السبت ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
أحدث إصدارات عبد الله زايد

المنبــوذ

رواية تحمل هموم المواطن ومحنة الإنسان العربي

صدرت عن دار "دون كيشوت" الأسبانية و بالتعاون مع دار "عين الزهور" السورية، رواية " المنبوذ " للكاتب عبدالله زايد. وتم تقديم الكاتب والرواية في المكتبة الوطنية الإسبانية، وسط حضور من المهتمين بمجال التأليف الروائي، وعدد من الأدباء الإسبان، إضافة إلى أعداد أخرى من المثقفين العرب المقيمين في إسبانيا.

خلال حفل تقديم رواية "المنبوذ" في المكتبة الوطنية في مدريد، من اليمين مؤلف رواية المنبوذ، فالسيد فرناندو بيريرا ميثكيدا، مستشار وزارة الثقافة الإسبانية، ثم مديرة المكتبة الوطنية الروائية روسا ريغاس، فالكاتبة والناشرة ملك مصطفى

وفي مستهل حفل الإعلان عن رواية "المنبوذ" ألقت مديرة المكتبة الوطنية في إسبانيا الدكتورة والكاتبة الروائية روسا ريغاس، كلمة قالت فيها: أنا أشعر بحميمية مع العالم العربي، وهذا نتج من خلال زياراتي وعلاقاتي مع أشخاص عرب تحولوا إلى أصدقاء.
وأضافت: إنه من الغريب في الأمر أنني كلما تعرفت على إنسان عربي جديد، شعرت بحميمية أكثر مع العرب.

من جانبه نوه مستشار وزارة الثقافة الإسبانية فرناندو بيريرا بالأدب العربي، والأدباء العرب، وفي كلمته قال: إن هذه مناسبة جميلة وهي فرصة جيدة للقاء الأصوات الجديدة من العالم العربي التي تكتب في مجال الرواية. وأضاف: إن وزارة الثقافة الإسبانية تقوم سنويا بدعم مئات الكتب التي تتم ترجمتها للغة الإسبانية، وإن الأدب العربي ليس بمعزل عن هذا الاهتمام.

ثم استحضرت الناشرة السيدة ملك مصطفى في كلمتها البداية مع رواية "المنبوذ" التي لم تكن بداية تقليدية، مثلما هي الرواية التقليدية المتعارف عليها، التي تخضع لتسلسل زمني محافظ، وقالت: كانت علاقة فيها من تلقائية "الإنترنت" وسرعتها في كسر الحواجز وإلغاء المسافات. حيث إن الكاتب أرسلها لي، وبعد قراءتها شعرت أنه لا بد من تبنيها لأنه لا بد من صوت خليفة للكاتب العلم.. عبد الرحمن منيف.

ثم شرعت تستعرض زوايا هذا العمل الروائي، فقالت: لقد استطاعت رواية "المنبوذ" أن تبقي على التسلسل الزمني كإطار خارجي لها، مخفية الترتيب الزمني للأحداث، باستبدال علاقات التتابع بعلاقات التداخل، وتفكيك الحديث وتهشيمه بانتقال الراوي في سرده بين الماضي والحاضر حسب ما تقتضيه الحاجة. فجاءت، بقالب الرواية التقليدية. ولهذا فهي لا تمتلك الخيال العلمي ولا توقعات فيها، إلا ما تحمله المفاجأة الحقيقية. إلا أن تداخل الحكايا من خلال بانوراما الوصف الدقيق السينمائي، يحمل القارئ معه وكأنه المشاهد في قاعة السينما.

الكاتب عبد الله زايد جعلنا نعيش من خلال روايته " المنبوذ " أجواء الثلاثينيات البسيطة منتقلا بنا إلى تناقضات الحاضر وشعاراته الجوفاء من خلال شخصية بطله الحاضرة في شخصياته المتنوعة، هي ورقته الحزينة التي شاء القدر له أن يلعبها، حتى في أحلامه التي لايرى فيها إلا بيئته العامرة بالتناقضات. إنها مأساة متلومة في أزمان عذابات.

لقد استطاع الكاتب أن يربط ربطا محكما بين الزمان والمكان والحدث, فالقارئ لا يجهد نفسه لالتقاط المعنى لأنه حاضر في وصف مليء بالفجائع والضيق، ولم يأت هذا من أحداث هامشية، لأن الكاتب تعاطى مع قضايا الوطن منتجا رواية تحمل هموم المواطن ومحنة الإنسان العربي الموعود بقمع الحاكم وزبانيته.

وأضافت: لقد جاءت "المنبوذ" ببنية روائية شفافة تحمل تعدد الدلائل على استحالة الحوار في مجتمع يأتي من الدولة وأدواتها، من بشر يعيشون على الفساد والتمايز الطبقي، القهر الإنساني ومعاناة المرأة التي لا تنتهي، على الرغم من التناول الخجول لها من الكاتب.

في الرواية نعيش صورة مجتمعية واضحة عن مجتمع البادية في بداياته الأولى ثم استسلامه للتغيير الظاهري التكنولوجي مع البقاء على الموروثات التعيسة بالعادات والتقاليد. سيطرة تقنية على عقلية بدوية.
الرواية لا تخلو من الوطنية، من مجابهة العدو والرفض للاستغلال، على الرغم من المنفى الداخلي الذي كان يعيشه داخل مناف خارجية.
ذاكرة الطفولة مذهلة قادرة على الامتصاص العجيب لتأتي لاحقا بمرحلة الطرح والمعالجة. فالذاكرة، بالرواية، هي التي تلاحق الإنسان وتصاحبه إلى آخر لحظات حياته.

ونوهت إلى أن رواية "المنبوذ" صرخة تنبيه وتوعية، ولكن لا بد من تضافر كل الطرق للوصول إلى النتيجة المطلوبة، كما أن هناك تناقضا ملحوظا يطرحه لنا الكاتب بين ما يقال وما يطبق، والفرق شاسع بينهما. مجتمع متدين دون ترجمة حقيقية للعدالة، لإنصاف الفقراء والضعفاء، وبشكل خاص، النساء.

وأكدت قائلة: لقد وفق الكاتب في نقل صورة حقيقية لمجتمعات فئوية عشائرية، وأسهم في تقوية هذا الجانب، سياسة ترسيخ هذه الانتماءات والتعصب لها. العالم يتقدم ونحن نتراجع.

وأضافت: إن لغة الرواية لغة سهلة استطاع الكاتب من خلالها، وبكل بساطة، أن يصور الشوق، الخوف، الحب والقلق. ومن هنا جاءت جماليتها، من خلال توظيفها وعلاقتها بالمحيط.

تنتهي الرواية إلى أن القسوة والحرمان، شيئان طبيعيان في بلادنا. يقول الكاتب: " لا غرابة في أن تُهان، ولا غرابة في أن تُطرد، وأن تُحتقر " لم أدرك معاني الكبرياء، عشت ذليلا بائسا منبوذا.... إنه قدرنا ". ويتدارك الإنسان إنساننا فيقول: " كان على أبي أن يضيف قيمة للحياة داخل نفسي".

الإنسان هو هذا الكيان الهائل أتى الحياة ليكون موضع التجريب فيها، وليثبت لها أنه صانعها، صانع حياته، كحد أدنى.
بعد ذلك ألقى عبد الله زايد مؤلف رواية " المنبوذ"، كلمة قال فيها: ليس أروع من أن أحييكم بـ ( السلام عليكم ورحمة الله ) وهل يتوق البشر إلا للسلام، وهل ينشدون سواه؟! والكلمة في حد ذاتها كانت جسرا للسلام، والكلمة ظلت على مدى التاريخ جواز المرور إلى قلوب البشر.. وفي البدء كانت الكلمة.

وإني لسعيد جدا وممتن لهذه المبادرة الحضارية الثقافية التي أتاحتها لي "المكتبة الوطنية بمدريد" لكي أقف أمامكم من بلاد صديقة وأمة عريقة تحمل لكم في وجدانها قرابة الروح وصدق المشاعر.

كما أنني سعيد وممتن أن تشرفني دار "دون كيشوت" بطباعة ونشر روايتي "المنبوذ" كخطوة على طريق حكاية طويلة من أجل مجد الإنسان والدفاع عنه والوقوف معه في كل ما من شأنه نشر السعادة والتقدم على الأرض.

أيها السيدات والسادة: روايتي "المنبوذ" قطرة في محيط معرفي وإبداعي تزخر به الثقافة الإسبانية العريقة العملاقة، والكتاب والمؤلفون في العالم إخوة، ولي هنا في ثقافتكم وأدبكم إخوة كثيرون، أولهم سرفانس وآخرهم كلليو.. أصواتهم وكلماتهم تسكن أحاسيسي وأحاسيس كل القراء والمهتمين بالكتب وعالم الفكر.

كتابي قطرة قابلتموني أمامها ببحر من النبل الإنساني، وإني لأرجو أن يترفق بي من يقرأني، فما أنا إلا تلميذ في مدرسة العمالقة.. يشرفني أن تصافح عينيه كلماتي. ولكم جميعا كل الحب والتقدير.

وفي إطار جهدها لإظهار الأدب العربي والروائي بصفة خاصة نظمت دار "دون كيشوت" زيارة لقسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة الاتونوما في مدريد، حيث التقى أساتذة قسم اللغة العربية وطلابها، مؤلف الرواية، وحضر اللقاء البروفسور المتقاعد بيدرو مارتينيث مونتافث، وهو أستاذ مستعرب وكان المسؤول عن كلية الآداب قسم اللغة العربية في الجامعة لأكثر من ثلاثين عاما، كما حضرت اللقاء الدكتورة مكارفي رويث برافو، رئيسة قسم اللغة العربية في الجامعة، وهي مختصة بالفكر العربي، إضافة إلى عدد من الطلاب الدارسين في قسم اللغة العربية في الجامعة.
كما تم تقديم الرواية وكاتبها في المركز الثقافي العربي السوري في مدريد بحضور الكثير من العرب المغتربين.

يذكر أن رواية "المنبوذ" صدرت باللغة العربية عن دار "دون كيشوت" بالتعاون مع دار "عين الزهور" قبل نحو ثلاثة أشهر، تمهيدا لصدورها باللغة الإسبانية.

رواية تحمل هموم المواطن ومحنة الإنسان العربي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى