السبت ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٨
بقلم محمد جاسم العبيدي

الأم إلهة الخصب والبركة والتكاثر

مجموعة فريدة من تماثيل الرخام من تل الصوان، تمثل الإلهة الأم آلهة الخصب والبركة والتكاثر. وهي واقفة أو جالسة وعلى رؤوس بعضها شعر صنع من القار وطعمت أعينها بعضها بالصدف.

وهذه التماثيل هي من أقدم المنحوتات بالحجر بهذه الكثرة والنوعية والأهمية ويقدر زمنها في الألف السادس قبل الميلاد، وجد معظمها في قبور المنطقة نفسها
صنعت بض هذه التماثيل من الطين المشوي ويلاحظ فيه التضخيم في الجسم للتعبير عن الخصب واليمن.

ومن بين هذه التمثال هناك تمثال واحد عاري الجسم صنع من الطين المشوي،المطلي بالصبغ الأحمر ولعلعه ((يمثل الالهه الأب)).

الفكر الحضاري في بلاد وادي الرافدين، يتبلور من خلال تداخل عناصره مع عناصر البيئة الطبيعية المحيطة ولهذا تنوعت حركات التماثيل بنوع من التمثل والظهور الشكلي، في مشاهد الجلوس والوقوف ومشاهد التعري التي، تجسد أفكار الخصب والنماء والتجدد مثلما تتجدد في الطبيعة، الممارسات والطقوس التي تجري في مواسم متعددة والفصل الأول هو ظهور عملية استمرار خصب الأرض، من خلال التهيئة وتناسل المواشي هذه كانت احد العوامل المهمة التي برزت طقوس والفعاليات المرتبطة بالخصب والتناسل... لهذا نجد رموز الخصب ومظاهره ترتبط ارتباطا وثيقا لألهه وما نراه في المنجز الفني هو احد إيصالات الحضارة الرافدينية القديمة. اللالهه الأم والتماثيل هنا هي التي قدمت وعملت ضمن منظومة بلاغية لأفكار الخصب والتناسل وتحديدا التناسل البشري المرتبط مع آلية التشكيل الفني والظاهر الجسماني هو الآخر ارتبط بالية التشكيل هنا عملية انتقال الأنظمة تبدو معقدة نوعا مالان المدلول الرمزي هو الآخر مؤلف من رموز قدسية ترتبط بمفاهيم الشعائر الذي يعمل في دائرة المعتقد الديني.

((تل الصوان)) منطقة وسطية جنوب منطقة سامراء ولكنها تعتبر بيئة شمالية وجودها في عصر القرى الزراعية، كانت تتفق على مع البيئات الأخرى على خطاب العمل الفني وخصوصا المنحوتات الفخارية، كونه يفصح عن المضمون الروحي والاجتماعي، وبهذا يعتقد الباحث أن الشحنات التي تمتلكها من جراء العوامل الانفعالية والعواطف لاتظهر من خلال العامل الشكلي، وإنما تظهر من خلال الأداء الحركي وعملية الاستعطاف لاتظهر من خلال الفاعلية في عامل الاستعطاف، وإنما هناك عوامل تحكم وجدت في مصير الإنسان نفسه، بدليل عملية تنشيط فاعلية تناسل الأفراد لاتحددها الإله لافي الكم ولا النوع وإنما، الطبيعة لوحدها قادرة على أن تعمل بمثابة عامل تفاعلي مابين الجوهر الروحي، والموضوع الديني، كل واحد منهم يجسد أفكار الخصب وخصوصية الدين تمثل الحيوية بعامل الأشكال من خلال التماثيل الأنثوية. التي تتفاعل بشكل حيوي مع الشكل الذي يؤكد بدوره إيصال البلاغ إلى جمهور المتلقين، هذا الجسد الظاهر ووضعية الجلوس أرى فيها من التركيز على الخصوبة الأنثوية، وظاهر الصدر مثل حركة القوة في البناء الشكلي وبرز الأثداء أعطى للمنظومة الصورية عملية الجمع مابين الحضور الشكلي والحضور الروحي، ليضمن للتكوين مبتغاة في إعداد عملية التناسل. عملية استعارة الأثداء في شكل البروز لها من الدوال الشكلية لا لكونها تمتلك صفة الديمومة وإنما هي خطاب متداول في عملية الخصب وبعدها عملية إدامة الظاهر من امتلاء الطاقة الجنسية الهائلة لتصبح قوة مؤثرة في التلقي للأفكار التي تديم حياة الأبناء، من خلال اكتساب مفردة الأثداء كون الفنان الرافد يني في نحت الأشكال لم يرغمها في الدخول إلى نسق الفن كون هذه المفردة تبلغ فكرة الأنوثة في متحسبات الأفكار وتمثيلها لفكرة القوة هو الذي جعلها أن تكتسب إبلاغا ركب بذهنية إبداعية بين الرمز والإبلاغ عن وجود المرأة بهذا الموضع، تعدى في بعض الأحيان إلى وضعيات متعددة ربما كانت أكثر إثارة من سابقاتها
وهنا حرص الفنان الفخار والنحات على تطعيم العيون في كثير من التماثيل الحجرية أو الفخارية، كونها مثلت الشخصيات الرئيسة واتي لها من الأهمية أن يستعمل الأصداف في تطعيم العيون، وبعدها يقوم بعملية التكبير في الحجم ليكثف الخطاب البصري ويعطي لقوة التعبير بما يراه مناسبا بحيث لايتناقض مع المبادئ المؤسسة لهذا الغرض، يرى الكاتب أن الخطاب هنا يبدو لي تداولي باعتبار أن المرأة ملاصقة للرجل في الحل والترحال، والقرى الزراعية فاعلة في الوصول لدلالات روحية مطلقة لصور رمزية أعدت فيها خطابات مع عالم غير مرئي، وبما ان التركيب الشكلي للعمل هنا لم يكن مجرد من نقل وتقليد للواقع بل كثف الخطاب الرمزي لأنه مثقل بالمضامين وجود علامات دائرية في الرأس وحركة الشعر وانسيابية الشكل والتدلي إلى الأكتاف، وظهور الأثناء بالإضافة إلى مثلث التأنيث هذه الخطابات العميقة وخصوصية الفكر المعلن وضحت رغبات الإنسان في أن يكون منصبا بالتركيز على إدامة التناسل والحفاظ علية. بعد هذا الدخول إلى عوامل الإبلاغ في فتوت بلاد الرافدين ((للالهه الأم)) كان انعكاسا للطبيعة النفسية أيضا الحياتية المتمثلة في البيئة الرافدينية ومحاولات التأقلم جعلت منه أن يصيغ وجه الحياة بالرغم من تعقيداتها وحركتها وفعاليتها انسجمت بشكل كامل مع العالم الديني، كون عامل النسل والديمومة استمد مفرداته من ((الأم)) وهي التي شكلت الرسالة بكافة أدواتها لتكون معينا للخصب وضع الرجل بنفس المفهوم وما يفيد معتقداته التي لايحيد عنها أبدا.

الفنان الرافد يني يعتمد أسلوب التمثيل في هذا الجانب ولكن لايتجاوز الواقع لان العملية جمعية ولا تحتاج إلى التفرد بالإمكان أن يكون التفرد في حالات التحوير والاختزال ولكن هذا لايفيد الرجل في صقل صورة النساء بهذه الكيفية وهذه الروحية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى