الاثنين ٣٠ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم إبراهيم سعد الدين

مُفارقات.. لا تُثير الدَّهشة

في تزامنٍ غريبٍ ومُلْفِتٍ للنَّظَر جاءت تصريحات القيادة السياسية في كُلّ من العراق وأفغانستان لتعكس ملامح النّضال الوطني في صورته المُعاصرة. ففي الوقت الذي تُلَمْلِمُ فيه أمريكا بقايا قوّاتها للرحيل عن العراق والخروج من المُسْنقع الذي استنزفَها طيلة سبع سنوات تأتي تصريحات القادة العراقيين لتعكس المخاوف من اندلاع حرب أهلية في العراق بعد رحيل القوات الأمريكية. ليست القيادة السياسية الحالية وحدها هي التي أبدت هذه المخاوف بل إن طارق عزيز أحد قادة حزب البعث في ظل نظام حكم صَدّام حسين عَبَّرَ عن نفس القلق صراحة في حديثٍ منسوبٍ إليه من سِجنه. ولم تُكذّب القيادة السياسية في أفغانستان هي الأخرى خَبراً فبادرت على لسان رئيسها قرضاي بإعلان تحذيرها من اندلاع صراعاتٍ دامية في أفغانستان إذا نفَّذت الإدارة الأمريكية تصريحاتها بسحب جزء من قوّاتها هناك. أهي مرحلة جديدة أم شَكْلٌ مُعاصر من النّضال الوطني..؟! شَكْلٌ يُخالف تماماً ما اسْتقرّ في ذاكرة التاريخ وتعلمناه على مقاعد الدراسة من أنّ الاستقلال الوطني هو مَطْمَحُ كُلّ الأممِ وغايةُ مُرادها. الآن انعكست الآيةُ تماماً، المُحْتَلُّ يرغبُ في الرحيل والزُّعماء الوطنيّون يتشبثون بأهدابه ويُناشدونه البقاءْ. وإذا كانَ مفهوماً ومُبَرَّراً أن تُردّد هذه الزعامات ـ التي جاءت على ظهور الدّبابات الأمريكية ـ مثل هذه الأقوال خَوْفاً على عروشها ومُكتسباتها وسَتْراً لفَضائحها، فما هو مُبَرِّرُ طارق عزيز في المُطالبة ببقاء الاحتلال الأمريكي لبلاده..؟!

مُفارقاتٌ تُطلقُ تساؤلاتٍ وعلامات استفهامٍ كثيرة، لكنها لا تُثيرُ الدَّهشة في زمنٍ اخْتَلّت فيه القيم وانقلبت المعاييرُ واختلطت المُسَمَّيات فأصبح الجُبْنُ والتخاذلُ حِكْمة، وأصبحَ التنازلُ والتفريطُ في الحَقِّ والتُّرابِ الوطنيّ اعتدالاً، وأصبحت الخيانةُ واقعيّةً وحُنْكَةً سياسية. أخْشى ما نَخْشاه أن يَخْرُجَ من بيننا ـ والمُفاوضاتُ دائرة ـ من يُطالبُ ببقاء الاحتلالِ الصهيونيّ لأراضينا خشية اندلاعِ حَرْبٍ أهليّة في فلسطين المُحتلّة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى