الخميس ٢٤ أيار (مايو) ٢٠٠٧
بقلم عادل الأسطة

المرأة في الرواية الفلسطينية

"المرأة في الرواية الفلسطينية" هو عنوان كتاب للقاص زكي العيلة، صدر في العام (2003) عن دار (أوغاريت) في رام الله. ولا أدري إن كان أطروحة جامعية، فليس هناك ما يشير إلى ذلك، وإن وجه الكاتب شكراً للأستاذ الدكتور حسن البنداري، من جامعة عين شمس، والأستاذ الدكتور نبيل أبو علي، من الجامعة الإسلامية في غزة.

وليس هذا الكتاب الأول الذي يتناول موضوع المرأة في الأدب الفلسطيني، فعدا الدراسات التي تناولت صورة المرأة اليهودية في أشعار محمود درويش، هناك رسائل علمية، كتبها أصحابها للحصول على شهادة عليا، خاضت في الموضوع نفسه. هناك دراسة د. فيحاء عبد الهادي "نماذج المرأة البطل في الرواية الفلسطينية" (القاهرة، 1997). وهناك "المرأة وعلاقتها بالآخر في الرواية الفلسطينية" للدكتور حسين المناصرة (2001). وقد أتى على المرأة أيضا محمد أيوب في دراسته "الشخصية في الرواية الفلسطينية" (1997)، وإن كانت معالجتها هنا جزئية، خلافا للدراستين السابقتين.
وإذا كان حسين المناصرة ذكر أنه اطلع على الدراسات السابقة لدراسته، وتحديدا دراسة فيحاء عبد الهادي، وأنه عالج روايات أخرى إضافية غير تلك التي عالجتها فيحاء، فإن زكي العيلة أورد في هوامشه عنوان كتاب فيحاء، ولكنه لم يأت على دراسة المناصرة، وعلى دراسة أيوب. أيعود السبب في ذلك، لأن المناصرة لم يكن نشر دراسته في كتاب، بعدُ؟ ربما، ولكن لماذا لم ينظر في دراسة محمد أيوب؟ لو كان اطلع عليها، لربما أفاد منها ومن إشارة صاحبها إلى روايات كان للمرأة فيها حضور بارز!

ومع أن زكي العيلة عالج روايات لم يعالجها المناصرة، ومن قبلُ، فيحاء عبد الهادي، إلا أنه درس روايات درساها، وهي روايات سحر خليفة وغسان كنفاني، وهكذا تتقاطع الدراسات الثلاثة أحياناً، وإن اختلفت المعالجة. تدرس فيحاء عبد الهادي نماذج المرأة البطل، مع ما يدرج تحت مفردة البطل من معان، ويدرس المناصرة المرأة وعلاقتها بالآخر، واما زكي العيلة فيعرض نماذج المرأة في الروايات قيد الدراسة.
عنوان دراسة زكي العيلة هو "المرأة في الرواية الفلسطينية"، لا المرأة الفلسطينية في الرواية الفلسطينية. وثمة فارق بين العنوانين. العنوان الأول يتطلب منه أن يكتب عن النماذج النسوية، بغض النظر عن كونها فلسطينية أو غير فلسطينية، خلافاً للعنوان الثاني الذي يفرض عليه أن يكتب عن المراة الفلسطينية فقط. وهنا تكمن الإشكالية الأولى في الدراسة. لقد كتب الدارس عن المرأة الفلسطينية، لا عن المرأة، وهكذا وجب أن يكون هناك تغيير في العنوان.

ولا أدري ما المبررات التي يقدمها أصحاب الدراسات حين يختارون رواياتٍ دون غيرها. العيلة لم يفعل هذا، ومثله الآخرون. إن دراسة موضوع مثل هذا يتطلب من صاحب الدراسة أن يقرأ الروايات كلها، ثم يغربلها، فيختار ويستبعد، بناءً على أسس ومبررات يقنع بها القارئ والدارس، ولا يفترض في الدارس أن يختار كتاباً مشهورين وأعلاماً بارزة، لأن دراسته تعتمد بالدرجة الأولى على دراسة الموضوع، لا الشكل. والموضوع قد يخوض فيه كاتب متميز وآخر غير متميز. روائي ناجح، وروائي غير موفق.

كان محمد أيوب في دراسته "الشخصية في الرواية الفلسطينية" أتى على الشخصيات غير الفلسطينية، وتحديداً على شخصية المرأة اليهودية والمرأة الغربية. وكان يمكن لزكي العيلة أن يتوسع في هذا الجانب، فثمة روايات فلسطينية لم يدرسها، حفلت بشخصيات نسوية يهودية وغربية. وأظن أن تجربة أهل فلسطين، في الوطن والشتات، غنية وثرية، إذ لم تقتصر علاقة الرجال مع النسوة الفلسطينيات. كم من فلسطيني أهدى خواتمه إلى من ليس منا، على رأي محمود درويش أبرزُ من أبرزَ نماذج نسوية يهودية في أشعاره؟

أقام الفلسطينيون علاقات مع نساء عربيات ويهوديات وأوروبيات وأمريكيات، وربما مع هنديات وصينيات، وقد عكس بعض الكتاب هذا في نصوصهم، ولو التفت زكي العيلة إلى هذه الروايات لأغنى دراسته وأثراها، ولكان أكثر انسجاما مع عنوانه الذي اختاره، ولربما استغنى عن الفصل الأخير من دراسته، الفصل الخاص بالشكل الفني الذي لا ضرورة له، لأنه لا ينسجم مع العنوان.

هناك روائيون فلسطينيون صوروا نماذج نسوية يهودية، مثل سميح القاسم في "الصورة الأخيرة في الألبوم"، ونماذج نسوية أوروبية مثل محمود شاهين المقيم في الشام في روايته "الأرض المغتصبة"، وهناك روايتي "تداعيات ضمير المخاطب" التي تحفل بنماذج نسوية ألمانية. وكنت ألتمنى لو أن الدارس التفت إلى هذه النماذج، ولربما قدم لنا، لحظتها، دراسة أشمل وأوسع وأثرى، وأوضح لنا غنى تجاربنا المُسِرة وغير المُسِرة!!.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى