الأحد ١٢ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
قصتان قصيرتان جدا
بقلم زياد شليوط

كابوس والطاغية

كابوس

ألقى عليها نظرة قصيرة فاحصة. بصره لامس جسدها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها ، ما ظهر منه وما اختفى.
التقت عيناها بعينيه ، غضّ طرفه ثانية وعاد ليثبت ناظريه بناظريها. ابتسامة خفيفة وناعمة ارتسمت على شفتيها . جمد الدم في عروقه وتحول إلى كتلة من الجليد. اتسعت ابتسامتها وكتم أنفاسه. ازدادت ابتسامتها اتساعا حتى بانت أسنانها البيضاء الصغيرة، ذاب الثلج من قلبه ودبت الحرارة فيه. خُيّل إليه أنه يبادلها الابتسامة . اقترب منها ، اقتربت منه. فتح فاه وحرك شفتيه:
  ألم تتأخري؟
  بلى تأخرت كثيراً.. لماذا تأخرت؟
ردّت عليه بارتعاشة.
  لقد حضرت باكراً ، نعم.
  لا تحاول!
حرّك رأسه خجلاً ، نكّس نظره:
  هل خانني المكان ؟ هل خذلني الزمان؟

الطاغية

وقف في صدر الغرفة ، تأمل صورته المعلّقة خلفه على الحائط مزهوّاً. انتقل إلى المرآة المعلقة إلى جانب الصورة ، نظر فيها وخاطب ذاته ، فقال:
  ها قد تخلّصت من أعدائك، ثم خصومك. وانتقلت إلى معاونيك والمقربين منك. ركلتهم برجلك وشتمتهم في آخر لقاء لك معهم، في هذه الغرفة التي تحولت إلى مملكتك الصغيرة ، والتي لم تعد تتسع لأحلامك وطموحاتك.
جلس على مقعده الواسع ،وقد قطّب جبينه. قام مجدّداً ، دنا من المرآة ثانية وهو يتفحص سحنته المائلة إلى الصفار. سمع ذاته تخاطبه ، فتقول:
  نعم ، تخلّصت من من اعترض طريقك ومن جاملك وأخلص لك. ولم يبق أمامك إلاّ ذاتك ، فهل تفكر..؟
مدّ يديه نحو المرآة يحاول الإمساك بخناق ذاته. هاله منظر ذواته تتقدم نحوه من الخلف ، وكلّ ذات تهوي بساعدها على رأسه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى