الجمعة ١٦ أيار (مايو) ٢٠٠٨
في الذكرى الستين للنكبة
بقلم ميسون جمال مصطفى

لن نبدل فلسطين بكل كنوز الدنيا

هاهي الذكرى الستون للنكبة، خلّعت الأبواب والجدران، لم تأخذ منا إذنا للدخول، ولم تنتظر جوابا... ستون سنة ولم تزل فلسطين تحت نير الاحتلال والاغتصاب اليومي.

أتت حاملة معها أحلام وذكريات وطن بأكمله... جيل يمضى وجيل جديد يكمل المسير، كبار ما يزالون يحتفظون في ذاكرتهم بتفاصيل حياتهم اليومية في فلسطين.

فالعدو الصهيوني يحاول طمس الهوية الفلسطينية ومحوها، ولكن هيهات له ذلك، فكبارنا ما يزالون ذلك النور المتوقد الذي ينير لنا طريق العودة، قبسات من نور التقت بعدد منهم، حاورتهم وسألتهم ماذا تعني لهم فلسطين بعد ستين عاما من النكبة؟ وهل يقبلون بالتعويض مقابل أرضهم؟ وماذا يحملون من ذكريات جميلة عنها؟

كامل بلعاوي( شفاعمرو – حيفا-1928)

ما يزال الحاج كامل بلعاوي يحتفظ بصورة له وهو في جيش

الإنقاذ الذي جاء للدفاع عن فلسطين، يقول بكثير من الحزن" هذه كل ما تبقى لدي من ريحة الوطن، صورة أخذتها وأنا في طريق اللجوء إلى لبنان، في بنت جبيل، كلما رأيتها تذكرت شفاعمرو وفلسطين بخيراتها وعزها، كل شيىء في الوطن جميل وطبيعي، لم نكن نأكل الخضار إلا من الأرض الآن كل شيىء كيمياويا".

تسرح عيونه قليلا ثم يكمل" كلما رأيت هذه الصورة تذكرت شبابي وأصدقائي، والقلعة المبنية منذ زمن الأتراك".

أما ماذا تعني له فلسطين بعد ستين سنة من النكبة فيقول" فلسطين هي الوطن والروح، وكل ما مرت سنة من غربتنا، بيزيد حبنا وشوقنا إليها".

يتمسك الحاج كامل بحق العودة" الواحد ما بستغني عن وطنه، والله العظيم ما برضى لعيشة بأي بلد غير فلسطين وما ببدلها بكنوز الدنيا العالم كلها".

أحمد علوان( صفورية- الناصرة- 1938)

يتذكر الحاج أحمد ساعة خروجه من فلسطين بكثير من االحزن والآسى" طلعنا من فلسطين بشهر رمضان، كنت وقتها بعدني

صغير وزعلت كتير لانه تركنا وطننا".

يكمل الحاج أبو غسان بلهجة التحدي والإصرار" فلسطين وطني ووطن آبائي وأجدادي، عايشة بضميري ووجداني، كل ذرة من ترابها بتساوي العمر كله".

الحاج أبو غسان يعتبر حق العودة إلى فلسطين حق شرعي ومقدس، ولا يقبل بالتوطين ولا التعويض، بل يشدد على عودته إلى قريته صفورية في قضاء الناصرة.

عائشة لطفي( جباليا-غزة- 1930)

تجلس الحاجة عائشة أمام بيتها في المخيم، تشعر وأنت تقترب منها باقترابك من الوطن، ترحب بك، وتدعوك للجلوس.

فور أن تسألها عن فلسطين تجيبك" فلسطين حبي وعيوني ووردنا ودمنا وأم شبابنا وشهدانا هي كل شي بالدنيا".

تتابع حديثها بشوق كبير للوطن" تزوجت بفلسطين وجبت ولد، كانت عيشتن عيشة غندرة، متل اللي عايش بمهد عيسى، يا محلا جمال فلسطين وحلاتها، مش متل اسه الكل بدعوس فينا".

تحتد عندما تسألها هل تقبل التعويض عن وطنها وبالتوطين" احنا ما بنقبل بدل عن فلسطين، بألوف الدنيا ما بنبدلها، أنا ربيت ولادي على حب فلسطين ودايما بقول لولادهم يضلوا متمسكين بأرضنا وما يتنازلوا عنها".

لطيفة عبد الله خليل( صفورية- الناصرة- 1928)


ما تزال الحاجة لطيفة تتذكر ساعة خروجها من قريتها صفورية، فتقول بلهجتها الصفورية التي ما تزال حتى هذه اللحظات تتحدث بها" إحنا طلعنا من صفورية وكنا صايمين سبع تيام من

رمضان، اجى الطيران حوم بده ضرب، هربنا وياريتنا ما طلعنا من فلسطين".

تنظر إلى أحفادها متفاخرة" كنا ولاد زغار نلعب 3 تيام العيد، وكان عنا 14 كرم تين، أرطل التين وطول ما أنا راجعة عالبيت أضيّف الناس تفضل كول، ويا عيني عالصبر الصبر عنا متل علب السكر مش متل هون...".

تتابع حديثها" يا ريت صرلنا نرجع علوا، بنام بالبرية بفلسطين، بشحد مصاري ولا بقبل بمصاري الدنيا كلها بدل منها".

تبعدهم المسافات عن الوطن، ولكن الأرواح والعقول والقلوب تقربهم منه، الوطن بالنسبة إليهم كل شيىء بالدنيا، ولدوا فيه وعرفوه عن قرب، لعبوا في ملاعبه وأكلوا من خيراته، كانت لهم ذكريات فيه، لذا يعز عليهم كما قالت فيروز" يعز علينا غدا أن تعود رفوف الطيور ونحن هنا".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى