الجمعة ١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم أحمد مظهر سعدو

العلاقة بين الشاب والأهل

متى وكيف؟

رب متسائل بريء .. مفاد سؤاله يقول : متى يمكن للأهل أن يأخذوا برأي ابنهم أو ابنتهم في اختياراتهم المستقبلية ؟ ومتى يحق للأهل التدخل المباشر في حياة الأبناء ؟ وهل من الجائز أن يعطى الابن كل الثقة في اختيار مستقبلي وهام ؟

لعله لسؤال الاجتماعي الدائم .. بل لعله ذاك الإشكال الملتصق بالواقع المعاش لجـلّ الأسر العربيـة , التي ما زالت تعتقد كل الاعتقاد أن من صلاحياتها رسم مستقبل دائم لأبنائها مدعية أنها الأقدر على ذلك في ظل وجود مغلوط لواقع الشباب العربي التائه في بواعثه الداخلية , والمرتبط في أتون حراك اجتماعي ليس يمتلك الصواب على طول المدى .. من هنا فإنه وعلى هدي النظرة البحثية الاجتماعية التي تؤسس لانطلاقة معطى اجتماعي متطلع نحو الأفضل فإنه يمكن الحديث عن هذا الواقع المجتمعي الغارق فـي تردداته غير المستقرة , وضمن مفاعيل هذه القضية المطروحة بإلحاح اليوم لنقول :

في البدء لا يمكن أن يكون الاختيار صحيحاً , بعيداً عن رأي الشاب أو الشابة .

فقد درجت العادة لدى الكثير من ذوي الشباب على التمسك بمقولة مفادها ( نحن الأكبر والأخبر ونعرف مصلحتك أكثر ) .. والحقيقة فإنه حتى لو كان الأهل يعرفون أكثر , فإنه ليس بالضرورة أن يكون اختيارهم مناسباً أكثر .. فلكل منظاره بل لكل زاويته في الاختيار .

وكم وكم من الأهل الذين اختاروا لابنهم أن يدرس حادي عشر علمي رغماً عن تطلعاته وتوجهاته وبالتالي فإن الشاب قد رسب في الثانوية العامة العلمية لينتقل في السنة التي يليها إلى الأدبي , بعد أن يكون قد أضاع سنتين بلا جدوى , - ثم وهذا ما يجب أن يعرفه الأهل- أن هناك العديد من حالات جنوح الأحداث سببها إجبار الشاب أو الطفل على مسألة ما بالنسبة لمستقبله أو لسوى ذلك .

ونصيحتي للأهل أنهم إذا أرادوا مسألة تخص مستقبل ابنهم وهم مقتنعون بصحتها فما عليهم إلا أن يعرفوا ما يقنع ابنهم بذلك لتأتي النتيجة من خلاله وليس من خارجه , وما يأتي تمثلاً من قناعة للشاب يثبت أكثر ويسهل التعامل معه ..والحقيقة فإنه دائماً وعلى طول المدى فإن الشاب والشابة يستحقان ثقة الأهل .
علينا منحه الثقة , ومن ثم نحاوره في اختياراته أو اختياراتها – الحوار أساس في العلاقـة الصحيحـة , وإذا كان المجتمع العربي لم يصل بعد إلى الإيمان بالفكر الحواري , ومرد ذلك إرثاً ثقيلاً ما زال يحمله على كاهله منذ عقود .. وهناك من يساعده على تثبيته يوماً بعد يوم .

إلا أن الحوار المتواصل بين الأهل والشاب يسهم في ردم الهوة بين فارق التفكير بين جيل تربى وعاش بشكل مختلف وجيل آخر يعيش العصرنة والحداثة – الفضائيات والانترنت – البريد الالكتروني – الحاسوب وما أدراك ما الحاسوب والقرص المدمج الذي يجمع داخله مكتبات بحالها .

ويجب أن لا يعتقد الأهل بأن الحوار يعني أنه يجب أن يصلوا فـي نهايته إلـى إقناع الابـن برأيهم .. لا أبداً فقد نصل إلى قناعة وقد لا نصل .. ويجب أن يكون عقلنا متسعاً لفكر يؤكد أنه من الممكن أن يكون رأي الشاب صواباً يستحق القبول به , وأن لا يكون الحوار تمثيلاً , بل منطق مقبول من الطرفين.

وعلينا أن نقتنع بأنه ليس كل حوار ينتج تفاهماً . . بل من الممكن أن لا نصل فيه إلى حل لمرة أو اثنتين أو أكثر.. الإجبار والفرض لا ينتج مستقبلاً متوازناً .

كل ما أتى بالعنف بكل أنواعه فلسوف يزول مع زوال عامل العنف الوقتي والعنف يأتي بالضرب والعنف اللفظي , والعنف الفكري , ورسم المستقبل لأبنائنا دون رأيهم يعتبر عنفاً أيضاً .

والحقيقة فإن الإجبار والتعنيف هو وسيلة سهلة وهي أسهل وسيلة لفرض آرائنا .. ولكنها وسيلة العاجز ويزول مؤداها مع زوال أداتها المباشرة .

وهذا يدلك على دور متزاوج ومتفاعل بين الأهل والأبناء .. لكل دوره .. ولكل فعله المباشر .

ولا يمكن على الإطلاق التأسيس لرؤيا أسروية صحية بدون تلك العلاقة الحوارية المؤسسة على بعد منطقي ديمقراطي حقيقي بينهما .

متى وكيف؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى