الاثنين ٢٦ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم بيانكا ماضية

هناك من يدمر وهناك من يبني

المتنبي صاحب السيفيات ، نادرة زمانه وأعجوبة عصره ، هذا الشاعر الذي قتل غدراً في صحراء العراق ، قد قتل غدراً مرة أخرى حين تحول شارعه في بغداد والذي يضم معرض كتاب دائم والمعروف بجادة المثقفين والمولعين بالقراءة والثقافة والأدب ، وجادة الشعراء والكتّاب والمفكرين ، إلى كومة من رماد بعد أن أكلت النيران التي ألهبها أعداء الأمة موجودات المتنبي وكل الكتب النادرة التاريخية والفكرية والأدبية .

المتنبي ابن بغداد يغتال مرة أخرى في موطنه ، حين دمر هذا الحي الحاضن للتاريخ والحافل بالمنجزات الإنسانية والثقافية ، الحي الذي مر به كبار الشعراء والمفكرين والأدباء من أمثال الجواهري والبياتي والسيّاب والفيتوري وغيرهم ، وقد كتب الكثيرون عن هذه الجريمة بأنها جريمة لاتضاهيها جريمة ، هي اعتداء على الحياة والتاريخ والثقافة والأدب والذاكرة الجمعية العراقية ، اعتداء على الشرق وقيمه وثقافته ، وقد أقام أبناء العراق بعد ثلاثة أيام من الاعتداء الذي جرى في الأيام الأولى من هذا الشهر مهرجاناً أدبياً أكدوا فيه أن أدب المتنبي باق وشارعه سيبقى مهما اشتدت قوى الظلام وقست .

ولكن في هذا الوطن العربي هناك من يدمر ، وهناك من يبني ، هناك من يدمر حي المتنبي ، وهناك من يؤسس لثقافة المتنبي ، فقد أطلق في أبو ظبي موقع إلكتروني يرعاه الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي سمي ( واحة المتنبي ) ويضم المجموعة الشعرية الكاملة لأبي الطيب المتنبي مصحوبة بتسجيل صوتي لقصائده وعشرات الشروح التي تناولت شعره ، وهذا الموقع الذي عنوانه www.almotanabbi.com يهدف إلى إعادة تقديم الثقافة العربية بطريقة عصرية تصل إلى كل قارئ وباحث ومستفيد ومحب للشعر العربي .

المتنبي الذي قال يوماً :

على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم

قد قدّر له أن يغتال في موقع ، وأن يحيا في موقع آخر ، وقد أتاه أهل العزم لينشئوا له هذا الموقع تقديراً منهم لشاعر العربية ، وإحياء لوعي الإنسان العربي بلغته العربية الأم ، وإطلاقاً لشعار العروبة الذي لايمكن ليد الاحتلال أن تنال منه مهما بلغ هذا الاحتلال في تدميره لقيم الثقافة العربية ورموزها .


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى