الأحد ١ شباط (فبراير) ٢٠٠٤
بقلم رلى جمعة

إنجاز

في أغلب الأحيان نتهم جيل المراهقة بأنه جيل متعب و نزرع في عقل أبنائه سواء بقصد أو بدون ذلك فكرة أنهم مراهقون و يمرون في مرحلة حساسة تتغير بها هرموناتهم و أجسادهم بالإضافة إلى تأثر نفسياتهم بهذه الفترة...

وللأسف فإن هذه الأفكار هي التي تدفعهم للتمرد و اللجوء إلى العنف في كثير من الأحيان...

لقد لمست هذا بحق من خلال مشاركتي في برنامج إنجاز ... و هو برنامج يهدف إلى توعية طلبة المدارس و الجامعات و تعريفهم على المفاهيم الأساسية في الإقتصاد و السوق. ربما هذا ماترمي إليه إنجاز و لكن بالنسبة لي فقد كان هناك فائدة إضافية لهذا العمل التطوعي الذي مارسته، لقد كانت بالنسبة لي تجربة عن قرب للتعامل مع عينات من هذه الشريحة أقصد المراهقين.

من خلال جلساتي مع طالبات الصف التاسع و أعمارهن تتراوح ما بين الرابعة و الخامسة عشر، أحسست بحق أن هذه الفئة أنضج بكثير مما كنت أتوقع ، فقد كن بالفعل نبيهات وواعيات، حتى أن نوعية الأسئلة كانت تنم عن دراية وقوة شخصية في الغالب... فقد كنت ألاحظ قدرتهن على التعبير عن ذواتهن و إبداء رأيهن بكل ثقة و صراحة....
كنت أسعد كثيرا و انا أستمع لأرائهن البسيطة و مشاكلهن التي قد تبدو بنظرنا نحن البالغين تافهة و لكن بالنسبة لهن جسيمة و خطيرة... و قد حاولت منذ البداية أن أكون صديقة لهن و عاملتهن تماما كصديقات في المقابل، مما زاد ثقتهن بي شخصيا و أصبحن يبحن لي ببعض أسرارهن!!!

لم أتوان عن نصحهن بطريقة هي أبعد ما تكون عن النصح و الإرشاد ، فقد كنت أحاول قصارى جهدي أن أخرجها بطريقة تكون أقرب ما يكون لدردشة الأصدقاء ليس إلا ، و بالتالي فإن وقعها كان يلقى كل استحسان لديهن ... و مازلت حتى الأن على اتصال مع مجموعة كبيرة منهن و نتبادل الحديث عبر الهاتف بين فترة و الأخرى... و أكثر ما أسعدني أنهن يلجأن لي في معظم الأحوال عند تعرضهن لمشكلة سواء في المدرسة أو في محيطهن الإجتماعي...

و من هذه التجربة ، زادت قناعتي أن المراهق هو إنسان طبيعي جدا و لكن الأهل بتصرفاتهم الخاطئة معه يجعلونه يميل إلى التصرفات الغريبة..
و من هنا يجب على كل أم أن تتعلم كيف تكون صديقة بحق لإبنتها في هذه المرحلة، تسمع منها و تحاورها و تناقشها و تحاول إقناعها بمدى صحة أو خطأ تصرفاتها، دون استخدام سلطتها في فرض أمر ما معين على ابنتها... فلا تمنعها من الخروج مع صديقاتها لأماكن الترفيه أو التسلية مثلا بحجة عدم معرفتها بأخلاق تلك الفتيات!!!.. فالأدعى من ذلك في هذه الحالة أن تعزز ثقة إبنتها و تسمح لها بالإنفتاح بطريقة مسئولة و تشاركها جلسات صديقاتها و تتعرف هي بدورها عليهن و هنا تتحقق المراقبة بطريقة سلسة و جميلة سترحب بها الفتاة مؤكدا... فالأم الذكية هي القادرة على كسب ابنتها مما يجعل تلك الإبنة تخبر أمها بأي مشكلة تواجهها وتستفيد من خبرتها في التعامل مع الموقف...

و على كل أب أن يصادق إبنه و يعزز ثقته بنفسه هو الأخر محاولا توجيه النصح و الإرشاد له بطريقة جميلة و دون اللجوء إلى العنف... فطريق العقل و الحوار هو الأنجح دوما.... و ليكن الأب دوما قدوة لإبنائه فإن كان لا يسمح لابنه بالتدخين مثلا فالأدعى به أن لا يدخن هو ....
و أخيرا التربية السليمة مصدرها الأسرة أولا ثم تقوم البيئة المحيطة ببلورة و صقل شخصية الفرد.....

أبناؤنا ثروة حقيقة في هذا السن فهم متحمسون و مقبلون على الحياة... فلنكن بدورنا سندا و محفزا لهم ليكونوا مبدعين خلاقين في هذه المرحلة الانتقالية.. لا معقدين أو مؤذيين.... و ليكن هذا هو الإنجاز الحقيقي في حياتنا كأفراد و كمجتمعات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى