الأحد ٢٤ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم عادل صيام

المستقبل

عندما كنت صغيرا كنت أسير في شارع سان مور من منزلنا إلي المدرسة، كنت أضرب كل حجر من تلك الأحجار المربعة السوداء التي تغطي شوارع باريس، و كأنني في كل مرة استعد للإقلاع في عملية طيران طويلة

و في هذا الشارع منزل صغير جدا قالت لي جدتي أنه كان جزءا من سجن للسيدات في عصر نابليون، بمواجهة هذا السجن يوجد ثلاث نافورات أو هي علي وجه الدقة نافورة واحدة كبيرة لثلاث حيوانات خرافية تعطي الماء في حوض النافورة

بدا لي هذا المنزل كأنه مرتفع جدا عن الشارع، كنت كلما مررت رفعت قامتي قليلا لأنظر ما بداخل هذا المنزل.

ذات يوم صعدت علي حد حوض الماء المقابل للمنزل - النافورة - رأيت أقدام ثلاث سيدات، لكن امرأة عجوز رأتني افعل هذا، قالت لي لا تفعل ذلك فلإن سقطت في حوض الماء تأكلك تلك الحيوانات المحيطة بحوض الماء، فلقد كانت تفعل ذلك لعهد قريب بالأطفال الذين يريدون النظر داخل المنزل، نظرت إلي هذه الرؤوس الحديدية لحيوانات أسطورية وضعت علي حافة الحوض المستدير فاغرة فاها، لم أشعر بالخوف منها، لكنني لم أكرر محاولة النظر داخل هذا المنزل ثانية.

بعد عدة سنوات توفيت جدتي، و ارتفعت قامتي عدة سنتيمترات و تمكنت من رؤية ما بداخل المنزل و جدت به ثلاث سيدات يجلسن علي طاولة و أمامهم أوراق اللعب تلك الكروت التي تستخدم للتسلي، و عدة شموع بيضاء، شموع في وسط النهار !
نعم لأن عيونهن صارت غير قادرة علي الرؤية الجيدة، بدت لي هذه الإجابة مقبولة في ذلك الحين

هل هذا المنزل يحمل كل هذا الغموض فقط لوجود أولئك السيدات، بما يبدو عليهن من عجز و كهولة !؟ لم لا يخرجن و يتسلين بأي شئ بالخارج؟

بعد ذلك قالت عاملة في المدرسة أنهن لا يلعبن و لكن ينظرن المستقبل، يحاولن أن يعرفن الغيب، عندها فقط فهمت أن الشموع لم تكن لضعف الرؤية، تمنيت لو أذهب إليهن، اسألهن أسئلة كثيرة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى