الاثنين ٢٦ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم جمال غلاب

المرأة الجزائرية في كتابات ـ مخائييل سيرفنتاس

ـ زريــــــــــــــــــــــد نموذجـــــا ـ

ـ أعرف أن بعض الجميلات سبب شقائهن هو جمالهن , فما يطرأ على حياتهن من مظالم وتعاسة يكون في كثير من الأحيان مطية لأفولهن و ان ولع النفس يرقى و ينهار ومع ذلك يبقى كل ما فيه عاديا لكن الذي غير عاد فيه في زحمة هذا التغيير هو أن هذا الجمال يفضحه أخيرا تقادم الزمن فكم من امرأة جميلة كان سبب تعاستها جمالها ...و جمال ـ زريد ـ يدفعني الى القول بأنني لم أر مثلها بين الأمم ـ

و في هذا الزخم الرائع من الوصف الدقيق و الجميل سجل ـ مخائييل سيرفنتاس ـ انطباعته على المرأة الجزائرية , متخذا من ـ زريد ـ نموذجا في الذوق و الارتقاء بالحضارة في مختلف مناحي الحياة. لكن مهلا من تكون زريد ؟ و كيف تعرف عليها ؟ و لماذا حظيت بكل هذا الشرف الكبير من كاتب عالمي مثل ـ مخائييل سيرفنتاس ـ ؟ .

و أنا اقرأ رواية ـ دون كيشوت ـ المترجمة الى النص الفرنسي شد انتباهي أحد فصولها يكون ـ صاحب رائعة ـ دون كيشوت ـ قد أفرده ـ لزريد ـ الجزائرية . و يتم التعارف بدون تخطيط مسبق . في شكل حكاية مشحونة بالأحاسيس و المشاعر النبيلة و كأنها لوحة لرسام ماهر أحنت السنون ظهره من عناء البحث و الفحص في قراءة الألوان و تجانسها ..............الى استحضار الخيال... الى استنطاقه .

و تبدأ الحكاية من سجن البايلك بمدينة القصبة الجزائرية . حيث كان ـ مخائييل سيرفنتاس ـ من نزلائه ـ 1572ـ السجن كان محاطا ببعض القصور المطلة عليه . وكعادته كان ـ مخائييل سيرفنتاس ـ يرشي السجانين مقابل اعفائه من مشقة العمل بميناء الجزائر . فيصعد في كل يوم الى سطح سجن البايلك رفقة صديقين له أما لممارسة بعض الحركات الرياضية أو للكتابة و فجأة لمح ساعد لأمرأة يخترق نافذة مزينة بالنباتات التزينية يحاول الدفع بقصبة يراع طويلة بها خيط مربوط بها رسالة و تتجه حيث ـ سيرفنتاس ـ و صديقيه اللذين حاولا الامساك بها لكن صاحبة الرسالة كانت تريد من ـ سيرفنتاس ـ أن ينهض ليمسكها و بالفعل الرسالة لم تكن من نصيب صديقيه بل كانت موجهة الى ـ سيرفنناس ـ و بهذه الكيفية تم التواصل .

و على هذا النسق من الرغبة لاكتشاف الآخر تطورت أحداث الحكاية وتم تبادل الرسائل بين الطرفين ـ زريد و سيرفنتاس ـ و الملفت للانتباه في هذا التواصل أن هذه الرسائل و البالغ عددها أ ربع ضمنها ـ سيرفنتاس ـ في رائعته ـ دون كيشوت ـ النص الروائي الذي ظل مصدر الهام لكل المبدعين و بكل لغات العالم تقريبا و على مدار أ ربعة قرون .

ومن ذكره لمحاسنها كانت انطباعات ـ سيرفنتاس ـ أنه لا يوجد مثيل لها بين الأمم في نضجها و طريقة تفكيرها و خفة روحها و سحر منا قشتها وما تمتلكه من شرف الكلمة و نبل المعنى و أثرها في دفء الحياة و ابداعاتها في مطاردة كل ما هو جميل ... انه القليل من الكثير الذي حفلت به رائعته ـ دون كيشوت ـ في و صفه للمرأة الجزائرية من خلال ـ زريد ـ الا أن ما يثير الدهشة و يدفع الى الاستغراب أن هذه المرأة بالذات في القرن الواحد و العشرين مازالت تبحث عن نفسها في الوقت الذي تعرفها كل نساء العالم و كلهن شوقا و حسدا للفوز بهذا الشرف العظيم الذي حظيت به سيدة جزائرية فكم تمنت السيدة الفرنسية أن تكون كذلك و كم تمنت سيدة روما أن تكون كذلك وكم تمنت سيدات العالم أن تكون كذلك و لكن الاختيار و قع على السيدة الجزائرية و من أعظم فنان و كاتب عالمي و على مدار اربعة قرون .

و لاكتشاف هذا السر الكبير دفع بالكثير من الكتاب ـ الجنسين ـ من الأجانب بالانتقال الى الجزائر لمعايشة يوميات المرأة الجزائرية عن قرب لكن للأسف فان ما كان يدور برؤسهم قبل مجيئهم و ما كان يدفعهم من زخم لمعرفة السيدة الجزائرية لم يعثروا عليه لأن الاستيطان الفرنسي كان قد قضى على كل هذا الشرف اللهم الا بعض الاشارات الخفيفة أغلبها متناثر هنا و هناك و في بعض من كتابات الأجانب كتابات تمجد بطولات بعض من سيدات الجزائر :أمنا الكاهنة و ابنتها خنشلة و سيدة الأهقار و فاطمة مسومر .....

و بقراءتي الصابر ة و المتأنية لهذا الفصل من رائعة ـ دون كيشوت ـ و الذي أفرده ـ سيرفنتاس ـ للحديث عن السيدة الجزائرية لم ألاحظ ما يسيء لشرفها و لا لكرامتها ولا لعرضها بل جاء كلآم ـ سيرفنتاس ـ راقيا في ذكره لها و الحديث عنها الى درجة عالية من الاحترام و التقدير و هو ما اعتبره مكسبا لا مثيل له استطاعت السيدة الجزائرية افتكاكه بطهرها و نقائها و نبل أخلاقها من كاتب أجنبي . كما استطاعت أيضا أن تؤثر فيه تأثيرا بليغا جعلت منه انسانا محايدا و موضوعيا و لم يعمه ما كان يعانية من رق العبودية في الجزائر .

و لابراز قيمة ـ رائعة ـ دون كيشوت ـ و ما حفلت به من أحداث سوف أفسح المجال لما أجمع عليه الكثير من نقاد العالم بأن ـ سيرفنتاس ـ جمع فيها بين الطابع الشخصي لأن فيها الفلسفة التي خرج بها من تجاربه في الحياة بالجزائر و الطابع القومي لأن القصة خير ما يعبر عن عبقرية قومه و الطابع الانساني لأنها تصور النفس البشرية عامة و تخاطب العقل الانساني دون تقيد بعصر و لا بجنس و لا بديانة ولا بمذهب و الكتب من هذا النوع في الأدب العالمي كله لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة .

جمال غلاب/ كاتب

ـ زريــــــــــــــــــــــد نموذجـــــا ـ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى