الأربعاء ٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٧
بقلم ناصر ثابت

إزرعْ حروفيَ كالسنابل

مثلَ السَّرابِ تَبَدَّدتْ آمالي
فكأنَّ أقبيةَ الضَّياعِ مَآلي
تعبَ الفؤادُ من الصَّبابةِ والهَوى
وتعبتُ من حَلِّيْ ومن تَرحالي
ضيَّعتُ بَوْصَلتي، وكنتُ أظنُّني
أمضي فيَشكو الغيمُ دَوْسَ نِعالي
عمريْ صَغيرٌ غيرَ أنَّ مَسيرتيْ
شقَّتْ صُخورَ الظُّلمِ والإذلالِ
والحزنُ أسلمني لكونٍ باردٍ
كاللَّحدِ يحضُنُ مُوحِشاً أوصاليْ
فكأنَّه في اللَّيلِ جيشٌ فاتِحٌ
يَغزُو تفاصيليْ وأرضَ خَيالي
أبكي فلسطينَ التي خُلِقَ الفداءُ
لها، وعمَّدها دَمُ الأبطالِ
هَجَمَتْ عليها فِتنةٌ، وتناهشتْ
أسمالَها فِرَقٌ من الأنذالِ
الْيَقتلونَ الناسَ دونَ تردُّدٍ
حتى كَفَوْا صهيونَ شرَّ قتالِ
الْيكذبون على مَسامِعِ شعبِهمْ
ويوزعونَ الوَهْمَ بالمِثقالِ
***
باللهِ يا وَطَنَ الحكاياتِ التي
تُروى عَن الشهداءِ والأطفالِ
إزرعْ حُروفيَ كالسنابِلِ، واسقِها
من كأسِكَ الملآى بكلِّ جَمالِ
وطَنَ الذينَ تناهشوا جسدَ الرَّدى
الجبارَ واقتصُّوا من الآجالِ
حتى إذا قُتلوا تجدَّدَ ذِكرُهم
وتألقوا بتعَاقُبِ الأجيالِ
فكأنهمْ شقُّوا جدارَ الشمسِ إذْ
جاؤوا، وما خُلقوا من الصَّلصَالِ
إملأ جيوبيَ بالنجومِ وبالنَّدى
المنثورِ بين النورِ والأظلالِ
لا تَقتلِ الطفلَ المسافرَ في دمي
واتركْه يقفزْ فيهِ مثلَ غَزالِ
من نهركَ استسقى، فكيفَ تركتَه
عَطِشاً يَعُبُّ قذارةَ الأوحالِ
من نوركَ استهدى، وكنتَ تدلُّه
دوماً على العلياءِ والأجبالِ
واليومَ يركضُ في المَنافي تائِهاً
تَيْهَ الكَفيفِ الرَّثِّ في الأدغالِ
وإذا اشتكى الأيامَ كنتَ تصونُه
من جوِّها المملوءِ بالأهوالِ
كنتَ الذي خففتَ من آلامِه
وغمرتَه بحنانِكَ الهَطَّالِ
واليوْمَ تترُكه يواجِه حتفَه
وتقولُ مالكَ يا بُنيَّ ومالي؟
 
***
 
أتصيُرُ يا وطناً انارَ دروبَ
أهلِ الأرضِ نبعَ الجهلِ والجُهَّالِ
أتصيرُ يا وطنَ الرياحينِ
الجميلةِ مرتعاً لقنافذٍ وثعالِ
أبناؤك اقتتلوا وعادى بعضُهمْ
بعضاً، فيا لفداحةِ الزلزالِ
يتخاصمونَ على بقايا عظمةٍ
من جثةٍ مقطوعةِ الأوصالِ
ولقد نَسَوْا أنَّ الذي يحتلُّهم
يشدو ويضحكُ ضِحكةَ المُحتالِ
 
***
 
هذي المنايا حينَ ترقصُ فوقَ
أحزانيْ تهدِّدُ أمتي بزوالِ
أينَ الكرامةُ والضحايا يُشنقونَ
على تفاهتِنا بلا أحبالِ؟
أينَ البطولةُ هل نسينا كيفَ
نفرُقُ وجهَها عن فتنةِ الدجالِ؟
أينَ الذينَ لهم يدٌ ترمي العِدى
ويدٌ تغلُّ الظلمَ بالأغلالِ؟
 
***
 
أرضَ الرباطِ وشعبَ الاستبسالِ
إني زرعتُ النارَ في أقوالي
لا تطلُبا مني ارتداءَ قناعَ
تزييفٍ، ولا الإصغاءَ دونَ جدالِ
فإذا رثيتُ اليومَ حالَكما معاً
عذراً فإني قد رثيتُ لحالي
وإذا قسوتُ عليكما فلأنني
أرجو لاجلكما المقامَ العالي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى