الجمعة ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩
بقلم محمد الحريشي

كازا نيكرا

انتهى يوم متعب من أيام سفري القليلة، فطور عند صحراوي حي المحيط، غداء في باب الأحد، ولقاء مع أحبة قدامى، مر اليوم هكذا سلسا جميلا، وحان وقت العودة، الثامنة مساءا والطريق إلى خريبكة طويل متعب. استقلت الحافلة إلى القامرة.كالعادة زحام في زحام وفوضى فوق فوضى، من الحافلة إلى المحطة إلى حافلة العودة، هاربا من ساكني المحطة المتطفلين الدين تعودوا تلقف كل مسافر حتى قبل وصوله إلى المحطة، حصلت بالكاد على مقعد في مؤخرة الحافلة، والى الدار البيضاء فقط لان رحلات خريبكة تنتهي مبكرا. بفينا أكثر من ساعة في المحطة ننتظر خروج الحافلة، تناوب علينا فيها الباعة والمتسولون وفنانو الشوارع وعابرو السبيل المزيفون. تحركت الحافلة، جلست إلى جانبي عجوز في الستين أو السبعين، حدثتني بكلمات لم أفهم جلها. وضع ممل دلك الذي مرت فيه ساعة سفر تخلصت من ملابسي، جربت الاستماع إلى الموسيقى، النوم، الاستماع إلى أحاديث المسافرين الثنائية دون أن أرى لهدا الطريق الطويل نهاية. على مشارف الدار البيضاء مرورا بالإحياء المظلمة كانت الحافلة تتخلص من زبنائها الواحد تلوى الأخر، وتعوضهم بزبناء جدد من الراحلين إلى الجنوب " اكادير " وتلك كانت وجهة الحافلة النهائية.

توقفت الحافلة في احد مكاتبها، صعد الكثير من المسافرين، وطلب منا نحن النزول لان الحافلة ستتجاوز محطة ولاذ زيان، هكذا قرر مسئولو الشركة، حاولت الاعتصام الحديث مع المسئولين دون فائدة، نسيت للحظة أن ملوك الطريق في المغرب كائنات لا تسمع ولا تخضع، أوكلت أمري إلى الله ونزلت متجاوزا الزحام بمحفظتي، جلست للحظة قرب الحافلة، أحاول تهدئة نفسي، علي أن أكمل الطريق راجلا إلى المحطة، أكملت خطواتي إلى المحطة راجلا كانت الطريق ظلاما في ظلام، لكني لم أفكر في استئجار تاكسي ربما لعرق بخيل مازال ينبض بداخلي، رغم تغير الأسماء والأشياء.وصلت المحطة كالعادة، قراصنة الطريق كانوا في الموعد، الكل يدعوك إلى كل المدن، بيده كلا ألوان الورق ينادي على مسافري الشمال والجنوب والشرق والغرب دفعة واحدة، وطعمه أن ترد عليه حتى تصبح مرغما على استكمال المعاملة. حاولت تجاوزهم في الباب حيث أوقفني عامل الحراسة، حاولت أن اشرح له دون فائدة، فاسترضيته بدرهمين (عفى الله عن الراشي)، أوصلني إلى الحافلة عبارة (خريبكة- بني ملال) واضحة على الزجاج الأمامي للحافلة، اقتربت من مسئول التذاكر فأبى أن يحجز لي مقعدا لخريبكة، قال انه يفضل زبناء بني ملال لان اليوم كان نهاية الأسبوع ولن يحتاج إلى أمثالي. حاولت رفع الراية الحمراء ثانية دون فائدة،فكرت وقد كان الوقت قد تجاوز العاشرة مساءا وقد تكون هده أخر رحلة، اقتربت منه ودفعت له 50 درهما وركبت (نصف خسارة ولا خسارة كاملة)

جلست مكانيا كارها أمثالي الدين يغدون هدا المغرب الفوضوي راغبين أو مرغمين. فكرت في الاتصال بالمنزل للاطمئنان على أمي بحثت عن هاتفي من ذا الجيب إلى ذاك الجيب، ااه....... لقد سرق هاتفي توسلت لشريكي في المقعد أن يتصل بالرقم لكن الهاتف كان غير مشغل، أمسكت برأسي وتوكأت على مؤخرة الكرسي أمامي غير قادر على تحمل هدية أخرى من كازا نيكرا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى