الأربعاء ٢٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٦
بقلم عادل سالم

الروائي السويدي (إدواردسون) في (الشمس والظل)

العرب في الرواية

وقع بين يدي في شهر أكتوبر، تشرين أول 2008 رواية سويدية مترجمة إلى الانجليزية بعنوان (الشمس والظل) للكاتب السويدي المعروف (أوكه إدواردسون). ولأنني من مُحِبِّي الاطلاع على آداب الشعوب الأخرى فقد أقدمت على قراءتها دون تردد.

الروائي السويدي إوكه إدواردسون
الروائي السويدي إوكه إدواردسون

صدرت الطبعة السويدية في السويد عام 1999، وصدرت طبعتها الإنجليزية عام 2005 عن مطبوعات هارفل في لندن. ثم صدرت طبعات أخرى لها في أستراليا، نيوزيلاندة، وجنوب أفريقيا. وقد ترجمها الكاتب السويدي (لوري ثومبسون) محرر الموسوعة السويدية من (1983 ـ 2002) والذي ترجم من السويدية إلى الإنجليزية العديد من الروايات بما فيها أربع روايات للمؤلف السويدي (هِنِنْع مانْكِل).

يشير غلاف الرواية إلى أن الكاتب السويدي من مواليد العاشر من آذار مارس 1953. عمل كمراسل صحفي للأمم المتحدة. هو الآن بروفيسور في جامعة (كوتنبرغ) في السويد. وقد حصل على ثلاث جوائز سويدية كأحسن روائي في الروايات التي تتعلق بالجرائم، وعالم الجريمة المنظم.

أحداث الرواية

يتم اكتشاف جريمة قتل مزدوجة في إحدى شقق العمارة التي يسكنها المحقق (إِِرك وِنْتَر)، رجل وامرأة عاريان من ملابسهما مضى على قتلهما أكثر من أسبوعين، يتضح فيما بعد أن لقتلهما علاقة بممارسات جنسية شاذة، حيث كان القتيلان يشاركان في حفلات جنسية مشتركة يتم الإعداد لها من خلال مجلات الجنس التي تنشر إعلانات الباحثين عن أشخاص يشاركونهم مجونهم، وتقوم المجلة باستلام الردود وتحويلها إلى أصحاب الإعلان دون الكشف عن عناوين الأشخاص المعلنين للقراء. يعثر المحققون على اسطوانة موسيقى غريبة داخل الشقة، بعد التحقيق يتضح أنها لفرقة من الفرق غير المعروفة والتي تغني أغان يرددها عبدة الشيطان.

خلال التحقيق في أحداث الجريمة في مدينة (كوتنبرغ) السويدية يكتشف المحقق (إرك) جريمة قتل أخرى ضحيتها زوج وزوجته، لكن الزوجة لا تموت، وتظل حتى انتهاء الرواية غائبة عن الوعي، وفي غرفة الإنعاش. ويتضح أنها تمت على نفس الخلفية. لكن التحقيق يفشل في اكتشاف القاتل الماهر الذي يستطيع بذكائه وخبرته تضليل التحقيق لقدرته على اختراق حاسوب قسم الشرطة، بما فيها حاسوب مفتش التحقيق (إرِكْ وِنْتَر) وتغيير المعلومات بداخله. وعندما تحوم الشبهات حول أحد أفراد الشرطة يتضح أن المجرم شرطي آخر لا يشك أحد به يقوم زميله الذي يعمل معه كمناوب في سيارة الشرطة بإرشاد المحققين إلى مكان سكنه الحقيقي، فتهاجمه الشرطة بشكل مفاجئ ليكتشفوا أنه يحتجز لديه صديقة المحقق (وِنْتَر) الحامل منه التي اختفت فجأة دون أن يعرف المحقق مكانها.

أحداث غامضة

تتحدث الرواية عن عبدة الشيطان، وطقوسهم، وعن النبي (هَبكوك) الوارد اسمه في العهد القديم وابنته، ولكن تبقى طبيعة الأحداث غامضة، كنتُ أعتقد أنها ستتضح باكتشاف المجرم وعلاقته بها. ولكني فوجئت بأنه بالقبض على المجرم ينهي الرواية دون معرفة علاقة (هَبكوك) بالأحداث والجريمة.

إطالة مملة

في الثلث الأول من الرواية أحداث تفصيلية لا علاقة لها إجمالاً بالأحداث الرئيسية للرواية. فالكاتب ينقل لنا تفاصيل رحلة المحقق (إرك ونتر) إلى إسبانيا لزيارة والده المريض في المستشفى، حيث يكون قد قرر العيش في إسبانيا في أواخر أيام حياته، وبعد موته تبقى أمه وحيدة هناك إلى أن تمل الوحدة فتعود إلى السويد. كما تنقل لنا الرواية تفاصيل علاقة المحقق بصديقته الدكتورة (أَنجيلا) التي تحمل منه بطفلها الأول. لم أجد لكل هذه التفاصيل علاقة بأحداث القصة الرئيسية، بل شعرت بإطالة مفتعلة مملة هدفها توسيع الرواية لتصبح (438) صفحة من الحجم الكبير، وأعتقد أن الكاتب لو حذف الثلث الأول من الرواية لقدم روايته بشكل أفضل.

العرب في الرواية

قارئ الرواية يكتشف أن العرب في السويد يشكلون حَيِّزاً في الأحداث وإن كان هامشيا، فهم على حد وصف الكاتب يملأون المحلات، ويعملون في كل مكان كباعة متجولين وكسائقي تاكسي وخصوصا العراقيين الذي يحاولون مع زملائهم الأفارقة اقتسام المناطق منعا من التصادم، حيث يتفقون على أن يعمل سائقو التاكسي حسب الاتفاق الضمني بينهم، فالأفارقة في منطقة (أ) والعراقيون والعرب في منطقة (ب) والإيرانيون في منطقة (ج).

ولا ينتهي الوجود العربي في الرواية إلى ذلك الحد فالتأثير الثقافي يأخذ حيزا أيضا حيث يقول المؤلف على لسان بطل الرواية المفتش (إِِرِكْ ونْتَر) الذي يكون بانتظار مولود جديد من صديقته (أنجيلا): هناك مثل عربي يقول: (أنت لست رجلا، حتى تؤلف كتابا، وتزرع شجرة، وتكون أبا).

استشهاد المؤلف بالمثل العربي على لسان أحد شخصيات الرواية الرئيسية، والتنويه بأنه مثل عربي يشير إلى أن الكاتب منفتح في رواياته ولا ينظر إلى العرب تلك النظرة الدونية التي تراها لدى الكتاب الأمريكيين مثلا أو البريطانيين.

خاتمة

في الختام أودُّ أن أشير إلى أن الرواية جيدة رغم إطالتها وأنصح العاملين في مجالات الترجمة على ترجمتها إلى اللغة العربية، ولا أدعي أنني أقدم نقدا أدبيا شاملا للرواية فلست ناقدا أدبيا، ولكني قدمت رأيا في رواية أسعدني قراءتها.

ما زلت أحلم أن تخصص إحدى الدول العربية الموسرة جزءاً من ميزانيتها لإنشاء لجنة لترجمة روائع الأدب من اللغات غير العربية إلى العربية، وبالعكس. فإن كانت طباعتها مكلفة فعلى الأقل نشرها على الشبكة العنكبوتية لتكون في متناول الراغبين في الاطلاع عليها.

العرب في الرواية

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى