الأحد ١٧ أيار (مايو) ٢٠٠٩
حوار مع الشاعر السوري غمكين مراد
بقلم بسام الطعان

الشعر ترجمة للذات والذات بحاجة إلى صقل

شاعر سوري، من مدينة القحطانية التابعة لمحافظة الحسكة، انه منصرف على الدوام للكتابة والإبداع، ولا هاجس له سوى تطوير نصوصه وأدواته، ينشر نتاجه في الصحف والدوريات، زرناه في بيته وأجرينا معه الحوار التالي:

*ـ غمكين مراد..من أنت ومتى بدأت ولادتك ألأدبية؟
 أنا ريشة تتقاذفها رياح الكلمات الخارجة دخانا كروح ٍ جناحاه مالا يقال، حضنتني الحياة في العام 1977وشردني البحث لأولد من الصمت ابنا بالتبني لصفحات الكتب،ومن ثم مظلة فوق الكلمات المدونة في عمر لا يحدده إلا المخبوء من الأعماق فيما إذا كانت رضيعة أو مراهقة مهووسة بالبياض المهان بكلمات تتيح لمتاهتها في الخروج أدبا ولا أدري إن كانت كذلك.

* ـ أنت حاصل على ليسانس في قسم العلوم الفيزيائية والكيميائية وتعمل مدرسا لمادة الفيزياء والكيمياء، كيف اتجهت إلى الشعر، ولماذا الشعر بالذات؟
 (الشعر شيء آخر) كما قال غيلفيلك، لم اتجه إلى الشعر وإنما لفظني هو بأنفاسه ويكفي أن أقرأ عليك هذه الكلمات:

( كن ظلي
كن نفسي
كن الأخر مني
كن منّي كلماتي
واختزال حكاياتي
وصهوة جنوني....... أيها الشعر
أيها المخلوق من رماد روحي.)

* ـ تسعون بالمائة من الشعراء الجدد يضيعون أوقات الناس مجانا بقراءة ما يكتبون، ما رأيك؟
 الشعر ترجمة للذات والذات بحاجة إلى صقل فمن هذا المنطلق يسعى الشاعر الجديد أن يرى ذاته بعيون أخرى. وهذا كله يتعلق بالمنبع الشعري والخلفية القرائية والغاية التي يسعى الشاعر في الوصول أليها..

* ـ ماذا قدمت الحداثة الشعرية للشعر العربي، وهل يمكن للحداثة أن تكون رديفا للإبداع؟
 برأي الحداثة بمفهومها الأدبي ككل وليس الشعري كانت ولا زالت المرآة المستوية (فيزيائيا) التي تعرف الإنسان على مكامن أعماقه بأساليب شعورية ولا شعورية وأنا اعتبرها النافذة التي يتنفس من خلالها المبدع.

* ـ أي نوع من أنواع الشعر يستحوذ على المتلقي أكثر من غيره، القصيدة العمودية، أم التفعيلة، أم النثر؟
 حسب إحصائية ظهرت منذ فترة وجيزة أن نسبة القراءة في العالم العربي لا تتجاوز ربع صفحة في السنة. وعلى هذا أرى انه من الإجحاف بحق الجزئية الروحية واقصدالقصيدة أياًكانت نوعها إن أدخلنا المتلقي في الشراكة التقيمية فيها. ويبقى أن القصيدة أيا كانت تكون الأفضل أن كانت قريبة من حالة المتلقي.

* ـ ما هي مواصفات القصيدة الجيدة، أوالناجحة التي يصفق لها القارئ؟
 كما قلت أظنها القصيدة التي تؤجج القشعريرة المؤقتة التي تمييز حالته التي يقرأ فيها.

* ـ يقال أن الشاعر العربي تنازل كثيرا عن حقوقه ومبادئه وبدأ يلهث وراء أشياء كثيرة غير الشعر، ما صحة هذا القول؟
 أولا أظن انه لا حقوق للشاعر في الواقع المعاش عربيا، ثانيا اعتقد أن الشاعر أصبح يعيد صياغة مبادئه المستترة طبعا وراء كلماته بحسب التغيرات على كافة الصعد. والاهم من ذلك كله أن الشعر ليس مهنة ليتجه الشاعر إلى غيرها.

* ـ أعلم أنك من المعجبين بالراحل محمود درويش، كيف تنظر إلى حال الشعر العربي بعد وفاته؟
 محمود درويش الأم الحنونة على خروج أبناءها الكلمات صوتا يتردد مع جزيئات الهواء في كل الأوقات. محمود درويش في العشر سنوات الأخيرة: الإنساني بكمال إنسانيته، رحل جسدا وبقي نجمة تشع فوقنا. أستطيع القول أننا سنكون بحاجة إلى وقت طويل حتى نجد درويشا آخر يضيء الأمسيات الملتهبة بالكلمات.

* ـ هل استطاعت قصيدة النثر أن تؤسس لنفسها وجودا وحضورا فاعلا في المشهد الشعري العربي.؟
 برأيي بل أكثر من ذلك، أعتقد بأنها قلبت حتى اللغة إلى فيلم سينمائي متخيّل يكون القارئ هو المخرج الذي يختار زوايا التصوير والإسقاطات التي تنسجم مع أول تلاقح مع إحساسه وأحيانا كثيرة مع فكره.

فعندما اقرأ سليم بركات أو أدو نيس أبحر في محيط من الحيوات التي ابتكرها أو التي تأخذني إليها وأشدو بالحان الحياة كلها ثم انحت من كل ما قرأت الصورة التي أريدها والتي قد تكون بعيدة عنهما.

* ـ كيف ترى واقع الحركة الشعرية في سورية،ومن يلفت نظرك من الشعراء السوريين المعاصرين؟
 أريد إن اعترف أولا إني مقل بقراءة الشعر عموما، ولكنني اعتقد إن الحركة الشعرية السورية متميزة فهي تنبع من حركة الرواد الأوائل أمثال ادونيس وسليم بركات ونزيه أبو عفش... إما بالنسبة للأسماء المعاصرة فيصعب تحديدها في ظل وسيلة كالانترنت هذا بالإضافة إلى الوقت الضيق الذي يحاصر العلاقات ويفرض انتقائيته علينا.

* ـ كشاعر كيف تعزز ملكات التواصل بينك وبين المتلقي؟
 الإنسان بطبيعته يسعى نحو التواصل وبطبيعته أيضا يعل كل ما تحتاج إليه أعماقه، بمعنى أخر كل فعل إنساني هو لخدمة الذات ولكن وفقا للطبيعة الإنسانية فإنما يفعله تلفظه أعماقه إلى الخارج سلبا كان أو إيجابا. من هذا المنطلق فان الشاعر يكتب ما يشغل أعماقه من هواجس وأفكار وأحاسيس وانطلاقا من إنسانيته فان ما يشغله يصبح تعبيرا كتابيا ليصبح بما بعد جسرا للتواصل بالمعنى الروحي. إما إذا كان المقصود هو اللقاءات الحياتية اعتقد أنها لا تتجاوز ما يطفو على سطح الكتابة ولا يصل إلى العمق.

* ـ هل تعتقد إن الشاعر هو فاعل في المجتمع،وهل مازلنا بحاجة إلى الشعر؟
 اعتقد إن كلمة فاعل لا تأتي من كونه شاعرا فحسب وإنما من كونه إنسانا وبالتالي كلا الحالتين أي سواء كتابة أو معايشة يبقى ذو تأثير يتفاوت حسب الأوجه المختلفة للمتواصلين معه، أما هل نحن بحاجة إلى الشعر فباعتقادي إن كل شيء حتى الجماد يمكن أن يكون شعرا وبالتالي يشكل الشعر لجوءا يلبي ما يرضي الأعماق في حين قد ترفضه مادية الحياة.

* ـ برأيك هل من ظلم يمارس في حق الشعر العربي، وممن؟
 نعم من الشعراء أنفسهم،والسبب برأيي يكمن في تأطير الشعر ضمن قواعد ساكنة هذا بالإضافة إلى حصر العلاقة ضمن إطار التشخيص وعدم تقبل الجديد من الشعر وبالتالي يبقى الشعر ضمن حلقة دائرية تعيد الدوران على مسارها.

* ـ ما هي العوامل التي تبعد الشعر عن الساحة الثقافية العربية؟
 منها الكبت التعبيري ومنها الانغلاق الذاتي هذا بالإضافة إلى الاستغلال السلبي للانترنت وأيضا والاهم الذائقة الشعرية عند المتلقي ولا بد أن لا ننسى إن الثقافة برمتها بعيدة عن ساحتها وذلك بسبب الكم الهائل والسريع من المعلومات والمواضيع التي توفرها وسائل الاتصال والتي تكون غالبا مرتبطة بالهم المعيشي.

* ـ كيف ترى مستقبلك الشعري، والى أين تريد الوصول؟
 لا ادري وما أريده هو فقط أن امتلك الوقت للقراءة والكتابة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى