السبت ١٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
رسالة إلى محبوبة الليل الطويل
بقلم إسماعيل رجب

المساء

قسم الله الرزق بين عباده كأعدل ما تكون القسمه، فكان حبي لك بعضا من هذا الرزق الذي خصني الله به، شأنه شأن القوت الذي يمنحني الحياة وينتصب به بنياني، والهواء الذي يملأ ما بين جوانحي فينبض به فؤادي وينشد على تقاسيم دقاته لحن عذب، تتراقص له كل جوارحي.

وحين المساء يأتي، وسكون الليل ينذر بصمت كاد يغشي على عيني، تأبى مقلتاي أن تطيع الجفون في إغماضها، وتبقى ذكراك سميرة مخيلتي و سلافة ليلي الطويل.أتهادى منك كل ما غاب عني في يقظتي، وأذوب في أصغريك عشقا" ولا أبالي، حتى إذا ما أوشك الليل الطويل أن ينجلي، ولاحت تباشير الصباح تفتأ تضيء السماء من جديد والشمس ترسل شعاع ضوءها الأول يخترق ظلمة ليلي البديع وصولا" إلى قلبي الغارق معك في حلم جميل، ويأتي النهار إليَ كالحادي بلا بشرى ، وتتباعد عني لظى أنفاسك كأنك كنت معي فغبت عني ، وتتناثر بين أروقة الواقع وهم الخيال …… أفتقدك …… فما أحوجني إليكِ هاتيك الساعة ...
لماذا تنفصلي عني وأنت بعض مني ؟! لماذا إذا ما التقيت بك تتباعد عني رؤياكي فلا اهنأ بقليل مما احلم به معكِ ؟ لماذا يتضاءل عندي بعدكِ كل بعد ؟! وتتعاظم لدي كل الذكريات إذا ما أخذتني نفسي خلسة منك ؟!. وإذا ما حدثتني نفسي أن أعود – وقد سبق مني الشوق إليك – أجدني أمامك حيث لا وجود لك أمامي ؟!!!. فيالوحشة فراقك، ما هذا الشعور ؟!.. كم كنت أخشاه حقا" وكم كنت أفر منه خشية الوقوع فيه.
الآن وقد ملكت مني ما لا أملكه أنا نفسي.. وملئت فى كمي الفارغ كيفكِ الغزير، أراك وقد ملئت كل أركان الدنيا من حولي. حتى هذا الأفق البعيد لم يعُدْ بعدُ بعيد، أراك في كل الوجوه، أتحسس كفك في كل كف، فيبقى بيدي دفء راحتيكِ حتى أنام. وحين المنام.. أراك. ……وكأنني على موعد معكِ لا اخلفه أبدا
فيا محبوبة الليل الطويل.. هل تريني ؟!!

كيف أنساك وأنت مني نبض الحياة ؟!وكيف أنام وأنت مني اليقظة ؟! وكيف أصحو وأنت مني الحلم الجميل ؟! وكيف يدنو منك الفؤادُ وأنتِ فيه ؟! وكيف العينُ تغض عنك طرفا" وأنت سكينة الجفون ؟! فيالحيرة قلبي من تكوني كي أكون ؟

مازال صوتُكِ يسكن أعمق مسامعي . ومازالت صورتك تنطبع أمامي في كل الوجوه، بالله كيف اهرب منك وأنت سكينه الروح.. قرينه الذكرى.. حلو الحياة.عظيم عندي فراقُكِ وفقيرةٌ تلك الحياة من بعدك …
فيا محبوبة ليلي الطويل، كيف كنت قبل أن يكون قلبي ؟ وكيف كان القلب قبل أن تسكنيه ؟ مجهولان كانا؟ كيف يكون ؟ الساكن فيك هو المسكون. وكيف يكون التلاحم دون اللقاء؟! وكيف يكون الغيابُ قرينَ البقاء ؟!
يا صنع الله ما أجملك، أنت مني رغم كل الصعاب وأنت لي رغم نذير العقاب وأنت في رغم بعد اللقاء.ولكني حين يأتي الصباح.. أترك على بوابة الليل الطويل يدي تتشبث بك وأغفل ما ورائي فلا يدي بك تعلق ولا قدمآي على ارضي تطأ وأظل انتظر المساء عساه يجيء إلىّ بنبأ جديد فأراكِ مثلما أراك.. زهره بستاني الوحيد.. وأريج عطرها الفريد.. وأمل يومي و غدي.

فلا حرمني الله منك أيها المساء، ففيك السكون وفيك الوفاء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى