الثلاثاء ٣١ آب (أغسطس) ٢٠٠٤
بقلم رشدي الماضي

تهاليل للزمن الاتي ـ القسم الثالث

من كعك ماري الى خلاصك يسوعي

(1)

أناديك!!

أناديكِ ماريهم فاصغي اليَّ

سيظل كعك في مخبز الباستيل

ينتظر الرواح

ضاعت منا أجندتنا

ولم تعد تذكر ميلادًا لها

أفواه الجراح

(2)

صباح جديد

لم يعد صباحنا مِحطة

ولا جوازًا عابرًا للسفر

زَادَنا الهجرُ عِشقًا اليك

يا بيتنا!!

فصحا وِجَاقٌ

وتتأجج الشوق في كل حجر..

(3)

دخــــــول

أيها الانتظار؟!

ترجّلت الآن قدماك

غودو!! أنت أبيضت عيناك

خيلي من بدر النصر قادمة

لتشهد فَتْحَكِ.. طروادة..

(4)

بوصلــــــــة

عشواء!! عشواء أنت بوصلتي

وايزيس سندباد

أتعبه طول السفر

أنا لم أزل هنا!!

على قارعة الطريق فرحًا مالحًا

تبعثر وحيدا وحيدا كحبات المطر

(5)

الخـــــلاص

بيتٌ، وقمحٌ وأيقونة

وعلى مدى جلجلة الآلام

دم المخلص أجراس تُقْرع

هللويا هللويا هللويا

زحف الأطفال يا قديس اليك

كعكٌ وحلوى وفرح شهي

واسراء يبشّر بتموز جديد

وآذان المسرّة تعلو وَيُرفع

نهاية طروادة من جديد

الصوت.. الصوت يناديني

العشق حرام في زمني

العشق ورود محظورة

* * *

قابيل ترك "عبلة" أطلالا

وهابيل خلى "طروادة" مهجورة

* * *

وأنا أمشي... أركض...

أصعد للقاع

وأعشق بشبق ماضيَّ

وماضي قطار قد شاخ

عجلاته تزحف منهوكة

* * *

تاريخي غربتي ومنفاي

ومعا فقدنا مدينتنا والهوية

وصلنا وإياك

الى آخر أيامك يا روما!!

ونار حطبك ما زالت قوية

زيت اليوبيل

لا تقلقي شهرزادي

ايزيس اختك

أطْلِق سراحها

نعم! أطلقه أهلُ الكهف

لتعود تلمّهُ من جديد

فد بلغ اليوم يوبيل المنافي

وأنا سأظل احتفظ بزيت الشموع

وأبعده عن ميلاده الخمسين

* * *

ايزيسي!

واصلي سعيك

على حد السور في عكا

وسفح البرتقال في يافا

* * *

ضاعفي الركض.. ضاعفيه

لتشدي العزم في حطين

* * *

نضبت جداول النسيان

فأخرج من خزائن ذاكرتي

أيها الأسد الرابض

ليخضر العشب القاسي

في أطلال تاريخنا

وتصحو في الأرحام عشتار نيسان

* * *

أدرَكْنا آخر فجر لنا

فأكملي شهرزاد فصول الرواية

طائر الرعد فارسنا

وزرقاء يمامتنا عيون تراه

قادمًا..قادمًا

قادم

قراءة الكلمات

أيها القيصر!

أيها القيصر!

"باستيلك" هذا غريب داخل

تنكره عندنا جذور الحجارة

* * *

على أسوارنا الطفلُ نازِل

هدية توأمه

طفل المغارة

طرقات الدموع جُلْجُلة تزرع

فجرنا في كل حارة

* * *

أيها القيصر

السيف والرمح

مُلكٌ لعبلة

وحنين قيس

سرير لليلى

* * *

فلتعلم يا قيصر فلتعلم

قرطاسنا والقلم

أندلس جديدة

وولاّدة في الغَار

عرّافة وحيدة

* * *

فلتعلم أنت فلتعلم

زاجل ابن زيدون سَيأْتي..

ويفتح بابا في نسيج المعاني

لنزرع غرناطة بنخيل دجلة

مؤبدا بالفرات

ونجعل موت "درتنا"

قيامةَ الكلمات

زمن جاهليتنا الجديدة

فَقَأْتُ عُيونَ أصابعي

وأنا أرفض دواءكِ

زرقاء اليمامة..

ما أتعسنا

قواميسنا مَزْرعة

لسِفْر الجاهلية والعمامة

أبانا!! أبانا ابراهيم

معذرة

معذرةً.. معذرة

وأَدْنا وصيتك

وتركنا فأسك يُزَيِّنُ صدرَ "هُبَل"

لتظل أبوابُ الرِّدة مفتوحة

* * *

طبول الجاهلية دقي

مسيلمة آخي أَبرَهة

وطير أبابيلنا مذبوحة

أيها الصِّدّيق !! أيها الصِّدّيق

ثَكَلت ذراعيها "أسماء"

ونحن اضعنا اتجاه الريح

وفقدنا بوصلة

السندباد

وعشقنا، عشقنا

غبار السفر

وقصة "ثمود"

ومن قبل أختها "عاد"

* * *

صِدِّيقنا!! صِدِّيقنا

واقعنا هذا!!

سئمناه!

سجّل على رأس "الغَار"

سيزيف بهذي الصخرة رجمناه

وادركنا على ظهر "براقنا"

محطتنا الأخيرة

ورفضنا، رفضنا

أن نبقى مسافات

تُعبِّدها حكايات "شهريار"

نحن "أيام"

كلها فرسان

خيولها فجر

وموعدها "نيسان"

اندلسي من جديد

أيوب "قام"

فدروب الصَّبر طويلة

يا "قاهري الجبّار"

حصادها نصر

في ليلها والنهار

أزِفَت ساعتك

يا آخر انتظار

* * *

خمسون عمركِ

يا كلّ مواعيدي

خمسون حرمانا

لعيد تلو عيد

أَحّقا تزعزعت جذورك

يا طارفي وتليدي؟!

* * *

ما عُدتِ بعيدةً عني

هناك..

خارج حدود الزمن

أحسك قريبة

قريبة مني

يا أندلسي التي عادت

عروسًا

عروسًا بلا كفن

عودة الشقيقين

يوسف يسكن البئر من جديد

شقوق سقفك

أيها البيت الهوية

دروب تتَّسِع

وأنا أواصل زرعَ خطواتي

جادةَ أشجارٍ

دون بداية أو نهاية

لم يعد يخيفني زمن التصحّر

يوسف يحرس بئرنا

نعم! أيها البيت

يوسف العائد من الأبد يسكنه

يداه ينابيعنا والجداول

وعصا موسى والفُلك

الحبل والسيَّارة

* * *

فرعون!!

يا ملك الملوك

حلمك الأخير أَرسلهُ

يعقوب يقود كواكبهُ والقافلة

فرعون!!

يا ملك الغلال الوافرة

سبعنا السمان حاملة

و"الأم" من وراء الجذع

تنادي تنادي القابِلة

المأمون يبني الدار من جديد

في مدينتي

تُلْغى الأحلام ـ تُصادر

وتباع في سوق محاكم التفتيش

لأَتفه مِقْصلة

* * *

مسكينة أنت

مسكينة أيتها الأعناق

التي ما زالت في سجنها

تقبع مُنتْظِرة

حتى ثلاَّجة التاريخ

لم تَعُد دفيئة للذاكرة

ولا حتى مقْبرة

* * *

يا صيحة عَمورية!!

قومي من رماد الأيام الغابرة

ميدوزا النهر

ابتلعت هولاكو

ومأموننا عاد

عاد مع الشمس

يبني "داره" العامرة

* * *

قوافل الكلام

تأتي. تتدفّق

من وعي ماضينا التليد

غدنا يا محطتي الأخيرة

لم يَعُد ظلالا

ولا أبوابا موصدة

غدنا حياة

من بحرها العريض قادمة

رسالتان الى مارسيل خليفة

مدينتي

مدينتي معزوفة

الطَّعْم مارسيلية

مدينتي عروستي

العوْدة والهوية

مناديلك البيضاء

سجن دموعي

سفري وأبحاري

لكن جدرانك العتيقة ارصفة

وميناءك الوحيد

عيوني وانتظاري

* * *

رياحك القادمة أشرعة

غطَّت وجَعَ الكلمات المنفيّة

حوَّلت حقائب ترحالي سفنًا

لتغرق

تغرق ـ في القاع

يوسفـــــي

يوسفي

جفّف دموعك

واخلع عنك ثوب الغدر

بقراتنا العِجاف ذبحناها

وبئرك لم تَعُد مهجورة

مهجورة، مهجورة

سماؤنا شتاؤنا

وشتاؤنا مطر

مطر، مطر...

يوسف أيها الصديق

سيارتنا من البعيد

قادمة اليك

فقد ملّتها الدروب

وكرهتها المنافي

وعاداها السَّفر

يسوعي

يسوعي!!

يا وجهَ الرحمة

معذرة، معذرة، معذرة

* * *

وصيّتك

في مواقد روما أضَعْناها

أهنأ في القاع.. نيرون

* * *

يسوعي!!

مُدني وَثَنٌ لا يهدأ

أطفالي فيها قُربان

* * *

أطفالي بطون منفوخة

أطفالي بطون مرفوعة

أطفالي بطون مصلوبة

* * *

يسوعي!!

أطفالي والجوع والزاد السراب

فستقُ تَسْلِيةٍ على مائدة الليل

يحميها عساكر العرّاب

أبتِ!

تآمر علينا زمن الحضارة

ونبيّها الكذاب

* * *

يسوعي! أيها المعلّم

آن الأوان.. آن الأوان

لعشائك السِّري أن يظهر

دمُ الحلاّج الزاحف على سفح الصّليب

قطرات صَبَغت بالنور ليالينا

* * *

وجيفارا عاد.. عاد وترجّل

جيفارا عاد.. عاد قلبًا وحقيبة

يحمل عصافير الجنّة

هدايا هدايا لأطفال الدنيا

* * *

الشكرَ الشكرَ

مُخلّصنا..

الشكرَ الشكرَ

مُعلِّمنا...

خِرافك أصوات العودة

وَصَلت من السَّفر البعيد

خرافك جُلْجُلة أخرى

جلجلة السِّفر الجديد

من كعك ماري الى خلاصك يسوعي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى