الاثنين ١٢ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧
بقلم مهند عدنان صلاحات

الشباب العربي والفضائيات.

طرأت العديد من التحولات الجذرية نحو الانفتاح على العالم في بنية المجتمعات العربية نتيجةً لدخول المنطقة ككل –قسرياً- دائرة العولمة والتطور التكنولوجي العالمي؛ وتحت ضغط التحولات الجارية في العالم، وساهمت في جانب بكشف الستار عن الكثير من القضايا الثقافية والاجتماعية والفكرية، وخلقت جواً من التبادل الثقافي بين الشعوب المختلفة، وإلى حد ما استطاعت هذه التحولات الجذرية أن تزيد من مدارك الشباب العربي الذي كان أحد أكبر المستفيدين من التطور التكنولوجي

إلا أن البعض من المثقفين العرب ظلّ متحفظاً على هذا الانفتاح المفاجئ والسريع على للمجتمع العربي على التكنولوجيا والاتصالات، وخاصة على فئة الشباب، معللاً أن مثل هذا الانفتاح يصيب المجتمع العربي وخاصة فئة الشباب التي هي الأكثر تداولاً لهذه التكنولوجيا الجديدة ومتابعة لها، من صدمة الحداثة التي قد تصيب المجتمع وشبابه أولاً. وثانياً: رفضه أن يكون دخول المنطقة العربية لمرحلة جديدة من ثورة التطور التكنولوجي والاتصالات تكريساً لفكرة كون المنطقة العربية مجرد سوقٍ استهلاكيٍ للدول الصناعية المتقدمة، ومختبراً لتجريب منتجاتها الجديدة، فيتحول شبابنا إلى مجرد كائنات اختبارية للأدوات الغربية الحديثة، وثالثاً: خوفا على العديد من القيم الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي قد تضيع مع عولمة المجتمع، كبعض القيم الإنسانية المتوارثة غير المتصلبة والمكرسة للسلطة، والتي في العادة تحافظ على بنية المجتمع وهويته، فالعديد من المثقفين يخشون كثيراً من أن تستطيع العولمة أن تذيب الهوية الثقافية العربية للشباب والمجتمع، أو حتى الإقليمية، أو القومية للعرب والقوميات الأخرى التي تعيش ضمن المنطقة العربية.

ومن أهم التكنولوجيا الحديثة التي تأثر فيها الشباب هي الإنترنت والفضائيات، فكلاهما شكلا سلبية تجاه توجه الشباب العربي للقراءة، فالفضائيات استطاعت استقطاب أكثر من 75% من الشباب العربي، وبالتالي فإن معظم وقتهم الذي يفترض في السابق كان مخصصاً للقراءة والمطالعة والبحث، أصبح اليوم يضيع هباءً خلف البرامج التلفزيونية، وأصبح بإمكان الشاب العربي اليوم بضغطة زر أن يحصل على أية معلومة يحتاجها في دراسته، أو أبحاثه، دون بحث وقراءة وعناء، لذلك فإن هذه التكنولوجيا كان سيفاً بحدين. على الرغم من أنها من جانب إيجابي قد ساهمت كثيراً في كسر العزلة المفروضة على المثقف، وعلى الشباب العربي كذلك، من قبل السلطة والمجتمع وإخراجه من سجنه، وتمكينه من تخطي حدود الرقابة المفروضة، والحدود السياسية، والتواصل بشكلٍ أكبرَ مع محيطه "العالمي" بدلاً من البقاء في الزاوية الإقليمية الضيقة لدولته، كما مكنته من التواصل مع المشاريع الثقافية التنويرية والنهضوية العالمية، والتي قد يستفيد منها المثقف بنقلها؛ أو بعضها، إلى مجتمعه، كما أن التطور التكنولوجي إن كان له جانب سلبي بكونه قد يستطيع تغيير بنية المجتمع، وتذويب العديد من قيمه، كذلك فإن هذا التغيير في بنية المجتمع قد يكون إيجابياً بالنسبة للمثقف التنويري تحديداً، حيث أن تخلص المجتمعات من بعض القيم المتصلبة، وكسر العديد من التابوهات الاجتماعية والفكرية قد يساعده في إدخال مشروعه التنويري للمجتمع الذي سيبدو بصورة أخرى متعطشاً للتغير، بالإضافة لأن التطور التكنولوجي ساهم في أن الشباب العربي أصبح أكثر وعياً، عبر تواصله مع العالم من خلال وسائل الاتصال التي غزت معظم البيوت والأسر العربية؛ وأصبحت الرقابة عليها شبه مستحيلة كالإنترنت، والفضائيات، وغيرها. كما أصبح جيل الشباب أكثر إدراكاً وفهماً للعديد من المفاهيم التي كانت في السابق غامضة وغير مفهومة، وتُصدّر للمنطقة العربية بقوالب جاهزة تهبط عليها من السماء مثل: الديمقراطية، حقوق الإنسان، المواطنة، الحوار الوطني، الإصلاح، التغيير الاجتماعي، المجتمع المدني، التحول الديمقراطي، التنوير، النهضة، التنمية، حق التعبير، الحرية ...، أصبحت مفهومة، بالتالي أصبح الشباب يعي دوره الثقافي والحضاري والإنساني تجاه وطنه، ومجتمعه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى