السبت ٥ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم خالد أبو خالد

لا لتحويل الجاليات الفلسطينية واللاجئين إلى مغتربين

منذ زمن ليس قصيرا وتحديدا ومنذ مابعد اتفاقات أوسلو ونحن نسمع الكثير من الشائعات التي تتناول موضوع اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم .. في الوطن العربي أو في المهاجر الأجنبية حيث يزيد تعدادهم حسب إحصائيات تقديرية من ستة إلى سبعة ملايين فلسطيني يصنفون جميعا كلاجئين فلسطينيين إذا ما أخذ بعين الاعتبار لجوء الأجداد والآباء عام 1948 وقاعدة هرمهم التي ازادادت بالتوالد منذ العام 1948 الذي هو عام النكبة العربية في فلسطين ..

أما آخر الشائعات التي انتشرت في السنوات العشر الأخيرة .. أو ربما قبل ذلك .. ولم تصلنا إلا متأخرة فهي الشائعات المتعلقة بالتعويض ودفع بعض الأسر إلى تقديم بيانات محدثّة عن وضع الأسر العربية الفلسطينية وملكياتها في فلسطين بهدف الحصول على تعويضات مالية بالدولار في الوقت الذي تحدده الجهات المعنية في الأمم المتحدة ..

كذلك استمعنا إلى إغراءات لتهجير اسر فلسطينية لاجئة بأكملها إلى المهاجر الأجنبية مقابل منحها مبالغ كبيرة من الأموال لا كتعويضات وإنما كمقابل لقبولها التهجير كما يحدث الآن لبعض أسر القرى الفلسطينية التي هاجرت إلى المنافي الأجنبية من قرى قرى فلسطينية في الضفة الغربية من مثل ( قرية بيت ساحور) على سبيل المثال لا الحصر .. كما أن الشائعات لم تتوقف إذ سمعنا ونسمع ومنذ سنوات شائعات كثيرة عن التوطين والتجنيس في البلاد العربية - وكندا على وجه التحديد والتي سمعنا أنها أعلنت قدرتها على استيعاب عشرة ملايين لاجىء فلسطيني نظرا لمساحتها كذلك عن بعض بلدان وممالك شرق آسيا .. وقد نسمع غدا عن تهجير اللاجئين الفلسطينيين إلى بعض كواكب الفضاء التي اكتُشِفت أن الحياة ممكنة فيها أو غير ممكنة .. فالخلاص من عبء اللاجئين الفلسطينيين هو هدف هذه الشائعات .

خصوصا وان من يزعمون أنهم يمثلون الشعب العربي الفلسطيني هم الأكثر إحساسا بهذا العبء وثقله وهم بالتالي الأكثر نشاطا في محاولة البحث عن حلول ( خلاقة ) على حد تعبير سيء الصيت صائب عريقات .. لتحلهم من هذا العبء ..

لكن شائعة تحويل اللاجئين العرب الفلسطينيين إلى مغتربين هي الشائعة التي وضعت الآن في التداول - وكان أحد وزراء جماعة أوسلو قد زار مخيم عين الحلوة في لبنان قبل سنوات ووقف يلوح / بجواز السفر الفلسطيني/ قائلا / نحن نناضل من أجل هذا .. ومن هنا جرى منح عدد من هذه الجوازات لعدد من الذين دُفعوا للحصول عليه على اعتبار أنه يوفر لهم الحصول على عمل في بلد .. كما يسهل لهم السفر إليه دون معوقات .. وهذه شائعة لم تصمد في الممارسة .. فالمواطن العربي الفلسطيني يعاني في الانتقال من قطر عربي إلى آخر .. مهما كانت الوثيقة التي يحملها .. إذ أن إحدى الدول قد نصحت أحد المتقدمين للحصول فيها على إقامة دائمة اقترحت عليه السفر إلى أحدى بلدان أميركا اللاتينية الصغيرة لشراء جنسية وجواز سفر بحيث يستطيع على اساس ذلك الحصول على عمل وإقامة دائمة بحسب اقتراح المسؤول العربي ..

على كل حال كانت هذه المقدمة ضرورية للوصول إلى هدف مانريد قوله حول موضوعية المغترب والإغتراب .. وقرار م . ت . ف لتحويل كل الفلسطينيين خارج فلسطين في البلاد العربية أو المهاجر الأجنبية إلى مغتربين .

وهنا لابد من تعريف صحيح للمغترب كما اصطلحت عليه كل الدول .. فالمغترب هو الذي يغادر أرض الدولة التي يحمل جنسيتها مختارا أو بسبب من ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية ثم يستقر حيث يكون فيغدو مغتربا في نظر دولته وهو بالتأكيد مالاينطبق على اللاجىء العربي الفلسطيني الذي استولى العدو الصهيوني على أرضه وطرده منها بعد أن هدم بيته .. أو قريته .. أو مدينته وقتل أهله أو بعض أهله وابناء شعبه .. وتم طرده نهائيا من وطنه وأصبح تحت رعاية /وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين/ وهي غير الوكالة الدولية للاجئين في العالم والتي تقع على عاتقها مهمة إعادة اللاجئين إلى أوطانهم .

ولأن م ت ف والمتنفذين فيها من جماعة / أوسلو/ غير مقتنعين بذلك ويعدون على تحويل الفلسطيني العربي المشرد من بيته ووطنه إلى مغترب فقد اخترعوا /حلا / إبداعيا / ودائما حسب تعبير سيء الصيت /صائب عريقات/ هو إحداثها / دائرة المغتربين/ كإحدى دوائر م.ت. ف ووجهت هذه الدائرة بتاريخ الخامس عشر من كانون ثاني 2011 رسالة لاتحمل توقيعا وإنما اكتفي بأن تكون الرسالة مروّسة بشعار م.ت.ف وموقعة باسم /دائرة المغتربين فيها / وتدعو هذه الرسالة الجاليات العربية الفلسطينية إلى قبول دعوة هذه الدائرة /المخترعة / إلى مؤتمر أو اجتماع موسع في رام الله أو بيت لحم في حدود منتصف أيار 2011 وذلك للتباحث في جملة قضايا يمكن تلخيصها على النحو التالي:

* التباحث في أوضاع الجاليات في بلدان إقامتها وفي علاقتها بالوطن ـ والوطن هو تحديدا مشروع أوسلو

وتقول الرسالة الموضوعة على الانترنت إن هذه الفكرة سبق وأن نوقشت مع أبو مازن الذي رحب بها ووافق عليها وأنه في حال وافقت عليها الجاليات سوف يتم إعطاء التوجيهات إلى الجهات المعنية لتسهيل دخول ممثلي هذه الجاليات إلى رام الله أو بيت لحم وترتيب إقامتهم خلال انعقاد المؤتمر

* أما جدول الأعمال الذي لم يتبلور بعد فهو يتضمن عددا من الأفكار المتعلقة باستحداث إطار موحد للجاليات والجمعيات والاتحادات على مستوى كل بلد أوروبي وعلى مستوى القارة الأوروبية ككل .

* توحيد الجهود في إحياء المناسبات الفلسطينية بالتعاون مع "السفارات " الفلسطينية في تلك البلدان الأوروبية / عن طريق الخدمات القنصلية / في تلك السفارات

* ومواجهة /سياسات " إسرائيل العنصرية " وتنظيم فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني حتى فيما يتعلق بزيارات المتضامنين الأجانب إلى رام الله أو بيت لحم للتضامن ضد الجدار أو لصالح القرى التي استولى العدو على أراضيها بسبب من هذا الجدار ..

وثمة مقترحات أخرى بما يعني أن / دائرة المغتربين قد وضعت بالفعل جدول أعمال للقادمين إلى هذا الاجتماع الموسع ..

المهم في موضوع /المغتربين/ هذه هو الخطورة التي تنطوي عليها والتي لاتلفت الانتباه لأنها مغلفة بموضوعات من مثل التوحيد والنشاط والتضامن وهي موضوعات لايختلف عليها اثنان من أبناء شعبنا ولذا فمن الأهمية الذهاب إلى تحليل الهدف من وراء هذا كله .. خصوصا وأننا تعودنا ومنذ البرنامج المرحلي برنامح النقاط العشر الذي مثل في المحصلة بوابة من بوابات الوصول إلى / أوسلو/ تعودنا على لغة ملتبسة وعلى كلام حق يراد به الباطل دائما مما يدفع إلى التأكيد على أن النوايا التي تقف وراء هذه الدعوة ليست صافية وليست وطنية بالتأكيد ..

ذلك لأن تحويل اللاجىء الفلسطيني إلى مغترب هو الهدف الأول من استحداث ماسمي / دائرة المغتربين / في منظمة التحرير الفلسطينية التي لم تعد هي ذات المنظمة منذ البرنامج المرحلي .. ومنذ إجراء التغييرات على ميثاقها الوطني الفلسطيني لصالح برنامج أوسلو
وبالتالي إن محاكمة مايريد واضعو المشروع يجب أن تحتكم إلى مسألتين

الأولى : أن العربي الفلسطيني ليس مغتربا ولا يمكن أن ينطبق عليه هذا المصطلح ..

الثانية : هي كشف نوايا واضع المصطلح/ المغتربون / الذي يعني فيما يعني أن ينظر إلى الأجيال الفلسطينية الجديدة المولودة بعد العام 1948 على أنهم ليسو لاجئين .. فهم لم يطردوا من فلسطين وإنما الذي طردوا هم أباءهم وأجدادهم وهؤلاء انقرضوا أو سبيلهم إلى الانقراض وهذا يذكر بما كانت تقوم به وكالة الغوث من قطع إعاشة من يستقلون عن العائلة اللاجئة في عمل أو مهجر خلال الإحصاءات التي كانت تقوم بها الهيئة من وقت لآخر في مناطق اللجوء وخاصة في الضفة الغربية وهي إجراءات عايشناها ووقعت علينا وعلى كثير من أقاربنا ومعارفنا بحيث يتحول الناس بجرة قلم خارج دائرة اللاجين الفلسطينيين

وهو بالضبط ماتستهدفه / دائرة المغتربين / في م.ت.ف حيث تقوم جماعة أوسلو بتوزيع جوازات سفر على أفراد الجاليات تجعلهم منتمين إلى كيان أوسلو الهزيل ومن ثم تلتفت إلى المخيمات وإلى تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في البلاد العربية لكي يتحول مايزيد على ستة ملايين لاجىء إلى مجرد مغتربين ..

والسؤال الآن مالذي يمكن أن يفعله الكيان الصهيوني أو الحركة الصهيونية أكثر من ذلك وهل لوحاول أن يقوم بهذا .. هل يستطيع أن يفعل ذلك بدون وجود جماعة أوسلو وكيانهم المسخ .
إن الاعتبار الوطني يشترط أن نعي هذه الأساليب وأن نحرض على كشفها أولا بأول لأن تحويل اللاجئين العرب الفلسطينيين إلى مغتربين سوف ينجح كما نجح مشروع الاستيطان الصهيوني الذي جرى السكوت عنه حتى تضخم وتوسع واصبح موضوعا للتداول في تبادل الأراضي تحت شعار أنه لايمكن إزالة الإستيطان والقضاء عليه وبالتالي يجب أن يحل عن طريق تبادل الاراضي أو المناطق وبالطريقة التي يريدها العدو الصهيوني الآن ويريد لكل فلسطين أن تتهود بالمحصلة ...

من هنا يجب التأكيد على أن وأد المشاريع المشبوهة / كمشروع المغتربين / يبدو ممكنا في مهده قبل أن يتسفحل ويحول إلى أمر واقع .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى