامع
الذي يملأ أجواز الفضاء الصافية
ما أسعد من يستطيع بجناح جبّار
أن ينطلق إلى الحقول المضيئة الصافية
توفى بودلير عام 1867 عن عمر 46 عاما


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى