الخميس ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٥
بقلم إدريس ولد القابلة

المال ومشروع قانون الأحزاب المغربي

رغم أن مشروع قانون الأحزاب بالمغرب قطع جملة من المراحل إلا أنه يبدو أن "حمار الشيخ وقف في العقبة"، والعقبة هذه المرة هي الإشكالية المالية، وذلك رغم أن حكومة إدريس جطو حاولت بكل ما أوتيت من قوة ومن "ذكاء سياسي" تمرير المشروع اعتملدا، ليس على نقاشه في البرلمان، ولكن في الكواليس والنقاشات البينية الخاصة وعن طريق التفاوض المباشر مع بعض الجهات كل واحدة على حدة، كأن البرلمان المغربي لا يشكل فضاءأ للقيام بهذه المهمة بكل وضوح وشفافية، علما أنه من المفروض أن من مهامه الأساسية الأولى مناقشة مشاريع القوانين والبث فيها وليس الاقتصار على التصديق عليها بعد الحسم فيها خارجه ووراء ظهره، وهذا ما تُقر به كل أنواع الديمقراطية التي عرفتها البشرية إلى حد الآن.

و لعل النقطة التي تثير الآن أكبر جدال هي تلك المرتبطة بالمراقبة المالية للأحزاب السياسية بواسطة المجلس الأعلى للحسابات. وهذا علاوة على النقطة المتعلقة بنسبة المنخرطين بالحزب كشرط جوهري للاعتراف بوجوده من عدمه.

ولعل أهم انتقاد حقق إجماع الطبقة السياسية المغربية هو النقد المتمحور حول أهمية وثقل دور وزارة الداخلية بخصوص الاعتراف بالأحزاب أو حلها، وهذه نقطة عبرت عن رفضها، جملة وتفصيلا، كل الأحزاب الديمقراطية الفعلية، بل ونادت بالتصدي إليها بقوة لأن من شأنها أن تُرجع البلاد إلى عهد ما قبل الحديث والتشدق بالتغيير وهذا أمر غير مقبول بجميع المقاييس. ومقابل ذلك تنادي تلك الأحزاب بإعطاء هذا الدور بالأساس للقضاء باعتبار أنه لا مدخل لوزارة الداخلية فيها لاسيما نظرا لتاريخها الأسود المجيد" في مجال عرقلة التطور العادي والطبيعي للحراك السياسي بالمغرب.

وتظل الاشكالية المالية هي التي تستأثر بالاهتمام الأكبر حاليا، لاسيما بخصوص المعايير المعتمدة لتمكين الأحزاب من الدعم المالي. ويسعى وزير الداخلية المغربي في التوصل إلى اتفاق بصدد هذه النقطة الشائكة، وذلك اعتمادا على أطروحة روج إليها بكثرة مؤخرا، وهي القائلة أنه لا يسعى إلا لتطبيق وتكريس الرغبة الملكية الساعية إلى تقوية الأحزاب السياسية المغربية وتحسين تدبيرها المالي عن قرب. وهذه الرغبة الملكية الأكيدة حسب وزير الداخلية تترجم عبر الإجراءات والتدابير التالية: تقتصر الاعانات المالية على الأحزاب السياسية التي حضيت بـ 5 في المائة من الأصوات المعبر عنها في انتخابات 2002، علما أن هذه النسبة قد سبق تحديدها في 3 في المئة عوض 5 سنة 2002 الشيء الذي فتح الباب لتناسل أحزاب ليس لها من الحزب إلا الاسم ورئيسها وربما مقر مؤقت في مدينة كبيرة. وهذه نقطة ليس هناك اجماع بخصوصها. وفي هذا الصدد طالب كل من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال تحديد هذه النسبة في 10 في المائة وليس 5 كما هو وارد في المشروع. أما الأحزاب الأخرى، لاسيما الديمقراطية منها تطالب باعتماد نسبة أقل من 5 في المئة، علما أن هناك الكثير من الأحزاب المغربية لا تحضى بهذه النسبة. وهذا هو بيت القصيد، إذ أن المشروع يهدف إلى تشكيل أحزاب كبيرة عوض تناسل "الحثزيبيات" كما هو الشأن حاليا بالمغرب المطبوع أساسا بالبلقنة الحزبية.

و يبدو أن أكبر ضحية لمشروع قانون الأحزاب، الأحزاب اليسارية المغربية التي لم تحقق في الاستحقاقات الأخيرة إلا أقل من 3 في المائة مجتمعة، ورغم ذلك يبدو أنها مستعدة لقبول نسبة 5 في المائة.

أما حزب العدالة والتنمية فكان له رأي مميز عن السرب، فهو اقترح تخصيص 90 في المائة من إجمالي الغلاف المالي لدعم الأحزاب الكبيرة التي تحضى بنسبة تفوق 7 في المائة وتوزيع 10 في المئة المتبقية على الأحزاب الأخرى لتمكينها من الاستمرار في الوجود.

في حين أن وزير المالية اقترح توزيع 50 في المئة من الغلاف المالي الإجمالي حسب النسبة التمثيلية و25 في المائة حسب عدد النواب والمستشارين وهو اقتراح لم يلق أي قبول باعتبار أن الجميع يدعو إلى حل مجلس المستشارين والاحتفاظ بغرفة واحدة فقط عوض غرفتين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى