الأحد ٢٥ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم أديب قبلان

بين غلام والحجاج

المشهد الأول :
أصوات المراعي الطبيعية تهز المسرح وغلام واقف يحاكي سبعة كلاب كونوا عصابة
يمر الحجاج ومعه مئة من الفرسان من جانبه ببطء في مشيته ويستغرب وقوف الكلاب وتآلفهم مع الصبي
الحجاج : ماذا تفعل هنا أيها الغلام ؟
يرفع الصبي طرفه ويقول : يا حامل الأخبار لقد نظرت إلىّ بعين الاحتقار وكلمتني بالافتخار وكلامك كلام جبار وعقلك عقل حمار.
الحجاج وقد استغرب : أما عرفتني ؟
الغلام وقد استهجن : عرفتك بسواد وجهك لأنك أتيت بالكلام قبل السلام.
الحجاج : ويلك أنا الحجاج بن يوسف.
الغلام بسخرية : لا قرب الله دارك ولا مزارك فما أكثر كلامك وأقل إكرامك .
يتحلق الفرسان الذين صاحبوا الحجاج حول الصبي ويقولون : السلام عليك يا أمير المؤمنين
الحجاج : احفظوا هذا الغلام فقد أوجعني بالكلام فأخذوا الغلام و خرجوا .
المشهد الثاني :
مجلس الحجاج ، يتوسطه جالساً على كرسيه الفاخر
والناس حوله جالسون ومن هيبته مطرقون وهو بينهم كالأسد ومن الجالسين الكثير من أعوانه ووزرائه .
ثم يطلب إحضار الغلام
يدخل الغلام من باب المجلس ويتوجه بالنظر مباشرة إلى الحجاج مخاطباً ...
الغلام : السلام عليكم ..
يرفع الغلام رأسه ويدير نظره فيرى بناء القصر عالياً ومزين بالنقوش والفسيفساء وهو في غاية الإبداع والإتقان.
الغلام بثقة : أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين .
يستوي الحجاج وقد كان متكئًا ..
أحد الحاضرين : يا قليل الأدب لماذا لم تسلم على أمير المؤمنين السلام اللائق ولماذا لم تتأدب في حضرته ؟
حديث جانبي من الحضور وتمتمات ونظرات غضب للغلام
الغلام : يا براغيث الحمير منعني عن ذلك التعب في الطريق وطلوع الدرج أما السلام فعلى أمير المؤمنين وأصحابه .
الحجاج : يا غلام لقد حضرت في يوم تم فيه أجلك وخاب فيه أملك.
يعم الصمت أرجاء المجلس ..
الغلام : والله يا حجاج إن كان في أجلي تأخير لن يضرني من كلامك لا قليل ولا كثير.
أحد الوزراء : لقد بلغت من جهلك يا خبيث أن تخاطب أمير المؤمنين كما تخاطب غلاماً مثلك يا قليل الآداب انظر من تخاطب وأجبه بأدب واحترام فهو أمير العراق والشام.
الغلام بصوت خطابي : أما سمعتم قوله تعالى " كل نفس تجادل عن نفسها"
الحجاج : فمن عنيت بكلامك أيها الغلام ؟
الغلام : لن أجيبك .. فقل لي على من تسلم أنت ؟
الحجاج : على عبد الملك بن مروان.
صمت الغلام برهة ثم توجه للحجاج
الغلام : عبد الملك .. ه ه لقد سخط الله عليه ، أتدري لماذا ؟
الحجاج : ولم ذلك أيها اللعين ، ومن أدراك ؟
الغلام : لأنه أخطأ خطيئة عظيمة مات بسببها خلق كثير
شيخ كبير : اقتله يا أمير المؤمنين فقد خالف الطاعة وفارق الجماعة وشتم عبد الملك بن مروان.
الحجاج يتأمل الوضع بصمت غريب ...
الغلام : يا حجاج أصلح جلسائك فإنهم جاهلون فأشار الحجاج لجلسائه بالصمت.
الحجاج : هل تعرف أخي؟
الغلام : أخوك .. أخوك فرعون حين جاءه موسى وهارون ليخلعوه عن عرشه فاستشار جلسائه.
يغضب الحجاج وتستثار نار الحمية في قلبه ويشتعل فيه نازع القتل ويعود ليأمر بضرب عنقه
الحجاج : اضربوا عنقه.
الرقاشي بسرعة ولهفة : هبني إياه يا أمير المؤمنين أصلح الله شأنك.
الحجاج باستنكار وغضب : هو لك لا بارك الله فيه.
الغلام : لا شكر للواهب ولا للمستوهب.
الرقاشي : أنا أريد خلاصك من الموت فتخاطبني بهذا الكلام ثم التفت الرقاشي إلى الحجاج
الرقاشي: افعل ما تريد يا أمير المؤمنين.
الحجاج للغلام : من أي بلد أنت ؟
الغلام : من مصر.
الحجاج : من مدينة الفاسقين .
الغلام : ولماذا أسميتها مدينة الفاسقين ؟
الحجاج : لأن شرابها من ذهب ونسائها لعب ونيلها عجب وأهلها لا عجم ولا عرب.
الغلام : لستُ منهم.
يستهجن الحجاج الموقف ويعقد في جبينه عقدة غضب :
الحجاج : من أي بلد إذاً ؟
الغلام : أنا من أهل خرسان.
الحجاج : من شر مكان وأقل الأديان.
الغلام : ولم ذلك يا حجاج ؟
الحجاج : لأنهم عجم أعجام مثل البهائم والأغنام كلامهم ثقيل و غنيهم بخيل.
الغلام : لستُ منهم.
الحجاج : من أين أنت ؟
الغلام : أنا من مدينة الشام.
الحجاج : أنت من أحسن البلدان وأغضب مكان وأغلظ أبدان .
الغلام : لستُ منهم.
الحجاج : فمن أين إذاً؟
الغلام : من اليمن.
الحجاج : أنت من بلد غير مشكور.
الغلام: ولم ذلك؟
الحجاج : لأن صوتهم مليح و عاقلهم يستعمل الزمر و جاهلهم يشرب الخمر.
الغلام : أنا لستُ منهم.
الحجاج : فمن أين إذاً؟
الغلام : أنا من أهل مكة.
الحجاج : أنت إذاً من أهل اللؤم والجهل وقلة العقل.
الغلام : ولم ذلك ؟
الحجاج : لأنهم قوم بعث فيهم نبي كريم فكذبوه وطردوه وخرج من بينهم إلى قوم أحبوه وأكرموه.
الغلام : أنا لستُ منهم.
وهنا يستنفذ الحجاج صبره ويوجه إليه التوبيخ والتهديد من جديد
الحجاج : لقد كثرت إجاباتك علي وقلبي يحدثني بقتلك.
الغلام : لو كان أجلي بيدك لما عبدت سواك ولكن اعلم يا حجاج أني أنا من أهل طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحجاج وقد راقت نفسه : نعم المدينة أهلها أهل الإيمان والإحسان فمن أي قبيلة أنت ؟
الغلام : من ثلى بنى غالب من سلالة علي بن أبى طالب رضي الله عنه وكل نسب وحسب ينقطع إلا حسبنا و نسبنا فإنه لا ينقطع إلى يوم القيامة
فاغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر بقتله.
الحجاج : اضربوا عنقه ، فو الله ما جاءنا إلا متكبراً ولأذبحنه ذبح النعاج
أحد الوزراء : ولكنه لا يستحق القتل وهو دون سن البلوغ أيها الأمير.
الحجاج مؤكدًا : لا بد من قتله ولو نادى مناد من السماء.
الغلام: ما أنت بنبي حتى يناديك مناد من السماء.
الحجاج : ومن يحول بيني وبين قتلك.
الغلام : يحول بينك وبين قتلي ما يحول بين المرء وقلبه.
الحجاج : كيف وهو الذي يعينني على قتلك.
الغلام : كلا إنما يعينك على قتلي شيطانك و أعوذ بالله منك ومنه.
الحجاج : أراك تجاوبني على كل سؤال فأخبرني ما يقرب العبد من ربه؟
الغلام : الصوم والصلاة والزكاة والحج .
الحجاج باستهتار : أنا أتقرب إلى الله بدمك لأنك قلت أنك من أولاد الحسن والحسين.
الغلام : من غير خوف ولا جزع أنا من أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان أجلي بيدك فقد حضر شيطانك يعينك على فساد آخرتك.
الحجاج : أتقول أنك من أولاد الرسول وتكره الموت؟
قال الغلام : قال الله تعالى " ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة"
الحجاج : ابن من أنت ؟
الغلام : أنا ابن أبي و أمي.
الحجاج : من أين جئت ؟
الغلام : على رحب الأرض.
الحجاج : أخبرني من أكرم العرب؟
الغلام : بنو طي .
الحجاج : ولم ذلك ؟
الغلام : لأن حاتم الأصم منهم.
الحجاج : فمن أشرف العرب ؟
الغلام : بنو مضر.
الحجاج : ولم ذلك؟
الغلام : لأن محمداً صلى الله عليه وسلم منهم.
الحجاج : فمن أشجع العرب ؟
الغلام : بنو هاشم لأن علي بن أبي طالب منهم .
الحجاج: فمن أنجس العرب و أبخلهم وأقلها خيراً ؟
الغلام : بنو ثقيف لأنك أنت منهم وفي الحديث الشريف يظهر من بنو ثقيف نمرود وكذاب فالكذاب مسيلمة والنمرود أنت .
فأغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر بقتله فشفع به الحاضرون فشفعهم فيه وسكن غضبه قليلاً
الحجاج : أين تركت الإبل ذات القرون ؟
الغلام : تركتها ترعى أوراق الصوان.
يغير الحجاج من جلسته ويصيح به قائلاً : يا قليل العقل ويا بعيد الذهن هل للصوان ورق؟
الغلام وقد بادله مثليها : وهل للإبل قرون ؟
الحجاج : هل حفظت القرآن ؟
الغلام : هل القرآن هارب منى حتى أحفظه.
الحجاج : هل جمعت القرآن ؟
الغلام : وهل هو متفرق حتى أجمعه ؟
الحجاج : أما فهمت سؤالي .
الغلام : ينبغي لك أن تقول هل قرأت القرآن وفهمت ما فيه.
يقوم الحجاج إلى الغلام و يتجول في مجلسه الذي امتلأ بالأعيان الذين توافدوا أثناء ذلك اللقاء ....
الحجاج : فأخبرني عن آية في القرآن أعظم؟ وآية أحكم؟ وآية أعدل ؟ وآية أخوف ؟ وآية أرجى ؟ وآية فيها عشر آيات بينات؟ وآية كذب فيها أولاد الأنبياء؟ وآية صدق فيها اليهود والنصارى ؟ وآية قالها الله تعالى لنفسه؟ وآية فيها قول الملائكة؟ و آية فيها قول أهل الجنة؟ وآية فيها قول أهل النار؟ وآية فيها قول إبليس ؟؟؟
الغلام وقد هيأ نفسه : أما أعظم آية فهي آية الكرسي
وأحكم آية إن الله يأمر بالعدل والإحسان
وأعدل آية فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره وأخوف آية أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيموأرجى آية قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعها وآية فيها عشر آيات بينات هي إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب وأما الآية التي كذب فيها أولاد الأنبياء فهي وجاءوا على قميصه بدم كذب وهم إخوة يوسف كذبوا ودخلوا الجنة وأما الآية التي صدق فيها اليهود والنصارى فهي وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء فصدقوا ودخلوا النار والآية التي قالها الله تعالى لنفسه هي وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين وآية فيها قول الأنبياء وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فل يتوكل المؤمنون وآية فيها قول الملائكة سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم و أية فيها قول أهل الجنة الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور وآية فيها قول أهل النار ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون وآية فيها قول إبليس أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين .
الحجاج يستغرب ويفتح عينيه متوهجًا قلبه و يتمتم بغرابة ...
الحجاج : أخبرني عمن خُلق من الهواء ؟ ومن حُفظ بالهواء ؟ ومن هلك بالهواء ؟
الغلام وبكل ثقة : الذي خلق من الهواء سيدنا عيسى عليه السلام والذي حفظ بالهواء سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام ؛ وأما الذي هلك بالهواء فهم قوم هود.
الحجاج وقد اغتاظ شديد الغيظ : فأخبرني عمن خُلق من الخشب ؟ والذي حُفظ بالخشب ؟ والذي هلك بالخشب ؟
فقال الغلام : الذي خلق من الخشب هي الحية خلقت من عصا موسى عليه السلام والذي حفظ بالخشب نوح عليه السلام والذي هلك بالخشب زكريا عليه السلام.
الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من الماء ؟ ومن نجا من الماء ؟ ومن هلك بالماء ؟
الغلام: الذي خلق من الماء فهو أبونا آدم عليه السلام؛؛ والذي نجا من الماء موسى عليه السلام؛؛
والذي هلك بالماء فرعون.
الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من النار ؟ ومن حُفظ من النار ؟
الغلام : الذي خُلق من النار إبليس؛؛ والذي نجا من النار إبراهيم عليه السلام.
الحجاج : فأخبرني عن أنهار الجنة وعددها ؟
الغلام : أنهار الجنة كثيرة لا يعلم عددها إلا الله تعالى كما قال في كتابه العزيز فيها انهار من ماء غير
آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى... وكلها تجري في محل واحد لا يختلط بعضها ببعض ويوجد نظيره في الدنيا وهو في رأس بنى آدم طعم عينه مالح وطعم أذنه مر وطعم فمه عذب .
الحجاج : إن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون فهل يوجد مثلهم في الدنيا ؟
الغلام : الجنين في بطن أمه يأكل ويشرب ولا يتغوط.
الحجاج : فما أول قطرة من دم؟
الغلام : هي حيض حواء.
الحجاج : فأخبرني عن العقل ؟ والإيمان ؟ والحياء ؟ والسخاء ؟ والشجاعة ؟ والكرم؟ والشهوة ؟
الغلام : إن الله قسم العقل عشرة أقسام جعل تسعة في الرجال وواحداً في النساء ؛؛والإيمان عشرة
تسعة في اليمن وواحداً في بقية الدنيا؛؛ والحياء عشرة تسعة في النساء وواحداً في الرجال؛؛ والسخاء
عشرة تسعة في الرجال وواحداً في النساء؛؛ والشجاعة والكرم عشرة تسعة في العرب وواحداً في بقية العالم؛ والشهوة عشرة أقسام تسعة في النساء وواحداً في الرجال.
الحجاج : فأخبرني ما يجب على المسلم في السنة مرة ؟
الغلام : صيام رمضان.
الحجاج : وما يجب في العمر مرة ؟
الغلام : الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا .
الحجاج : فأخبرني عن أقرب شيء إليك ؟
الغلام : الآخرة .
الحجاج : سبحان الله يأتي الحكمة من يشاء من عباده ما رأيت صبياً أتاه الله العلم والعقل والذكاء مثل هذا الغلام.
الغلام : أنا أهل لذلك.
الحجاج : فمن أحق الناس بالخلافة ؟
الغلام : الذي يعفو ويصفح ويعدل بين الناس.
يعود الحجاج للاستغراب ويسترسل أسئلته التي لم يجب عليها إلا من كتب له عمر جديد
الحجاج : فأخبرني عن النساء ؟
الغلام : أتسألني عن النساء وأنا صغير لم أطّلع بعد على أحوالهن و رغائبهن ومعاشرتهن ولكني سأذكر لك المشهور من أمورهن؛؛ فبنت العشر سنين من الحور العين؛؛ وبنت العشرين نزهة للناظرين؛؛
وبنت الثلاثين جنة نعيم ؛؛وبنت الأربعين شحم ولين؛؛ وبنت الخمسين بنات وبنين؛؛ وبنت الستين ما بها فائدة للسائلين؛؛ وبنت السبعين عجوز في الغابرين؛؛ وبنت التسعين شيطان رجيم؛؛ وبنت المائة من أصحاب الجحيم.
فضحك الحجاج وقال: أي النساء أحسن؟
الغلام : ذات الدلال الكامل والجمال الوافر والنطق الفصيح التي يهتز نهدها ويرتاح ردفها.
فقال له الحجاج : أخبرني عن أول من نطق في الشعر؟
الغلام : آدم عليه السلام وذلك لما قتل قابيل أخاه هابيل.
أنشد آدم يقول :
بـكـت عـيني وحق لها iiبكاها
فـمـا لي لا أجود بسكب iiدمع
رمـى قـابـيـل هـابيلاً iiأخاه
تـغـيـرت الـبلاد ومن iiعليها
تـبـدل كـل ذي طـعم iiولون
أيـا هـابـيـل إن تقتل iiفإني
فأنت حياة من في الأرض جميعاً
وأنـت رجـيـح قدر يا iiفصيح
ولـسـت مـيت بل أنت iiحي
عـلـيه السخط من رب iiالبرايا
 
ودمـع الـعـيـن منهمل يسيح
و هـابـيـل تضمّنه iiالضريح
والحد في الثرى الوجه iiالصبيح
فـوجـه الأرض مـغبر iiكشيح
لـفـقـدك يـا صبيح يا iiمليح
عـلـيـك الدهر مكتئب iiقريح
وقـد فـقـدوك يا روح iiوريح
سـلـيـم بل سميح بل iiصبيح
و قـابـيـل الشقي هو iiالطريح
و أنـت عـلـيك تسليم iiصريح
فأجابه إبليس يقول :
تـنـوح عـلى البلاد ومن iiعليها
وكـنـت بـها وزوجك في iiنعيم
خـدعـتـك في دهائي ثم iiمكري وفي الفردوس قد ضاق بك الفسيح
مـن الـمـولـى وقلبك iiمستريح
إلـى أن فـاتـك العيش الرشيح
الحجاج : أخبرني يا غلام عن أجود بيت قالته العرب في الكرم ؟
الغلام : هو بيت حاتم طي.
حيث يقول:
وأكرم الضيف حتما حين يطرقني = قبل العيال على عسر و إيسار
الحجاج : أحسنت يا غلام وأجملت وقد غمرتنا ببحر علمك فوجب علينا إكرامك ثم أمر له بألف دينار وكسوة حسنة و جارية وسيف وفرس.
الحجاج في نفسه : إن أخذ الفرس نجا وإن أخذ غيرها قتلته فلما قدمها له.
الحجاج : خذ ما تريد يا غلام
تغمز الجارية الغلام وتبتسم ابتسامة لم يفهمها سوى الغلام ...
الجارية : خذني أنا خير من الجميع
يضحك الغلام وقال ليس لي بك حاجة وأنشد يقول :
و قرقعت اللجان برأس حمراً
أخاف إذا وقعت على iiفراشي
أخـاف إذا وقعنا في iiمضيق
أخاف إذا فقدت المال iiعندي
أحـب إلـىّ مـما iiتغمزني
وطـالت علتي لا iiتصحبيني
وجار الدهر بي لا iiتنصريني
تـمـيلي للخصام وتهجريني
فأجابته الجارية تقول :
مـعـاذ الله أفـعل ما iiتقول
وأكتم سر زوجي في ضميري
إذا عاشرتني وعرفت iiطبعي ولو قطعت شمالي مع iiيميني
وأقـنـع باليسير وما يجيني
سـتـعـلم أنني خير iiالقرين
الحجاج : ويلك ألا تستحين تغمزينه وتجيبينه شعراً ؟!.
الغلام : إن كنت تخيرني فإنني أختار الفرس أما إن كنت ابن حلال فتعطيني الجميع.
الحجاج : خذهم لا بارك الله لك فيهم.
الغلام : قبلتهم لا أخلف الله عليك غيرهم ولا جمعني بك مرة أخرى.
الغلام : من أين أخرج يا حجاج ؟
الحجاج : أخرج من ذاك الباب فهو باب السلام.
أحد الجلساء للحجاج : هذا جلف من أجلاف العرب أتى إليك وسبك وأخذ مالك فتدله على باب السلام ولم تدله على باب النقمة والعذاب ؟
الحجاج : إنه استشارني والمستشار مؤتمن...
يخرج الغلام وقد مسك لجام الفرس وحمل عليها الترس والسيف و وتبعته الجارية الحسناء .
يتنهد الحجاج ويسدل الستار ....

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى