الخميس ٢ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم وائل وجدي

عروس البحر ...

.. تجلس على رمال شاطئ البحر ...

خيوط الشفق ، تنساب في صفحة السماء ...

نثار الموج، يلفح وجهك...

رخات الهواء البارد ، تنعش خلاياك ...

تولع ، بتموجات البحر...

البحر... والمدى اللامتناهي .. يسربلانك ...

.. تمر ساعات .. تسرح في الأفق ...

البحر.. حصيرة هادئة...

تجفل عيناك .. تشعر بمن يتحسس ملامحك ، يضغط على كتفك .. تنتبه - على ضوء القمر - تبصر وجهًا ، مستديرًا ، ينسدل عليه شعر طويل ، يطمس قسماته - تمامًا - يرنو بأنفاسه نحوك ... تسري رعشة في أوصالك .. تشم رائحة غريبة ..
جسد امرأة، عار، ممشوق..

تفرك عينيك .. تقف .. تقترب منها .. ترفع براحتيك : خصلات شعرها .. تطالعك عيناها الخضراوان تضويان في الظلمة ..

تدهشك ضحكتها، الناعمة:

 " أيقظتك من حلمك ؟! "

 " أتسبحين هكذا ؟!"

تزداد ضحكاتها .. تشير إلى البحر ، بأصابعها :

 " أنا من هنا ... "

 " لا أفهمكِ ... "

تطلب منك الجلوس على رمال الشاطئ .. تأخذ من حقيبتك قميصًا .. تعطيه لها .. تهم بارتدائه .. تلتفت برأسك ؛ حتى تنتهي ..

تجلسان.. تمسك براحتيها حفنة من الرمال .. تطيل النظر ، تهمس :

 " ولدت في مملكة المرجان ؛ بأعماق بحر ، الوادي السحيق ..
لم يرزق والدي بسواي .. أفرط في تدليلي.. سئمت القصر، وما فيه..
في يوم ؛ سبحت أميالاً وأميالاً .. لمحتك ؛ تجلس على الشاطئ .. تابعتك ؛ وأنت تناجي البحر .. تسرح بنظراتك إلى الأفق البعيد ..
لا أعلم لماذا شغلت تفكيري ؟.. واليوم ؛ سبحت من أجل أن أراك ؛ وأحدثك .. بالفعل وجدتك ؛ تجلس في نفس المكان.."

يصيبك الدوار ؛ تتلعثم . تنطق ، بصعوبة:

 " أكيد أنك تداعبينني .. هل يوجد في عصر المعلومات .. عروس بحر ؟! "

 " أعرف أنك لا تصدقني؛ ولكن هذه هي الحقيقة.. أتريد أن أثبت لك !! "

أعطني يديك ..

لم تشعر إلا وهي تجذبك إلى البحر .. تقاوم.. لم تستطع أن تفلت من يديها ؛ اللتين تحولتا إلى زعانف ؛ فور ملامستها الماء.. ضربت بها ماء الأعماق .. أحاطتك غلالة شفيفة ؛ تتنفس من خلالها.. تسبح أمامك بسرعة؛ وأنت تتبعها ..
ظلمة شديدة؛ تشعر بأشياء تلامسك؛ لعلها كائنات بحرية..

بعد لحظات .. تجد الظلمة ؛ تتلاشى تدريجيًا .. ضوء ساطع ، مبهر.. أسماك صغيرة؛ بألوان الطيف .. تكوينات صخرية ؛ لم تر مثلها من قبل.. قصر عالي البناء ، متسع الأرجاء.. ثريات؛ تدهشك أنوارها.. تنتفض فرائصك .. تشملك رعشة شديدة.. أحست بك .. أخذت تعود بك مرة أخرى.. دخلت إلى الظلمة .. تشعر أنك تطفو .. تضرب بزعانفها ؛ الغلالة ؛ التي تحوطك.. تكتم أنفاسك.. تصعد برأسك.. تأخذ نفسًا عميقًا .. تسبح إلى الشاطئ .. تنظر وراءك؛ تبحث عن عروس البحر..

.. ظلمة البحر شديدة ، و الأمواج متلاطمة ....

.. لم تستطع أن تقف على ساقيك .. الخدر ، يسري في خلاياك .. العتمة تغشاك ..

.. تفتح عينيك .. وجوه شائهه ، تطل عليك .. تحاول أن تستنطق الحرف . تأخذك الغفوة ..

.. تشم رائحة اليود .. تنفض غطاء سريرك .. تمد يدك للأباجورة ؛ تضغط مفتاحها ..

.. تفتح خصاص نافذتك ... تطل على البحر .. تتأمل غبش الفجر.. تملأ رئتيك بالهواء ، الرقراق ...

.. رأسك مشوش ، تحاول أن يتسق تفكيرك .. ملامحها ، لا تبعد عن خلدك .. تأسرك عيناها ، ولمسة أناملها ، البضة .... تعرج إلى الكورنيش .. تجلس على رمال شاطيء البحر ... تتابع تموجات البحر ..

نثار الموج ، يلفح وجهك ...

رخات الهواء البارد ، تنعش خلاياك ...

البحر ... والمدى اللامتناهي .. يسربلانك ....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى