التوتو

في قارتي الوهم والنسيان تقع حوالي عشرون جزيرة من جزر الأحلام يفصل بين تلك الجزر حواجز طبيعية وصناعية أسس تلك الجزر أشخاص استولوا عليها زمناً, قاموا خلاله بالكثير من حركات التطور والتحديث.

في يوم من الأيام قرر وزراء تلك الجزر الاجتماع لإلغاء الحواجز التي بينهم فلطالما حلم سكان تلك الجزر بالوحدة ليشعروا بأنهم جسد واحد لكن الخيوط التي كانوا ينسجونها من أجل الوحدة كانت أضعف من خيوط العنكبوت وعلى مائدة الاجتماع كان هناك عشرون وزيراً يمثلون تلك الجزر يناقشون كيفية الوحدة وانتهى الحديث بعدة قرارات:

1- توحيد العملة المالية وأطلقنا عليها اسم التوتو.

2- توحيد مقررات ومناهج التعليم في جميع الجزر وفي المراحل الدراسية.

3- توحيد الزي الرسمي للبلاد.

4- توحيد اللهجات واتباع لهجة واحدة.

5- -إلغاء الحدود وجوازات السفر.

مرّ عام على هذه الاتفاقات ولم يتحقق منها شيء والناس يتساءلون, أين القرارات؟ والصحف تكتب من المسئول عن عدم تنفيذ تلك القرارات وإخراجها من سطور الأوراق إلى واقع الحياة والناس ومرّ العام الثاني وازدادت حيرة الناس وهنا قرر وزراء الجزر الاجتماع مرة أخرى ليناقشوا من المسئول عن عدم تنفيذ القرارات.

وخرج الوزراء تباعاً من مقر الاجتماع ليدلي كل وزير بكلمة توضيحية تبين أسباب التأخير.

1. وزير الجزيرة الأولى: نعلن نحن وزير الجزيرة الأولى عن غاية أسفنا لعدم تنفيذ القرارات ونعدكم خلال الأعوام الطويلة القادمة أن نبدأ بتنفيذ القرارات.

2. وزير الجزيرة الثانية: نحن في غاية الأسى والحزن لعدم بدء العمل ولقد بحثنا في اجتماعنا ودرسنا كيفية وضع حجر الأساس.

وهكذا توالت كلمات الوزراء بالأسف والأسى والحزن والتنديد.

ولكن الأعوام استمرت بالمسير قدماً دون تنفيذ أي خطوة ودون وضع حجر الأساس لأي مرحلة. وهرباً من استياء وغضب الناس قرر الوزراء الاجتماع مرة ثالثة وهناك صمم الصحفيون أن يحضروا الاجتماعات ليكونوا قريبين من مدار الأحداث وتقدم الصحفيون بطلب للوزراء بالسماح لهم بالحضور ونالوا الموافقة على ذلك.

بعد كلمة رئيس المؤتمر والتحية والأشواق بدأ الخلاف على العملة النقدية المسماة التوتو والخلاف كان في أي جزيرة سوف يتم تصنيعها.

وزير الجزيرة الثالثة: نحن جزيرة الحضارة والعراقة ولدينا حضارات منذ آلاف السنين لذلك يحق لنا أن ننال فخر تصنيع (التوتو) تلك الورقة المالية التي ستوحد أسواقنا الاقتصادية.

وزير الجزيرة الخامسة: نحن أحق بهذا منكم فنحن بلاد حباها الله بالمال والكنوز النادرة ونحن أقدر على القيام بهذه الخطوة.

وهنا رفع صحفي صوته: لا داعي للخلاف, كيف تقولون أنكم جزيرة واحدة ثم تختلفون على مكان التصنيع؟, فقام المسئولون بطرده.

ظل الحوار قائماً حتى قرروا أن تقوم بلاد العجائب بتصنيع الورقة المالية المسماة التوتو.

ملاحظة: بلاد العجائب كانت فيما سبق قد استعمرت جزر الأحلام حوالي خمسين عاماً.

هنا سأل أحد الصحفيين عن باقي القرارات, فرد المسؤولون إنكم تعلمون يا سكان جزر الأحلام أننا دول فقيرة ولا نستطيع أن نقوم بإنجاز الكثير من المشاريع خلال فترة وجيزة ولقد حققنا انتصاراً رائعاً بأن اتفقنا مع بلاد العجائب على تصنيع التوتو. وبهذا نكون بدأنا بتوحيد اقتصاد جزرنا.

ونحن نطلب منكم أن تحلموا بتنفيذ باقي الخطوات فالحلم أول مرحلة في تحقيق الهدف وقد أطلقنا على أنفسنا مسمى جزر الأحلام لأننا دوماً نحلم بالشيء الجميل, نحلم بالوحدة فيما بيننا في كل المجالات وسوف يأتي يوم نحقق فيه كل أحلامنا وأعتقد أننا خلال الثلاثين سنة القادمة سنحقق جزءاً آخر من الحلم.